إلَيْهِ لِكَمَالِ الِانْتِفَاعِ لَا لِأَصْلِهِ كَالْمِظَلَّةِ، وَالْغِطَاءِ، وَالْوِطَاءُ وَمَا يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ وَأَحَدُ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ لِلْعُرْفِ، وَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً إلَى بَلَدِهِ فَغَايَةُ اسْتِحْقَاقِهِ تَبْلِيغُهُ عِمْرَانَهَا لَا دَارِهِ وَلَا يَنَامُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ النَّوْمِ، فَإِنْ اُعْتِيدَ نُزُولٌ لِإِرَاحَةٍ، أَوْ لِعَقَبَةٍ صَعْبَةٍ، فَإِنْ شَرَطَ اهـ، أَوْ عَدَمَهُ اتَّبَعَ، وَإِنْ أَطْلَقَا فَلَا نُزُولَ عَلَى امْرَأَةٍ وَمَرِيضٍ وَكُلِّ عَاجِزٍ وَفِي لُزُومِهِ لِلرَّجُلِ الْقَوِيِّ وَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ لِلْعَقَبَةِ دُونَ الْإِرَاحَةِ (وَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِلْخِيَاطَةِ (الْخَيْطُ) لِلْعُرْفِ وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي هَذِهِ، وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ وَقَطَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُدَّةٍ، وَجَوَّزَ التَّرَدُّدَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى عَمَلٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ، أَوْ الصِّبْغَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ هَلْ نَقُولُ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُهُ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ كَالثَّوْبِ، أَوْ إنَّ الْمُؤَجِّرَ أَتْلَفَهُ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْكَلَامُ فِي مَاءِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزُّرُوعِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ وَفِي اللَّبَنِ، وَالْكُحْلِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْخَيْطُ، وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحَوِّجُ إلَى تَقْدِيرِ نَقْلِ الْمِلْكِ وَأَلْحَقُوا بِمَا تَقَدَّمَ الْحَطَبَ الَّذِي يَقُدُّهُ الْخَبَّازُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتْلَفُ عَلَى مَالِكِهِ انْتَهَى
. (وَالرَّضَاعُ لَيْسَ يَتْبَعُ حَضَانَةً) كُبْرَى وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا مَعَ الصُّغْرَى (وَ) كَذَا (عَكْسُهُ) لَا تَتْبَعُ الْحَضَانَةُ الرَّضَاعَ لِجَوَازِ إفْرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْإِجَارَةِ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ (وَوَزَّعُوا) الْمُسَمَّى فِيمَا (لَوْ لَهُمَا اسْتَأْجَرَ، وَالدَّرُّ) أَيْ: اللَّبَنُ (انْقَطَعْ) عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْحَضَّانَةِ وَلِمَا مَضَى وَلِمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَسَقَطَتْ أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ فِي الرَّضَاعِ دُونَ الْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ وَيَلْزَمُ الْمُرْضِعَةَ أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدَرُّ بِهِ اللَّبَنُ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُكَلِّفَهَا ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ أَكْلِ مَا يَضُرُّ بِاللَّبَنِ.
(وَبُدِّلَ الْمَأْكُولُ) أَيْ: وَلِلْمُكْتَرِي إبْدَالُ مَا تَلِفَ بِأَكْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ لِلْأَكْلِ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَتُهُ فِي سَائِرِ الْمَنَازِلِ كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إذَا بَاعَهَا، أَوْ تَلِفَتْ (إلَّا، إنْ وَقَعَ شَرْطٌ بِأَنْ لَا) يُبَدِّلَ فَلَا يُبَدِّلُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَلَا يُؤَثِّرُ الشَّرْطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ (لَا يُقَالَ فِيهِ شَرْطٌ وَلَيْسَ الْعَقْدُ يَقْتَضِيهِ) فَيَبْطُلُ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِهِ إذَا اقْتَضَى خِلَافَهُ لَا إذَا لَمْ يَقْتَضِهِ وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ شَرَطَ
ــ
[حاشية العبادي]
وَالْوُسْعَ، وَوَزَنَا، أَوْ نَظَرَ اشْتِرَاطَ مَعْرِفَةِ الْمُؤَجِّرِ بِهِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَاكَ أَنَّهُ، إذَا لَمْ يَكُنْ لِلرَّاكِبِ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمِلٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَيُرْكِبُهُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى مَا شَاءَ مِمَّا يَلِيقُ بِدَابَّتِهِ. (قَوْلُهُ: لَا لِأَصْلِهِ) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ الْبَرْذعَةِ، وَالرَّحْلِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِلْخِيَاطَةِ إلَخْ) وَكَالْمُسْتَأْجَرِ لِلْخِيَاطَةِ فِيمَا ذَكَرَ، أَوْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِجَعْلِ جِلْدٍ نَعْلًا فَفِيمَا يَخِيطُ بِهِ النَّعْلَ مِنْ جِلْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ إذْ لَا فَرْقَ فِيمَا يَخِيطُ بِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِلْدٍ كَالسُّيُورِ الرَّقِيقَةِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي نَحْوِ خِيَاطَةِ الثِّيَابِ، نَعَمْ يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِخِيَاطَةٍ شِرَاكٍ مَثَلًا لِنَعْلِهِ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ جِلْدِ الشِّرَاكِ عَلَى الْمَالِكِ وَأَمَّا مَا يُخَاطُ بِهِ الشِّرَاكُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبَ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ) فَالْإِبْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ) أَيْ: وَهُوَ الْأَجِيرُ
(قَوْلُهُ: وَوَزَّعُوا الْمُسَمَّى إلَخْ) يَعْنِي يُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْحَضَانَةِ وَعَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلرَّضَاعِ فِيمَا قَبْلَ الِانْقِطَاعِ وَبَعْدَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ: مُدَّةَ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ لِلْمُكْتَرِي إلَخْ) مُجَرَّدُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَبْطُلُ، إذَا اقْتَضَى خِلَافَهُ) فَإِنْ قِيلَ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَمْ يَطَّرِدْ بِهِ عُرْفٌ أَيْضًا وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: لَا لِأَصْلِهِ) ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ) حَاصِلُ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْحِبْرَ، وَالْخَيْطَ، وَالصِّبْغَ يَنْتَقِلُ فِيهَا الْمِلْكُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا كَالثَّوْبِ، وَالْوَرَقِ، وَأَمَّا الْكُحْلُ، وَاللَّبَنُ، وَمَاءُ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزَّرْعِ فَالْمِلْكُ فِيهَا لِلْكَحَّالِ، وَالْمُرْضِعَةِ، وَمَالِكِ الْأَرْضِ، وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ إنَّمَا يَنْتَفِعُ فَقَطْ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِلنَّقْلِ هُنَا، بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَقَالَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الشَّارِحِ وَإِلْحَاقِهِ الْحِبْرَ بِالْخَيْطِ، وَالصِّبْغِ: إنَّ الْمَعْنَى الْفَارِقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ حُصُولِ الْعَمَلِ، وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ، فَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بَعْدُ كَالْخَيْطِ، وَالصِّبْغِ، فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالثَّوْبِ بَعْدَ خِيَاطَتِهِ بِدُونِ الْخَيْطِ، وَلَا بَعْدَ صَبْغِهِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَصْبُوغًا بِدُونِ الصَّبْغِ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَأْجِرُ، وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَاءِ الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ شُرْبِهَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا، وَإِنْ انْفَصَلَ مَا شَرِبَتْ مِنْهُ عَيْنًا، وَكَالْكُحْلِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْعَيْنِ الْقَدْرَ الْمَعْلُومَ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَالْحَطْبِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ حَمْيِ التَّنُّورِ بِإِحْرَاقِهِ، وَالْخَبْزِ يُسْتَغْنَى عَنْ رَمَادِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحِبْرَ مِنْ الْقِسْمِ سم الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَا يُنْتَفَعُ بِالْمَكْتُوبِ بِدُونِ الْحِبْرِ، وَأَنَّ اللَّبَنَ مِنْ الْقِسْمِ سم الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي الْمَعِدَةِ يَحْصُلُ التَّغَذِّي، ثُمَّ يُسْتَغْنَى عَنْهُ حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ كَانَ التَّغَذِّي بِحَالِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَالظَّاهِرُ مَا عَوَّلَ عَلَيْهِ م ر مِنْ ضَرُورَةِ النَّقْلِ وَعَدَمِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِبْرَ، وَالْخَيْطَ تَبْقَى أَعْيَانُهَا فَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْكُحْلِ، وَاللَّبَنِ، وَمَاءِ الْأَرْضِ، فَإِنَّهَا لِعَدَمِ بَقَاءِ عَيْنِهَا لَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَخْ) أَيْ: يُوَزَّعُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِمَا وَيُسْقَطُ قِسْطُ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فِيهِ، فَلَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ عِشْرِينَ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الْمَاضِي عَشَرَةً وَفِي الْبَاقِي عِشْرِينَ سَقَطَ خُمُسُ الْمُسَمَّى. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: وَلِلْمُكْتَرِي إلَخْ) أَيْ: عَمَلًا بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ؛ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْعَقْدِ لِإِبْدَالِهِ، وَلَا لِعَدَمِهِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ حَمْلُ كَذَا إلَى كَذَا، وَمَا أُكِلَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حُمِلَ إلَى الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ. اهـ. م ر وَع ش.
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وَقَعَ شَرْطٌ بِأَنْ لَا يُبَدِّلَ إلَخْ) مِثْلُ الْمَأْكُولِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ