قَدْرًا فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْصِ قَدْرٍ أَكَلَهُ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ بِالْعَقْدِ لَهَا مُسْتَوْفٍ وَمُسْتَوْفًى بِهِ وَمُسْتَوْفًى مِنْهُ وَمُسْتَوْفًى فِيهِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ إبْدَالِ غَيْرِ الْأَخِيرِ فَقَالَ: (يُبْدَلُ) جَوَازًا فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ، وَالذِّمَّةِ (مُسْتَوْفٍ) ، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الِاسْتِيفَاءِ بِغَيْرِهِ فَفِي الرُّكُوبِ يُرْكَبُ مِثْلَهُ ضَخَامَةً وَنَحَافَةً وَطُولًا وَقِصَرًا، وَمَنْ هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ وَفِي اللُّبْسِ يُلْبِسُ مَنْ هُوَ مِثْلُ حَالِهِ، أَوْ دُونَهُ.
(وَ) يُبَدِّلُ فِيمَا ذَكَرَ (مَا اسْتَوْفَى) أَيْ: الْمُسْتَوْفَى (بِهِ) الْمَنْفَعَةُ بِغَيْرِهِ كَصَبِيٍّ عُيِنَ لِلْإِرْضَاعِ، أَوْ التَّعْلِيمِ وَثَوْبٍ عُيِنَ لِلْخِيَاطَةِ فَيُبَدَّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا شَيْئًا، بَلْ نَقَلَا ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي وَمُقَابِلُهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَأَبِي عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الِانْفِسَاخَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ، أَوْ يَدٍ مُتَآكِلَةٍ فَبَرِئَتَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَهُوَ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا يُبَدَّلُ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ أَمَرَهُ بِقَلْعِ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ، وَقَالَ فِيهَا فِي الْخَلْعِ فِيمَا إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ الِانْفِسَاخُ وَرَجَّحَهُ الْجُمْهُورُ انْتَهَى.، وَهُوَ جَوَابٌ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فِي الْفَتْوَى قَالَ: وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ فِي الرَّضَاعِ؛ بِأَنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهِ وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَالدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ (وَ) يُبَدَّلُ الْمُسْتَوْفَى (مِنْهُ) الْمَنْفَعَةُ بِغَيْرِهِ (فِي) إجَارَةِ (ذِمَّتِهِ) كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مَوْصُوفَةً لِلرُّكُوبِ، أَوْ الْحَمْلِ، أَوْ أَلْزَمَ شَخْصًا عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ فَيُبَدِّلُهُمَا الْمُؤَجِّرُ بِغَيْرِهِمَا (بِعَابِهِ وَتَلَفِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: بِتَعَيُّبِهِ، أَوْ تَلَفِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبٌ وَلَا تَلَفٌ لَمْ يُبَدَّلْ، إلَّا بِالتَّرَاضِي، أَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمَبِيعُ، بَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ الْمَنْفَعَةُ كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَخْرُجَ بِهَا إلَى قَرْيَةٍ فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى مُسَاوِيَةٍ لَهَا فِي الطَّرِيقِ قَدْرًا وَخُشُونَةً وَخَوْفًا، وَغَيْرَهَا (وَاللِّبْسَ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ: الْمَلْبُوسُ (نَزَعْ) مُسْتَأْجِرُهُ وُجُوبًا (إنْ نَامَ لَيْلًا) ، سَوَاءٌ الْمَلْبُوسُ الْأَعْلَى، وَالْأَسْفَلُ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُ الْإِزَارِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى سِتْرِ الْعَوْرَةِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى الْعَادَةِ لَعَمَّمَ الْحُكْمَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ أَسْفَلَ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا لَكِنَّ كَلَامَهُمْ كَالْمُصَرِّحِ بِمَنْعِ ذَلِكَ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ فِيهِ أَنْ يَشْرِطَهُ (وَمِنْ الْأَعْلَى يَدَعْ قَيْلُولَةً، أَوْ خَلْوَةً لَا يُعْذَرُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَخَلْوَةً أَيْ: وَلَا يُعْذَرُ مَنْ يَتْرُكُ الْمَلْبُوسَ الْأَعْلَى عَلَيْهِ فِي نَوْمِ الْقَيْلُولَةِ وَفِي الْخَلْوَةِ فَيَلْزَمُهُ نَزْعُهُ دُونَ الْأَسْفَلِ فِيهِمَا وَثِيَابُ التَّجَمُّلِ إنَّمَا تُلْبَسُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالتَّجَمُّلِ كَحَالِ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ، وَنَحْوِهِ وَدُخُولِ النَّاسِ عَلَيْهِ (وَيُرْتَدَى بِهِ) أَيْ: بِالْمُسْتَأْجَرِ لِلُبْسِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الِارْتِدَاءِ دُونَ ضَرَرِ اللُّبْسِ. (وَلَا يَأْتَزِرُ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَرُّ بِالْقَمِيصِ مِنْ اللُّبْسِ قَالَ الشَّيْخَانِ: قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَإِذَا اكْتَرَى لِلِارْتِدَاءِ لَمْ يَجُزْ الِاتِّزَارُ وَيَجُوزُ التَّعَمُّمُ.
(وَهْوَ) أَيْ: الْمُكْتَرِي (أَمِينٌ) عَلَى مَا اكْتَرَاهُ (ضَامِنُ التَّقْصِيرِ) أَيْ: ضَامِنٌ فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِهِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَى مَا اكْتَرَاهُ كَالنَّخْلَةِ الْمُبْتَاعِ ثَمَرَتُهَا بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ (كَحَافِظِ الْحَمَّامِ)
ــ
[حاشية العبادي]
هُوَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْإِبْدَالَ وَلِذَا اسْتَحَقَّ الْإِبْدَالَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَفْقَهُ الْأَوَّلُ اهـ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُبْدِلُ. (قَوْلُهُ: يُرْكِبُ مِثْلَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُبْدَلُ الرَّاكِبُ بِالْحَمْلِ وَعَكْسِهِ، وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ. (قَوْلُهُ: وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ) يُجَابُ بِأَنَّ وُجُوبَ تَعْيِينِهِ لِيَعْرِفَ الْقَدْرَ الْمُسْتَحَقَّ لِيَسْتَوْفِيَ هُوَ، أَوْ مُمَاثِلُهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: إنْ نَامَ لَيْلًا) فَلَا يَجِبُ لَيْلًا، مَعَ الْيَقَظَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَعْتَادُ أَهْلُهُ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ مُطْلَقًا نَفِيسًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ أَنَّهُ، إذَا اُعْتِيدَ شَيْءٌ كَانَ الْمُؤَجِّرُ مُوَطِّنًا نَفْسَهُ عَلَيْهِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: يَدَعُ) أَيْ: عَلَيْهِ
[حاشية الشربيني]
الْمَحْمُولَاتِ وَهَذَا مِنْ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَخَرَجَ الْمُسْتَوْفِي قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ: فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَانْظُرْ لَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ، أَوْ عِبَارَةِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ أَيْ: الْمُسْتَوْفَى فَسَدَ الْعَقْدُ، بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَوْفَى فِيهِ وَبِهِ فَيَجُوزُ شَرْطُ مَنْعِ إبْدَالِهِمَا وَيُتَّبَعُ. وَفُرِّقَ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ حَجْرًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْعِ بَيْعِ الْمَبِيعِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا عَدَا التَّوْجِيهَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ الْأَقْوَى نَعَمْ إنَّمَا جَرَتْ عَادَةُ الْحَجِيجِ بِالْأَكْلِ مِمَّا مَعَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَمَا دَامُوا فِي الْعُمْرَانِ يَأْكُلُونَ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُبَدِّلُ) أَيْ: وُجُوبًا وَبِدُونِ الْعَيْبِ، وَالتَّلَفِ جَوَازًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَدِّلْهُ فِي الْأَوَّلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: إنْ نَامَ لَيْلًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ مَشَى طُولَ اللَّيْلِ لِحَاجَةٍ، وَلَمْ يَنَمْ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، فَإِنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ النَّوْمِ. اهـ. م ر. اهـ. شَوْبَرِيُّ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَبِيعِ) لِتَمَحُّضِ قَبْضِهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ م ر ق ل ع ش أَيْ فَيَضْمَنُهُ، إذَا تَلِفَ، لَكِنَّهُ يُشْكِلُ الضَّمَانُ بِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ كُوزَ السِّقَاءِ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute