وَتَعْلِيقُ الْبَابِ (مَعَ سَقْفِ الْبَعْضِ مِنْ مَسْكَنٍ) ، إنْ قَصَدَ السَّكَنَ لِيَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُهُ وَلْيَتَهَيَّأْ لِلسُّكْنَى وَلَمْ يَعْطِفْ هَذَا عَلَى غَرْسِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اعْتِبَارُ الْغَرْسِ فِي الْمَسْكَنِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقُونَوِيُّ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِأَنَّهُ لَوْ عَطَفَهُ بِأَوْ فَقَالَ: مَعَ غَرْسِ الْبَاغِي، أَوْ تَسْقِيفِ بَعْضِ الْمَسْكَنِ لَأَفَادَ مَا أَرَادَهُ بِلَا عَطْفٍ، وَعَطَفَ عَلَى حَوْطِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ جَمْعِ تُرْبِ الْأَرْضِ، وَنَحْوِهِ كَالشَّوْكِ حَوْلَ الْمَزْرَعَهْ) ، إنْ قَصَدَهَا (وَلِاحْتِيَاجِ) صِلَةُ (رُتْبَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى جَمْعِ تُرْبٍ وَتَعْبِيرُهُ بِرُتْبَةٍ بَعِيدٌ عَنْ الْغَرَضِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الْحَاوِي بِتَرْتِيبٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِرَتَّبَ فِعْلًا لَوَفَّى بِالْغَرَضِ أَيْ: وَبِتَرْتِيبِ (الْمَاءِ) بِحَفْرِ بِئْرٍ، أَوْ نَهْرٍ، أَوْ سَوْقِهِ مِنْ سَاقِيَّةٍ عِنْدَ احْتِيَاجِ الزَّرْعِ إلَيْهِ (مَعَهْ) أَيْ: مَعَ جَمْعِ التُّرَابِ، وَنَحْوِهِ؛ إذْ لَا تَتَهَيَّأُ الْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ بِدُونِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ كَالَّتِي تُسْقَى بِالْمَطَرِ، وَإِذَا رَتَّبَ الْمَاءَ لَا يُشْتَرَطُ إجْرَاؤُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَلَا حَفْرُ طَرِيقِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ؛ إذْ بِتَرْتِيبِهِ حَصَلَ إمْكَانُ السَّقْيِ وَيُعْتَبَرُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَحِرَاثَتُهَا وَتَلْيِينُ تُرَابِهَا لَا زَرْعُهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَتِهَا، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْإِحْيَاءِ وَفَارَقَ الْغَرْسَ فِي الْبَاغِي بِأَنَّ اسْمَ الْمَزْرَعَةِ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ بِلَا زَرْعٍ بِخِلَافِ الْبَاغِي، وَلِأَنَّ الْغَرْسَ يَدُومُ فَأَشْبَهَ بِنَاءَ الدَّارِ (لَا عَرَفَاتٍ) فَلَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَضِقْ بِهِ الْمَوْقِفُ كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا، أَوْ خُصُوصًا كَالْمَسَاجِدِ، وَالطُّرُقِ (قُلْتُ: وَالْمُزْدَلِفَهْ فِي رَأْيِ شَيْخِي) أَيْ: وَمُزْدَلِفَةُ (وَمِنًى) فِي رَأْيِ شَيْخِي الْبَارِزِيِّ تَبَعًا لِلنَّوَوِيِّ (كَعَرَفَهْ) فِيمَا ذُكِرَ لِمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبِنَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ.
، وَلَوْ قُلْنَا بِمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْمَبِيتِ بِهَا لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَصَّبُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَجِيجِ إذَا نَفَرُوا أَنْ يَبِيتُوا بِهِ قَالَ الشَّارِحُ قُلْت: لَكِنَّهُ مَعَ اسْتِحْبَابِهِ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ بِخِلَافِ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ (وَ) لَا (الْمَوْضِعِ الْمَعْمُورِ) أَيْ: الَّذِي عُمِّرَ لَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَوْ بِدَارِ الْكُفْرِ، أَوْ انْدَرَسَ، سَوَاءٌ كَانَ (فِي الْأَيَادِي) أَيْ: فِي يَدِ أَحَدٍ (أَوْ لَا) ؛ إذْ الْإِحْيَاءُ لِإِحْدَاثِ الْمِلْكِ، وَهُوَ مَمْلُوكٌ فَهُوَ لِمَالِكِهِ، إنْ عُرِفَ، وَإِلَّا فَكَمَالٍ ضَائِعٍ، وَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فِي حِفْظِهِ، أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَعَ سَقْفِ الْبَعْضِ مِنْ مَسْكَنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي مَوَاتٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إحْيَاءٌ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ وَيَمْلِكُهُ كَمَا لَوْ بَنَى فِيهَا، وَلَمْ يَسْكُنْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ قَبْرًا فِي أَرْضٍ سُبِّلَتْ مَقْبَرَةً فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ؛ إذْ السَّبْقُ فِيهَا بِالدَّفْنِ لَا بِالْحَفْرِ، وَلَا كَذَلِكَ الْإِحْيَاءُ قَالَ: وَيَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَسْجِدِ مَا مَرَّ، بِخِلَافِ مُصَلَّى الْعِيدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّقْفُ. اهـ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إحْيَاءِ الْمَسْجِدِ مِنْ التَّسْقِيفِ. (فَرْعٌ)
لَوْ أَرَادَ إحْيَاءَ مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إحْيَاؤُهَا بِحَفْرِهَا قُبُورًا فَلَوْ حَفَرَ قُبُورًا بِبَعْضِهَا لَمْ يَحْصُلْ إحْيَاءُ الْبَعْضِ الْآخَرِ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ تَسْقِيفِ) يَنْبَغِي أَنَّ أَوْ هَذِهِ لِلتَّنْوِيعِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَبِتَرْتِيبِ الْمَاءِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْتِيبُهُ كَأَرْضٍ بِجَبَلٍ فَفِي تَمَلُّكِهَا بِدُونِهِ وَجْهَانِ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ التَّمَلُّكَ هُوَ مَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ، وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَا يَكْفِيهَا مَاءُ السَّمَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَصَنِيعُ الرَّوْضِ صَرِيحٌ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الشَّارِحُ قُلْت إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: مُقْتَضَى قَوْلِهِ السَّابِقِ: كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَنَاسِكِ وَغَيْرِهِ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يَدْفَعُ كَلَامَ الْمُهِمَّاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ) وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِمَالِكِهِ، إنْ عَرَفَ) نَعَمْ إنْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْكَافِرُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا انْضَمَّ لِضَعْفِ الْمِلْكِ لِكَوْنِهِ مَالَ كَافِرٍ مُهْدَرَ الْإِعْرَاضِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ صَارَ مُبَاحًا فَمُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ فَلَا يُقَالُ الْقِيَاسُ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ، أَوْ فَيْءٌ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالْإِعْرَاضِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِقَبْلَ الْقُدْرَةِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْإِعْرَاضِ بَعْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يُسْتَوْلَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ تَصَرُّفُهُ فِي نَفْسِهِ وَاخْتِيَارُهُ بِأَمْرِهِ ضَعُفَ تَعَلُّقُهُ بِمَالِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ إعْرَاضُهُ وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي مَنْقُولِ
[حاشية الشربيني]
بِقَصَبٍ، أَوْ جَرِيدٍ، أَوْ سَعَفٍ اُعْتِيدَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نَحْوِ الْأَحْجَارِ خِلَافٌ فِي اشْتِرَاطِ بِنَائِهَا وَيَتَّجِهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِعَادَةِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَحُمِلَ اشْتِرَاطُهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الزَّرِيبَةِ عَلَى مَحَلٍّ اُعْتِيدَ فِيهِ دُونَ مُجَرَّدِ التَّحْوِيطِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُمَا وَهِيَ لَا تَكْفِي فِي الزَّرِيبَةِ نَصْبُ سَعَفٍ وَأَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَلِّكَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْمُجْتَازُ. اهـ. فَأَفْهَمَ التَّعْلِيلُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَبِالتَّحْوِيطِ بِالْبِنَاءِ بِمَا اُعْتِيدَ إلَخْ أَيْ: إنْ اُعْتِيدَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا عَرَفَاتٍ) وَلَيْسَ مِنْ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَضِقْ) رَدٌّ عَلَى تَفْصِيلٍ لِلْغَزَالِيِّ بَيْنَ أَنْ يَضِيقَ فَيَمْنَعُ وَأَنْ لَا يَضِيقَ فَيَجُوزُ.
(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلنَّوَوِيِّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مُزْدَلِفَةَ، وَمِنًى كَعَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُحَصَّبُ كَذَلِكَ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ إلْحَاقِ الْمُحَصَّبِ. اهـ. م ر كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لمر وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ قَوْلٍ فِيهِ بِوُجُوبِ الْمَبِيتِ فِيهِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ: أَوْ فِيهَا وَكَانَ مَنْ عَمَّرَ مَعْلُومًا، فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute