للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأُجْرَةِ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَمَا فَسَّرْت بِهِ الْأَرْشَ هُوَ مَا فِي شُرُوحِ الْحَاوِي، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَهُوَ قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ: لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَطْعِ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْقَطْعِ (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ لِخَيَّاطٍ: إنْ كَانَ هَذَا الثَّوْبُ يَكْفِينِي قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مَشْرُوطٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ قَالَ: هَلْ يَكْفِينِي قَمِيصًا فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: اقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ، ثُمَّ ذَكَرَ صُوَرًا تَنْفَسِخُ فِيهَا الْإِجَارَةُ فَقَالَ: (وَبِانْهِدَامِ دَارِهِ) الْمُكْرَاةِ، وَلَوْ بِهَدْمِ الْمُكْتَرِي انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي مِنْهَا دُونَ الْمَاضِي كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَتَلِفَ الْآخَرُ قَبْلَ قَبْضِهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ فَقَطْ فَيَجِبُ هُنَا قِسْطُ مَا مَضَى مِنْ الْمُسَمَّى بِتَوْزِيعِهِ عَلَى أَجْرِ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ شَهْرَيْنِ وَمَضَى شَهْرٌ وَأَجْرُ مِثْلِهِ ضِعْفُ أَجْرِ مِثْلِ مَا بَقِيَ وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ.

وَمَا ذَكَرَ مِنْ الِانْفِسَاخِ بِهَدْمِ الْمُكْتَرِي الدَّارَ لَا يُنَافِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ تَخْرِيبَهُ لَهَا يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَخْرِيبٌ تَتَعَيَّبُ بِهِ لَا هَدْمٌ كَامِلٌ (وَتَلَفِ مُعَيَّنِ الْأَجِيرِ، وَالظَّهْرِ) أَيْ: وَبِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ مِنْ دَابَّةٍ مَثَلًا، أَوْ أَجِيرٍ فِي غَيْرِ حَجٍّ (وَفِي حَجٍّ) انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ مِثْلَ مَا مَرَّ فَقَوْلُهُ: وَفِي حَجٍّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ بِالْأَجِيرِ، فَلَوْ أَخَّرَ الْأَجِيرَ عَنْ الظُّهْرِ كَمَا فِي الْحَاوِي كَانَ أَوْلَى وَعِبَارَتُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

طَرِيقَةً أَنَّهُ، إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا عَقْدٌ تَعَيَّنَ التَّحَالُفُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا جَرَى عَقْدٌ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَعْقِدَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْخِيَاطَةِ، ثُمَّ بَعْدَ الْخِيَاطَةِ يَخْتَلِفَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَفِي الْإِذْنِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ، وَالتَّحَالُفُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ فَقَطْ. اهـ. (فَرْعٌ)

قَالَ الْخَيَّاطُ: هَذَا الثَّوْبُ الَّتِي دَفَعْتهَا إلَيَّ فَقَالَ الْمَالِكُ: لَيْسَتْ هِيَ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ وَتَبْقَى فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِمُنْكِرٍ م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ) قُلْت: وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ عَادَ الْمَالِكُ وَصَدَّقَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِلَا إقْرَارٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي ضِمْنِ مُعَامَلَةٍ سم وَلَهُ أَيْ: الْخَيَّاطِ نَزْعُ خَيْطِهِ كَالصِّبْغِ وَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّزْعِ، إنْ حَصَلَ بِهِ نَقْصٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ شَدِّ خَيْطٍ فِيهِ أَيْ: فِي خَيْطِ الْخَيَّاطِ يَجُرُّهُ فِي الدُّرُوزِ مَكَانَهُ، إذَا نَزَعَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُ شَرْحُ رَوْضٍ.

(قَوْلُهُ: بِتَوْزِيعِهِ إلَى قَوْلِهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ ذَلِكَ: وَالْعِبْرَةُ بِتَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا بِمَا بَعْدَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. اهـ. وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مُنَافَاةُ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي تَخْيِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْيِيبِ الْحَاصِلِ بِفِعْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ تَخْيِيرُهُ فِي الْإِبَاقِ الْحَاصِلِ بِتَقْصِيرِهِ فَتَقْيِيدُ الْمَاوَرْدِيِّ التَّخْيِيرَ فِيهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ بِتَقْصِيرِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَقَالَةُ بِرّ وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ مَقَالَةٌ مَا يَأْتِي فِي هَامِشِ، وَالنَّقْصُ خَيَّرَهُ بِهِ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ. (فَرْعٌ)

اخْتَلَفَا بَعْدَ تَلَفِ الدَّابَّةِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: كَانَتْ إجَارَةَ ذِمِّيَّةً فَعَلَيْك بَدَلُهَا وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ: كَانَتْ عَيْنِيَّةً فَلَا يَلْزَمُنِي لِانْفِسَاخِهَا فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُؤَجِّرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، أَوْ يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ؟ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّنَازُعُ قَصْدًا فِي لُزُومِ الْإِبْدَالِ وَعَدَمِهِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: مِثْلُ مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ فَتَنْفَسِخُ بِالْكُلِّيَّةِ إلَخْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِأَنَّ عَمَلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ) وَلَوْ الْقَدْرَ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْقَمِيصِ مِنْ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ لِلْقَمِيصِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا أُجْرَةَ لَهُ فَلَهُ نَزْعُ خَيْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِانْهِدَامِ دَارِهِ إلَخْ) أَيْ كُلِّهَا فَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا وَكَانَ مِمَّا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَبَيْتٍ مِنْ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ انْفَسَخَتْ فِيهِ وَبَقِيَ التَّخْيِيرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسُقُوطِ حَائِطٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ الْمُكْتَرِي بِالْإِصْلَاحِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر فَإِنْ أَجَازَ فَفِي الْأُولَى يَلْزَمُهُ الْقِسْطُ فَقَطْ لِلِانْفِسَاخِ فِي الْمُنْهَدِمِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ كُلُّ شَهْرٍ مِنْهَا بِدِينَارٍ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ. اهـ. ع ش مَعْنًى. (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ: لِفَوَاتِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ هُنَا وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَعْلَهُ عَيْبًا فِي الْبَيْعِ لَا فَسْخًا لِبَقَاءِ عَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>