للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّهُ أَمِينٌ عَلَى ثِيَابِ مَنْ دَخَلَهُ، وَنَحْوِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْحِفْظُ إلَّا بِاسْتِحْفَاظِ الدَّاخِلِ لَهُ وَمَا يَأْخُذُهُ هُوَ فِي مُقَابَلَةِ الْحِفْظِ، وَالْإِزَارِ، وَالسَّطْلِ، وَالْحَمَّامِ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَغَيْرُ مَضْبُوطٍ فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ (وَالْأَجِيرِ) سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا، وَهُوَ الْمُعَيَّنُ، أَمْ مُشْتَرَكًا، وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعَمَلِ فِي ذِمَّتِهِ؛ إذْ لَيْسَ أَخْذُهُ الْعَيْنَ لِغَرَضِهِ خَاصَّةً فَأَشْبَهَ عَامِلَ الْقِرَاضِ وَسُمِّيَ الثَّانِي مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّهُ إنْ الْتَزَمَ الْعَمَلَ لِجَمَاعَةٍ فَذَاكَ، أَوْ لِوَاحِدٍ فَقَطْ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَلْتَزِمَهُ لِغَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ (وَإِنْ مَضَتْ مُدَّتُهُ) الْمُعَيَّنَةُ لِلْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِوَقْتٍ فَإِنَّهُ أَمِينٌ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، بَلْ التَّخْلِيَةُ (وَ) كَذَا (إنْ عَبَرْ إمْكَانُ) أَيْ: مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ (الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ) لِلْمَنْفَعَةِ فِيمَا إذَا قُدِّرَتْ بِعَمَلٍ كَأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان فَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ الرُّكُوبِ إلَيْهِ (وَاسْتَقَرْ) عَلَى الْمُكْتَرِي (أَجْرٌ) أَيْ: الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَأَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدَةِ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، إنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِوَقْتٍ وَبِمُضِيِّ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إنْ قُدِّرَتْ بِعَمَلٍ.

(وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) بِالْمَأْجُورِ، وَلَوْ لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ وَمَرَضٍ لِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ كَالْمَبِيعِ إذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْضًا لِمَا زَادَ (تَعَيَّنَا مَأْجُورٌ) أَيْ: سَوَاءُ تَعَيَّنَ الْمَأْجُورُ فِي الْعَقْدِ (أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ عَنْهُ عَيْنًا لِتَعَيُّنِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ، وَالتَّمْكِينِ (أَوْ) كَانَ (هُوَ) أَيْ: الْمَأْجُورُ (الْحُرُّ) بِأَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ وَسَلَّمَهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُكْتَرِي، وَلَوْ لِعُذْرٍ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، أَوْ مُدَّةُ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّ أُجْرَتَهُ تَسْتَقِرُّ، وَإِنْ كَانَ الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ كَصَبِيٍّ عُيِّنَ لِلْإِرْضَاعِ وَثَوْبٍ عُيِّنَ لِلْخِيَاطَةِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْإِبْدَالِ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يَأْتِ الْمُكْتَرِي بِبَدَلٍ لِعَجْزٍ، أَوْ امْتَنَعَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ تَقَرُّرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ مَضَتْ مُدَّتُهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ جَهِلَ الْمَالِكُ مُضِيَّهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ الْإِعْلَامُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ هَذَا وَضَعَ يَدَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوَّلًا بِخِلَافِ ذَاكَ م ر. (قَوْلُهُ: بَلْ التَّخْلِيَةُ) ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّخْلِيَةِ بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ كَانَ ضَامِنًا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمُدَّةِ) هَلْ يَشْمَلُ مُدَّةَ إمْكَانِ الْعَمَلِ فِي الْمَقْدِرَةِ بِعَمَلٍ حَتَّى لَوْ انْتَفَعَ بَعْدَهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْضًا؟ وَالظَّاهِرُ الشُّمُولُ، وَهُوَ مُقْتَضَى اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أُجْرَتَهُ تَسْتَقِرُّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ الْعَمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قَدْ يُوَجَّهُ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْعُذْرِ، أَوْ الِامْتِنَاعِ بَعْدَ تَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَبَيْنَ ذَلِكَ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ تَقَرُّرِ الْأُجْرَةِ) لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَدْ يُصَوَّرُ فِيهَا بِمَا إذَا امْتَنَعَ لِنَحْوِ التَّرَوِّي فِي أَمْرِهِ لَا عَبَثًا، أَوْ يُعْطَفُ قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى قَوْلِهِ تَلَفِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَيَكُونُ مُصَوَّرًا بِالِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمُعَيَّنِ، مَعَ وُجُودِهِ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَلَا اسْتِقْرَارَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، بَلْ شَرْطُ الِاسْتِقْرَارِ تَلَفُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ إبْدَالِهِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمَلُ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

مَضْمُونٍ عَلَى مُرِيدِ الشُّرْبِ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُرِيدَ الشُّرْبُ مِنْهُ بِلَا عِوَضٍ بِرِضَا الْمَالِكِ، فَإِنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْعَارِيَّةِ الْفَاسِدَةِ فَيَضْمَنُهُ دُونَ مَا فِيهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ كَأَوَانِي الطَّبَّاخِ. اهـ. أَيْ: فَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ ظَرْفِهِ يَكُونُ مَأْخُوذًا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِظَرْفِ الْمَبِيعِ هُنَا. (قَوْلُهُ: بِاسْتِحْفَاظِ الدَّاخِلِ) فَتَصِيرُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ أَمَّا، إذَا لَمْ يَسْتَحْفِظْهُ عَلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا أَصْلًا، وَإِنْ قَصَّرَ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَيْ: ع ش مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ بِمَا، إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أُجْرَةَ مَا حَفِظَهَا لَمْ أَعْلَمْ مَأْخَذَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَمَا يَأْخُذُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْحِفْظِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهَا إجَارَةٌ فِي الْحِفْظِ، وَمَا مَعَهُ وَقَوْلُهُ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّمَانِ إلَخْ الَّذِي فِي ع ش أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ إنْ اسْتَحْفَظَهُ وَأَجَابَهُ، أَوْ اسْتَحْفَظَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ أُجْرَةً فَكَأَنَّهُ أَقَامَ أَخْذَ الْأُجْرَةِ مَقَامَ الْإِجَابَةِ اكْتِفَاءً بِالْفِعْلِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ الْقَوْلِ مِنْ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا زَادَ إلَخْ) وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْمُكْثِ فِي الْحَمَّامِ وَبِقَدْرِ اسْتِعْمَالِ آلَاتِهِ وَبِقَدْرِ الْمَاءِ. اهـ. ق ل قَالَ ع ش: وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْعَادَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ) فَهُوَ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ بِقَدْرِ الْعَادَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرِ) فَلَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرُ لَهَا فَإِنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسْلَمًا وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ كَأَنْ تَلِفَ الثَّوْبُ بَعْدَ خِيَاطَةِ بَعْضِهِ فَلِلْأَجِيرِ قِسْطُ عَمَلِهِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَأَنْ انْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ الْمُسْتَأْجَرُ لِحَمْلِهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ بَلْ لَوْ كَانَ مُقَصِّرًا ضَمِنَهَا بِالْقِيمَةِ أَفَادَهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْأَجِيرِ) أَيْ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ بَلْ التَّخْلِيَةُ) أَيْ: كَالْوَدِيعَةِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>