للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِتَلَفِ مُعَيِّنِ الدَّابَّةِ، وَالْأَجِيرِ وَقَوْلُهُ: (إذَا أَحْرَمَ) أَيْ: الْأَجِيرُ لَيْسَ قَيْدًا لِلِانْفِسَاخِ، بَلْ لِمَا قَرَنَهُ بِهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ الْآتِي ذِكْرُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا كَانَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَيُوَزَّعُ الْأَجْرُ عَلَى السَّيْرِ، وَالْأَرْكَانِ؛ إذْ يَبْعُدُ أَنْ لَا يُقَابِلَ السَّيْرَ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ تَعَبًا بِشَيْءٍ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ انْفَسَخَتْ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْمَقْصُودِ كَمَا لَوْ قَرَّبَ الْأَجِيرُ لِلْبِنَاءِ الْآلَةَ وَلَمْ يَبْنِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيِّنِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مَا عَيَّنَ عَنْهُ

. (، وَالْأَرْضِ إذَا مَا فَسَدَتْ) بِزِيَادَةٍ مَا (بِنَحْوِ مَاءٍ، أَوْ قَذًى) عَلَاهَا بِحَيْثُ أَبْطَلَ مَنْفَعَتَهَا انْفَسَخَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ مِثْلُ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَاءٍ، أَوْ قَذًى أَيْ: وَسَخٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ) الْمُكْرَاةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ (سِوَى مَنْ اكْتَرَى) أَيْ: غَيْرُ مَنْ اكْتَرَاهَا كَالْمُؤَجِّرِ، وَالْغَاصِبِ (وَمُدَّةَ الْإِيجَارِ كَانَا قَدَّرَا) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ قَدْ كَانَا قَدَّرَا الْإِجَارَةَ بِمُدَّةٍ انْفَسَخَتْ مُدَّةَ الْحَبْسِ، أَمَّا إذَا حَبَسَهَا الْمُكْتَرِي، أَوْ غَيْرُهُ لَكِنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِعَمَلٍ فَلَا انْفِسَاخَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي الْأُولَى تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ الْمُكْتَرِي، وَالْإِجَارَةَ فِي الثَّانِيَةِ تَعَلَّقَتْ بِالْمَنْفَعَةِ دُونَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاؤُهَا وَيُخَالِفُ حَبْسَ الْمُكْتَرَى فِي مِثْلِهِ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُوجِبْ بِهِ الْأُجْرَةَ لَضَاعَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ عَلَى الْمُكْرِي فَقَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ) يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ: وَبِانْهِدَامِ دَارِهِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ أَيْ: وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ (بِالْقِسْطِ) أَيْ: مَعَ قِسْطِ الْأَجْرِ فِي صُوَرِ الِانْفِسَاخِ فِي الْبَعْضِ بِتَوْزِيعِ الْمُسَمَّى كَمَا عُرِفَ (لَا، إنْ يَفْنَى) أَيْ: يَمُتْ (عَاقِدُهَا) مِنْ الْمُكْرِي، وَالْمُكْتَرِي فَلَا تَنْفَسِخُ، بَلْ، إنْ مَاتَ الْمُكْتَرِي خَلَفَهُ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ الْمُكْرِي تُرِكَتْ الْعَيْنُ الْمُكْتَرَاةُ عِنْدَ الْمُكْتَرِي إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَمَا الْتَزَمَهُ الْأَجِيرُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَفَّتْ بِهِ التَّرِكَةُ اكْتَرَى مِنْهَا، وَإِلَّا، فَإِنْ وَفَّاهُ الْوَارِثُ تَقَرَّرَ الْأَجْرُ، أَوْ لَمْ يُوَفِّهِ فَسَخَ الْمُكْتَرِي، وَأَمَّا انْفِسَاخُهَا بِمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيِّنِ فَلِأَنَّهُ مَوْرِدُ الْعَقْدِ لَا؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ.

(لَا الْأَوَّلُونَ بَطْنَا) نَفْيٌ لِلنَّفْيِ فَيَكُونُ إثْبَاتًا أَيْ: لَا، إنْ مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ أَجَرَ الْوَقْفَ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَهَا فِيمَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نِيَابَةَ؛ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي لَا يَلْتَقِي مِنْ الْأَوَّلِ، بَلْ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُ. وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ، إنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مِنْهُ، وَصَوَّرَهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنْ يَشْرِطَ النَّظَرَ لِكُلِّ بَطْنٍ فِي حِصَّتِهِ فَلَا نَظَرَ لَهُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْقِسْطِ الْآتِي ذِكْرُهُ) سُئِلَ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ، وَإِنْ فَسَدَ الْإِحْرَامُ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ، إذَا فَسَدَ انْقَلَبَ لِلْأَجِيرِ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا

(قَوْلُهُ: وَالْأَرْضِ) يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى انْهِدَامِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَفَسَادِ الْأَرْضِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ) كَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى انْهِدَامِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ: وَبِأَنْ انْهَدَمَتْ، أَوْ حَبَسَ، أَوْ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ، مَعَ تَقْدِيرِ إنْ الْمَصْدَرِيَّةِ هُنَا أَيْ: أَوْ إنْ حَبَسَ الْعَيْنَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ إجَارَتَيْ الْعَيْنِ، وَالذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي حَبْسِ الْأَجْنَبِيِّ) ، وَلَا خِيَارَ فِي حَبْسِ الْمُؤَجِّرِ كَمَا سَيَأْتِي بِرّ وَقَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ هَذَا قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَالْغَصْبِ عَنْ الْمَرَاوِزَةِ وَقِيَاسُ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ عَدَمُ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ غَصْبٌ، أَوْ فِي مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا انْفِسَاخَ) أَقُولُ قِيَاسُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْمُقَدَّرَةِ بِعَمَلٍ عَدَمُ التَّخْيِيرِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَتَبَ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ حَبْسَ الْمُكْتَرِي) يُفِيدُ اسْتِقْرَارَ الْأُجْرَةِ بِحَبْسِ الْمُكْتَرِي، مَعَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَاسْتَقَرَّ أُجْرَةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِطَ النَّظَرَ لِكُلِّ بَطْنٍ فِي حِصَّتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ النَّظَرَ لَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفَسِخُ) أَيْ بِمَوْتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِدٌ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَأَمَّا انْفِسَاخُهَا إلَخْ وَالْمُسْتَثْنَيَات الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَنْفَسِخْ فِيهَا الْإِجَارَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِدٌ بَلْ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، أَوْ الْمُوصِي، أَوْ لِلْإِيجَارِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، أَوْ لِاسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَكُلُّهُ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ

(قَوْلُهُ: لَا الْأَوَّلُونَ بَطْنًا) لَوْ كَانَ الْوَقْفُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ فَأَجَرَهُ الْمَوْجُودُ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ حَدَثَ مِنْهُمْ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ بِأَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَمَنْ يَحْدُثُ مِنْهُمْ فَحَدَثَ وَلَدٌ آخَرُ قَالَ السُّبْكِيُّ: يَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي مِقْدَارِ حِصَّتِهِ كَمَا فِي الْمُرَتَّبِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اِ هـ نَاشِرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الْبَطْنُ الْأَوَّلُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَعْدَهُ إذْ الْبَطْنُ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ وَهَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَعْدَهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّا نَتَبَيَّنُ إلَخْ) أَيْ فَالِانْفِسَاخُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الزَّائِدِ، ثُمَّ انْفَسَخَ بَلْ هُوَ بِمَعْنَى تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهَكَذَا الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَيْ: نَاظِرِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَوْ بِوَصْفٍ كَالْأَرْشَدِيَّةِ؛ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ نَظَرَهُ بِصِحَّتِهِ، أَوْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِذَلِكَ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ نَظَرَهُ بِذَلِكَ صَارَ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ فَلَمْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ، وَحَيْثُ قَيَّدَهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمُنْتَقِلَةِ لِغَيْرِهِ فَانْفَسَخَتْ بِهِ. اهـ. مُلَخَّصًا فَعُلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الِانْفِسَاخِ عَلَى تَقْيِيدِ النَّظَرِ بِالْحِصَّةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلتَّقْيِيدِ بِالْحَيَاةِ، أَوْ التَّقْيِيدِ بِالْحَيَاةِ صَرِيحًا، وَإِنْ عَمَّ نَظَرُهُ جَمِيعَ الْوَقْفِ. اهـ. تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لِكُلِّ بَطْنٍ) أَيْ: لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْبَطْنِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ النَّظَرُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْوَقْفِ، أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ، أَوْ كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَهُمْ فَلَا تَنْفَسِخُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْضَهُمْ، أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ، أَوْ أَجْنَبِيًّا. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ نَقْلًا عَنْ ز ي عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: فِي حِصَّتِهِ) أَيْ: أَوْ فِي جَمِيعِ الْوَقْفِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ كَمَا عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ م ر. وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْوَقْفِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ، أَوْ كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَهُمْ فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا نَظَرَ لَهُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ) وَإِذَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>