حَدَثَ النَّقْصُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ ظَهَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، أَمْ بَعْدَهُ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا فِي الثَّانِي: الْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ، إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا وَأَرَادَ الْفَسْخَ فِيهِمَا، وَإِنْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي الْعَبْدِ الْبَاقِي وَحْدَهُ وَحُكْمُهُمَا مَذْكُورٌ فِي الْبَيْعِ وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْقَوْلَ بِالْفَسْخِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذَا التَّفْصِيلِ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ مَنْعِ الْفَسْخِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُ الْأَرْشَ، وَالْمُفْتَى بِهِ مَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ تَبَعًا لِلنَّصِّ بَلْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالْقَمُولِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَى مَا إذَا أَجَرَ أَرْضًا فَغَرِقَتْ بِسَيْلٍ.
وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَعْدُومٍ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْفَسْخُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (كَالْغَصْبِ وَكَالْإِبَاقِ) أَيْ: كَمَا يُخَيَّرُ بِغَصْبِ الْمَأْجُورُ وَبِإِبَاقِهِ فِي الْإِجَارَةِ الْعَيْنِيَّةِ إذَا لَمْ تَنْقُضْ الْمُدَّةُ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، فَإِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَحَيْثُ امْتَنَعَ الْفَسْخُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا وَتُبَدَّلُ الْعَيْنُ الْمُعَيَّنَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَلَا فَسْخَ فِيهَا، نَعَمْ إنْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قُيِّدَتْ بِمُدَّةٍ وَانْقَضَتْ انْفَسَخَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْقَوْلَ بِالْفَسْخِ) أَيْ: أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فِي الْبَاقِي فَقَطْ بِرّ. (قَوْلُهُ: مَنْعِ الْفَسْخِ) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ بِرّ.
(قَوْلُهُ: كَالْغَصْبِ، إنْ فَسَخَ) فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ اسْتَرَدَّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ أَجَازَ طَالَبَ الْغَاصِبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ غَصَبَ الْعَيْنَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ، وَالتَّقْدِيرُ بِالْعَمَلِ اسْتَوْفَاهُ حِينَ يَقْدِرُ، أَوْ بِالزَّمَانِ انْفَسَخَتْ فِيمَا انْقَضَى مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ؛ لِعَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ، وَلَا بَعْدَهُ لِلِانْفِسَاخِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ) فَإِنْ قُلْت: الْخِيَارُ هُنَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الْفَوْرِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ خِيَارَ الْإِجَارَةِ، إذَا كَانَ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ قُلْت: بَلْ يُتَصَوَّرُ هُنَا غَيْرُ خِيَارِ التَّفْرِيقِ أَيْضًا وَيَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَيَتَخَيَّرُ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَا تَفْرِيقَ هُنَا وَفِيمَا إذَا كَانَتْ مُقَدَّرَةً بِعَمَلٍ، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمَرَاوِزَةِ؛ إذْ لَا تَفْرِيقَ عَلَى هَذَا أَيْضًا، بَلْ، إنْ قُدِّرَتْ بِمُدَّةٍ وَمَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ بِجِهَتَيْنِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ التَّفْرِيقُ عَلَى الْفَوْرِ
[حاشية الشربيني]
وَالرَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ لِلسَّيِّدِ؛ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ، وَأَنَّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ. اهـ. وَفِي ش الرَّوْضَةِ تَوْجِيهُ جَعْلِ الْمَنَافِعِ لِلْعَتِيقِ بِأَنَّ الْمُعْتِقَ لَمَّا كَانَ مُتَقَرِّبًا بِالْعِتْقِ، وَالشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَيْهِ كَانَتْ مَنَافِعُ الْعَتِيقِ لَهُ؛ نَظَرًا لِمَقْصُودِ الْمُعْتِقِ مِنْ كَمَالِ تَقَرُّبِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ظَهَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَسَخَ، أَوْ أَجَازَ بِالْجَمِيعِ، أَوْ بَعْدَهُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ فِي جَمِيعِهَا، أَوْ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا، خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي حَيْثُ مَنَعَ الثَّانِيَ، وَإِنْ رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ وَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ الْفَرْقَ الْآتِيَ. اهـ.
وَعِبَارَةُ ش م ر بَعْدَ نَقْلِ جَوَازِ الْفَسْخِ إذَا طَرَأَتْ آفَةٌ سَوَاءٌ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ أَمْ لَا مَا نَصُّهُ: وَعَنْ الْمُتَوَلِّي عَدَمُهُ، إذَا بَانَ الْعَيْبُ، وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَقَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. اهـ. وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ الْخِلَافِ بَيْنَ الْمُتَوَلِّي، وَالْجُمْهُورِ فِيمَا، إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ فَقَطْ، أَمَّا الْفَسْخُ فِي الْجَمِيعِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي، وَالْجُمْهُورِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ. اهـ. وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، بَلْ عِبَارَتُهَا كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ، وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْعَبْدَيْنِ الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا فَلْتُرَاجَعْ الرَّوْضَةُ مِنْ بَابِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: الْوَجْهُ إلَخْ) حَمَلَهُ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَبْدًا، أَوْ بَهِيمَةً، أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّشْقِيصِ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ حِينَئِذٍ يُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْأُجْرَةِ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْفَسْخَ فِي الْبَاقِي لَا فِي الْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَوُجِّهَ إلَخْ) وَوُجِّهَ أَيْضًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ إذْ الْعِلَّةُ فِيهِ التَّشْقِيصُ الْمُؤَدِّي إلَى سُوءِ الْمُشَارَكَةِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا يُخَيَّرُ إلَخْ) وَالْخِيَارُ هُنَا عَلَى الْفَوْرِ بِمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute