للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّهْذِيبِ (تَنْبِيهٌ)

الْمَعْدِنُ مَكَانٌ، أَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ الْجَوَاهِرِ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَوَاهِرِ الَّتِي فِيهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَتَى مَلَكَهُ الْمُحْيِي مَلَكَهَا (وَمَا لِلْكُفْرِ) أَيْ: لِدَارِهِ مِنْ مَوَاتٍ (فَالْكَافِرُ، أَوْ مَنْ أَسْلَمَا) يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْكُفَّارِ حَتَّى يَمْلِكَ عَلَيْهِمْ (لَا إنْ رَعَا) هـ الْكَافِرُ بِذَبِّهِ الْمُسْلِمَ عَنْهُ فَلَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِالْإِحْيَاءِ كَالْمَعْمُورَةِ وَكَمَا لَا يَمْلِكُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّهُ يَصِيرُ بِهِ أَحَقَّ كَالْمُتَحَجِّرِ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ فِي أَرْضٍ صُولِحُوا عَلَيْهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ، أَوْ فِي أَرْضِ الْهُدْنَةِ، أَمَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَعُمْرَانُهَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَمَوَاتُهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ يَصِيرُ كَالْمُتَحَجِّرِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِيمَا يُوقَفُ عَلَى عَمَلٍ كَمَا لَوْ كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ، إذَا حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ حَصَلَ مِنْهُ مِلْحٌ فَيَجُوزُ تَمَلُّكُهُ وَإِقْطَاعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا: إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا يَظْهَرُ بِالْعَمَلِ وَنَقَلَ فِي الْجَوَاهِرِ تَقْيِيدَ هَذَا بِالْمَسْأَلَةِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَنْ يَكُونَ سَوْقُ الْمَاءِ إلَيْهَا مِنْ الْبَحْرِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ مِمْلَحَةٍ فَهُوَ كَنَيْلِ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ قَالَ فِيهَا أَيْضًا: وَلَوْ مَلَكَ أَرْضًا بِالْإِحْيَاءِ فَجَرَى عَلَيْهَا الْمَاءُ فَانْعَقَدَ مِلْحًا اخْتَصَّ بِهِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا قَصَدَهُ كَمَا لَوْ بَنَى دَارًا وَدَخَلَ فِيهَا طَائِرٌ وَعَشَّشَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا لِلْكُفْرِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِذَا اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا أَيْ: الْأَرْضِ الَّتِي بِبِلَادِ الْكُفَّارِ أَيْ: وَهُمْ يَذُبُّونَ عَنْهَا فَالْغَانِمُونَ أَحَقُّ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا أَيْ: بِإِحْيَائِهَا وَأَهْلُ الْخُمْسِ بِالْخُمْسِ أَيْ: بِإِحْيَائِهِ، وَكَذَا بَعْضُ كُلٍّ، إنْ أَعْرَضَ بَعْضٌ، فَإِنْ أَعْرَضَ كُلٌّ مِنْ الْغَانِمِينَ فَأَهْلُ الْخُمْسِ أَحَقُّ كَالْمُتَحَجِّرِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ تَرَكَ الْإِحْيَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَلَكَهُ مَنْ أَحْيَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَمْلِكَ مَنْ أَحْيَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِعْرَاضِ أَيْضًا، وَإِنْ أَثِمَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: كَالْمُتَحَجِّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت هَذَا الْكَلَامَ مَذْكُورًا هُنَا فِيمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْكُفَّارِ حَتَّى يَمْلِكَ عَلَيْهِمْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ بِهِ، مَعَ الْحَمْلِ عَلَى أَرْضِ الصُّلْحِ، أَوْ الْهُدْنَةِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لِلْكُفَّارِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُعَلِّلَ عَدَمَ مِلْكِ الْمَوَاتِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُمْ حَتَّى يَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَتَأَمَّلْهُ سم. (قَوْلُهُ: بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ) وَرَدَّهُ فِي الْإِسْعَادِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَ فِي الِاسْتِيلَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِيلَاءِ عَنْوَةٍ يَصِيرُ بِهِ مِنْ بِلَادِنَا، وَالْكَلَامُ فِي أَرْضٍ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَصِرْ مِنْ بِلَادِنَا فَافْتَرَقَا. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ مَوَاتَ بِلَادِ الْكُفَّارِ، إذَا ذَبُّوا عَنْهُ لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُسْلِمُ بِالْإِحْيَاءِ؛ حَيْثُ لَا اسْتِيلَاءَ، فَإِنْ وُجِدَ اسْتِيلَاءٌ فَالْغَانِمُونَ أَحَقُّ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا وَأَهْلُ الْخُمُسِ أَحَقُّ بِإِحْيَاءِ خُمْسِهِ وَمُرَادُهُمَا بِمَوَاتِ بِلَادِ الْكُفَّارِ مَوَاتُ دَارِ الْحَرْبِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْغَانِمِينَ؛ إذْ لَا غَانِمِينَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِدَارِ الْحَرْبِ وَبِدَلِيلِ أَنَّهُمَا ذَكَرَا فِي فَرْعٍ بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمَ الْبَلَدِ الْمَفْتُوحِ صُلْحًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَوَّلِهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّمَا يَصِحُّ إلَخْ مَمْنُوعٌ، بَلْ يَصِحُّ فِي مَوَاتِ الْحَرْبِ؛ حَيْثُ لَا اسْتِيلَاءَ، فَإِنْ وُجِدَ مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا تَقَرَّرَ فَالْوَجْهُ حَمْلُ دَارِ الْكُفْرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ بِنَقْلِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا يَمْلِكُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ أَسْلَمَ لَا إنْ رَعَاهُ إلَخْ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا كَانَ بِبِلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَمَا فِي حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الذَّبِّ أَمَّا مَا كَانَ بِبِلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَيُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَلَوْ ذَبُّونَا عَنْهُ، وَلَا يَكْفِي فِي تَمَلُّكِهِ الِاسْتِيلَاءُ، خِلَافًا لِحَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُمْ، أَمَّا الْمَمْلُوكُ فَيَصِيرُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فَيْئًا، أَوْ غَنِيمَةً كَمَا أَفَادَهُ م ر وَع ش، وَلَا يُمْلَكُ الْمَمْلُوكُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا سَبَقَ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ تُفِيدُ أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا هُوَ بِبِلَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَنَّهُ مَعَ الذَّبِّ عَنْهُ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَارْتَضَاهُ سم.

(قَوْلُهُ: كَالْمَعْمُورِ) أَيْ أَنَّهَا صَارَتْ بِالذَّبِّ عَنْهَا كَالْمَعْمُورِ مِنْ بِلَادِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَا يَمْلِكُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ) لِأَنَّ مِلْكَهُ بِالْإِحْيَاءِ شَبِيهٌ بِمِلْكِهِ بِالِاسْتِيلَاءِ فَلَمَّا امْتَنَعَ امْتَنَعَ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الْإِحْيَاءَ لَا اسْتِيلَاءَ فِيهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَصِيرُ) أَيْ: فِي الِاسْتِيلَاءِ لَا الْإِحْيَاءِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَصِحُّ فِي أَرْضٍ صُولِحُوا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: إذَا فَتَحْنَا بَلْدَةً صُلْحًا وَصَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْبَلْدَةُ لَهُمْ فَالْمَوَاتُ يَخْتَصُّونَ بِإِحْيَائِهِ تَبَعًا لِلْمَعْمُورِ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْنَا الِامْتِنَاعُ عَنْ مَوَاتِهَا، إذَا شَرَطْنَاهُ فِي الصُّلْحِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. فَقَوْلُهُ: فَالْمَوَاتُ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا إحْيَاؤُهُ، إذَا مَنَعُونَا عَنْهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>