للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بَقَاءَ إجَارَتِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا أَصَحُّ (وَلَا بُلُوغِ الْمَا) أَيْ: لَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَاقِدِ بِمَوْتِهِ كَمَا مَرَّ وَلَا إجَارَةُ الْوَلِيِّ، وَلَوْ حَاكِمًا، أَوْ قَيِّمِهِ لِلطِّفْلِ مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بِبُلُوغِهِ بِالْمَاءِ الدَّافِقِ أَيْ: الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيًّا حِينَ تَصَرُّفِهِ، وَقَدْ بَنَاهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَلْيَلْزَمْ، فَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ. نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ؛ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَإِجَارَةُ مَالِهِ كَإِجَارَةِ نَفْسِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ النَّاظِمُ بَدَلَ الْمَاءِ لِغَيْرِ السِّنِّ لَشَمِلَ الْحَيْضَ، وَالْحَبَلَ وَإِنْبَاتَ عَانَةِ طِفْلِ الْكُفَّارِ.

وَلَوْ أَجَرَ الْوَلِيُّ مَالَ الْمَجْنُونِ فَأَفَاقَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَهُوَ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ بِالْمَنِيِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(وَلَا تَحْرِيرِ عَبْدٍ) أَيْ: وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِتَحْرِيرِهِ لَهُ فِي الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنَافِعِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَتَحْرِيرُهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ مِلْكًا لَهُ، وَلِأَنَّهُ أَجَرَ مِلْكَهُ، ثُمَّ طَرَأَ مَا يُزِيلُهُ فَأَشْبَهَ مَا إذَا أَجَرَ، ثُمَّ مَاتَ وَخَرَجَ بِتَحْرِيرِهِ عِتْقُهُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَوُجِدَتْ مَعَ مَوْتِ سَيِّدِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الثَّلَاثُ.

(وَمَا لِلْعَبْدِ مِنْ تَخْيِيرِ) فِي الْفَسْخِ بَعْدَ التَّحْرِيرِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَكَذَا لَا خِيَارَ لِلصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ، ثُمَّ بَلَغَتْ وَقَوْلُ الْحَاوِي بِلَا خِيَارٍ يَشْمَلُهُ كَمَا شَرَحَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَتَبِعَ النَّاظِمُ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالْعَبْدِ صَاحِبَ التَّعْلِيقَةِ وَالْبَارِزِيَّ فِي تَوْضِيحِهِ (وَلَمْ يَعُدْ) أَيْ: الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَتِهِ لِمَا بَعْدَ تَحْرِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَنَافِعِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ لَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِمَا يَسْتَوْفِيهِ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِعَيْبِهِ بَعْدَ تَحْرِيرِهِ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ (وَنَفَقَاتِهِ) بَعْدَ تَحْرِيرِهِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (افْرِضْ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى تَنْقَضِي) الْمُدَّةُ كَسَائِرِ الْأَحْرَارِ الْعَاجِزِينَ.

(وَالنَّقْصُ) الْحَاصِلُ لِلْمَأْجُورِ بِمَا تَتَفَاوَتُ بِهِ الْأُجْرَةُ كَمَرَضِ الدَّابَّةِ وَانْكِسَارِ دَعَائِمِ الدَّارِ وَانْهِدَامِ بَعْضِ جُدْرَانِهَا (خَيِّرْهُ) أَيْ: الْمُكْتَرِي (بِهِ) أَيْ: بِالنَّقْصِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، بَلْ عَلَى الْمُكْرِي فِيهَا الْإِبْدَالُ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَكْرَى عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، وَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا يَسْتَحِقُّ لِنَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِي الْحَالِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَأَنَّهُ لِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ سَفِيهًا فَتَسْتَمِرُّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَمْ تَبْطُلْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بَطَلَتْ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانُ عِنْدَ الْبُلُوغِ رَشِيدًا لَا أَنَّا نَحْكُمُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِالْبُطْلَانِ فِي الزَّائِدِ، وَإِلَّا لَزِمَ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ، ثُمَّ تَغْيِيرُهُ إلَى الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، إذَا بَلَغَ سَفِيهًا، وَهُوَ بَعِيدٌ وَحِينَئِذٍ فَلِلْوَلِيِّ قَبْضُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ حَتَّى الْمُقَابِلَةِ لِمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَلُزُومِ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ لِاحْتِمَالِ اسْتِمْرَارِ الْوِلَايَةِ، فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا تَبَيَّنَّا الْبُطْلَانَ فِي الزَّائِدِ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِأُجْرَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَسَّرَ قَوْلَ الرَّوْضِ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ بِقَوْلِهِ: بِمَعْنَى أَنَّا تَبَيَّنَّا بُطْلَانَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ غَابَ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ أَبَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ الْحَاكِمُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْوَلِيِّ فَتُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ مُزِيلُهَا، وَهُوَ الْبُلُوغُ رَشِيدًا م ر

(قَوْلُهُ: أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَتَانِ: تَأَخُّرِ الْإِيلَادِ، أَوْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَنْ الْإِيجَارِ، فَلَا انْفِسَاخَ؛ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُ لَا لِلسَّيِّدِ) أَنَّهُمَا لِلْبَائِعِ وَيُفَارِقُ نَظِيرُهُ الْآتِي صُورَةَ الْبَيْعِ مِنْ فَيْءٍ بِأَنَّ الْعِتْقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرِّبًا بِهِ، وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعِتْقِ لَهُ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْعِتْقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ شَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ: ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ لِلْمَأْجُورِ) أَيْ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَهِيَ أَيْ: الطَّوَارِئُ الْمُوجِبَةُ لِلْفَسْخِ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِي الْخِيَارَ، وَهُوَ مَا يُنْقِصُ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ نَقْصًا يُؤَثِّرُ كَمَرَضِهَا وَانْهِدَامِ بَعْضِ دَعَائِمِ الدَّارِ وَاعْوِجَاجِهَا وَتَغْيِيرِ مَاءِ الْبِئْرِ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الشُّرْبَ، وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ. اهـ. لَكِنْ يَسْتَشْكِلُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ، إذَا كَانَ النَّقْصُ بِفِعْلِهِ، مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ كَانْتِزَاعِ مَا غُصِبَ وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ مَا إذَا قَارَنَ الْخَلَلُ الْعَقْدَ وَعَلِمَ بِهِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُفَرَّق بَيْنَ مَا فِي الِابْتِدَاءِ وَمَا فِي الْأَثْنَاءِ. وَكَتَبَ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ أَيْ: النَّقْصِ الْحَاصِلِ لِلْمَأْجُورِ مَا لَوْ أَكْرَى إصْطَبْلًا، ثُمَّ وَقَفَهُ مَسْجِدًا فَيَمْتَنِعُ وَضْعُ نَحْوِ الزِّبْلِ فِيهِ وَيَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالنَّقْصُ) وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِرّ. (قَوْلُهُ: الْحَاصِلُ لِلْمَأْجُورِ) خَرَجَ غَيْرُ الْحَاصِلِ لَهُ، وَإِنْ تَعَطَّلَتْ بِسَبَبِهِ الْمَنْفَعَةُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا كَتَعَذُّرِ رُقُودِ الْحَمَامِ وَعَدَمِ دُخُولِ النَّاسِ لَهُ لِفِتْنَةٍ، أَوْ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ. (قَوْلُهُ: خَيَّرَهُ بِهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ بَطَلَتْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ السِّنِّ، وَالِاحْتِلَامِ أَنَّ الِاحْتِلَامَ لَيْسَ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ فَلَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ، بِخِلَافِ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، فَإِنَّ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ فَتَنْفَسِخُ فِيمَا جَاوَزَ الْمُدَّةَ عَزِيزِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ هُنَا وَبُطْلَانِهَا بِمَوْتِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ إنَّمَا هُوَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ، وَقَدْ قَصَرَهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ، بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ. اهـ. سم عَلَى ش الْغَايَةِ

(قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) نَقَلَ النَّاشِرِيُّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>