للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِدَارِ الْكُفْرِ فَهُوَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ (وَلَا حَرِيمَهُ) أَيْ: الْمَعْمُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهِ وَمَالِكُ الْمَعْمُورِ يَمْلِكُ مَرَافِقَهُ تَبَعًا لَهُ كَمَا يَمْلِكُ عَرْصَةَ الدَّارِ بِبِنَاءِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْعَرْصَةِ إحْيَاءٌ لَكِنْ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا كَشِرْبِ الْأَرْضِ، وَلَوْ حَفَرَ اثْنَانِ بِئْرًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لِأَحَدِهِمَا وَحَرِيمُهَا لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ الْحَرِيمُ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَحَرِيمُ الْمَعْمُورِ مَا تَمَسُّ حَاجَةُ أَهْلِهِ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ بِهِ (كَالنَّادِي) ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلْحَدِيثِ. وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ مُجْتَمَعُ النَّادِي، وَهُوَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ يَنِدُّونَ أَيْ: يَتَحَدَّثُونَ وَعَلَى أَهْلِهِ الْمُجْتَمَعِينَ فَأَرَادَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَالرَّافِعِيُّ الثَّانِيَ (وَمَوْضِعِ الرَّكْضِ) لِلْخَيْلِ، وَنَحْوِهَا فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: كَغَيْرِهِ وَمُرْتَكَضُ الْخَيْلِ وَقَيَّدَ الْإِمَامُ هَذَا بِمَا إذَا كَانُوا خَيَّالَةً قَالَ الشَّارِحُ قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ: وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا خَيَّالَةً فَقَدْ يَسْكُنُ الْقَرْيَةَ بَعْدَهُمْ مَنْ لَهُ خَيْلٌ، أَوْ يَتَجَدَّدُ لَهُمْ الْخَيْلُ فَيَكُونُ الْمُرْتَكَضُ مِنْ حَرِيمِهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِهِ فِي الْحَالِ مَا يَرْكُضُونَهُ (وَكُلِّ مَا يُرَى مِنْ مَرْفِقٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالْعَكْسِ أَيْ: مَوْضِعٍ يُرْتَفَقُ بِهِ (مِثْلِ الْمُنَاخِ) لِلْإِبِلِ، وَالْمُرَاحِ لِلْغَنَمِ بِضَمِّ مِيمِهِمَا وَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ حَرِيمٌ (لِلْقُرَى) وَعَدَّ الْبَغَوِيّ مِنْ حَرِيمِهَا الْمَرْعَى وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَفَصَّلَ الْإِمَامُ فَقَالَ: إنْ بَعُدَ لَمْ يَكُنْ حَرِيمًا، وَكَذَا، إنْ قَرُبَ وَلِمَ يَسْتَقِلَّ مَرْعًى، بَلْ كَانَ يَرْعَى فِيهِ عِنْدَ خَوْفِ الْبُعْدِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُ، وَأَمَّا الْمُسْتَقِلُّ الْقَرِيبُ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ: يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ حَرِيمٌ قَالَ: وَالْمُحْتَطَبُ كَالْمَرْعَى (وَمَوْضِعِ النَّازِحِ) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ أَيْ: وَكَمَوْضِعِ النَّازِحِ لِلْمَاءِ بِدَلْوٍ، أَوْ نَحْوِهِ.

(وَ) مَوْضِعِ (الدُّولَابِ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا (وَمَوْضِعِ التَّرْدَادِ لِلدُّولَابِ) بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ (إنْ اسْتَقَى بِهِنَّ) أَيْ: بِالنَّزْحِ فِي مَوْضِعِ النَّازِحِ وَبِالدُّولَابِ فِي مَوْضِعِ تَرَدُّدِهَا (وَالْمَصَبِّ لَهُ) أَيْ: لِلْمَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ اسْتَقَى (وَ) الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجْتَمِعُ الْمَاءُ لِيَسْقِيَ مِنْهُ الْمَاشِيَةَ، وَالزَّرْعَ مِنْ (نَحْوِ بِرْكَةٍ) كَحَوْضٍ.

وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: إنْ اسْتَقَى إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ حَرِيمٌ (لِلْجُبِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ، وَهُوَ الْبِئْرُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ، وَالْمُرَادُ الْبِئْرُ مُطْلَقًا كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي وَمِنْ حَرِيمِهَا الْمَوْضِعُ الَّذِي لَوْ حُفِرَ فِيهِ بِئْرٌ لَخُشِيَ عَلَى الْأُولَى انْهِيَارُهَا، أَوْ نَقْصُ مَائِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: (وَمَوْضِعٍ يُخْشَى انْهِيَارٌ) أَيْ: وَكَمَوْضِعٍ (لَوْ حَفَرْ) فِيهِ لَخُشِيَ انْهِيَارُ الْقَنَاةِ (أَوْ يَنْقُصُ الْمَا) مِنْهَا وَهَذَا حَرِيمٌ (لِلْقَنَاةِ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الِانْهِيَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّ لِمَالِكِهِ أَنْ يَحْفِرَ فِيهِ بِئْرًا، وَإِنْ انْهَارَ بِئْرُ جَارِهِ، أَوْ نَقَصَ مَاؤُهَا لِسَبْقِ مِلْكِهِ عَلَى الْحَفْرِ بِخِلَافِ الْمَوَاتِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِفَرَاغِ الْعَمَلِ (وَالْمَمَرْ) حَرِيمُ الدَّارِ كَمَا سَيَأْتِي (قُلْت) : وَهُوَ (الَّذِي فِي صَوْبِ فَتْحِ الْبَابِ) لَا عَلَى امْتِدَادِ الْمَوَاتِ فَلِغَيْرِ الْمَالِكِ إحْيَاءُ مَا فِي قُبَالَةِ الْبَابِ إذَا أَبْقَى لَهُ مَمَرًّا، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى انْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَعَدَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ كج فِنَاءَ الدَّارِ مِنْ حَرِيمِهَا، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: عِنْدِي أَنَّ حِيطَانَ الدَّارِ لَا فِنَاءَ لَهَا، وَلَا حَرِيمَ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ بِجَنْبِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَبْعُدَ عَنْ فِنَائِهَا لَكِنْ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ بِالْحِيطَانِ كَحَفْرِ بِئْرٍ بِقُرْبِهَا قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ أَلْصَقَ حَائِطَهُ بِحَائِطِهِ مُنِعَ مِنْهُ (وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ، وَالتُّرَابِ) ، وَالسَّمَادِ وَطَرِيقِهَا (وَكُلِّ مَا لِلْمَاءِ مِنْ مَجَارِي) كَمَصَبِّ الْمِيزَابِ

ــ

[حاشية العبادي]

مَالِ الْكَافِرِ حَتَّى لَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَلَكَهُ مَنْ أَخَذَهُ، وَلَا يَكُونُ غَنِيمَةً، وَلَا فَيْئًا؟ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ كُلُّهُ. (قَوْلُهُ: إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ) فَإِنْ لَمْ يُرْجَ ظُهُورُ مَالِكِهِ صَارَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ. (فَرْعٌ)

هَلْ يُتَصَوَّرُ مِلْكُ الْكَافِرِ أَيْ: الْحَرْبِيِّ مَعْمُورًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؟ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِنَحْوِ الشِّرَاءِ، وَالْهِبَةِ، وَلَوْ عَلَى يَدِ وَكِيلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِنَاءً عَلَى مَنْعِ بَيْعِ مَا يَنْقُصُ قِيمَةَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: النَّادِي أَيْ: لَفْظُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ احْتَاجَ إلَى انْعِطَافٍ) الْمُتَّجَهُ مَا لَمْ يَفْحُشْ الِانْعِطَافُ، وَالِازْوِرَارُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْهَارَ إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ فَانْظُرْ سَلَفَ الشَّارِحِ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ نَقْصُ الْمَاءِ فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الِانْهِيَارَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: انْهَارَ، أَوْ نَقَصَ مَاؤُهَا مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَعِبَارَتُهُمَا وَيَتَصَرَّفُ كُلٌّ مِنْ الْمُلَّاكِ فِي مِلْكِهِ بِعَادَةٍ، وَإِنْ أَدَّى إلَى ضَرَرِ جَارِهِ، أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرَ مَاءٍ، أَوْ حَشٍّ فَاخْتَلَّ بِهِ جِدَارُ جَارِهِ، أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا فِي الْحَشِّ مَاءُ بِئْرِهِ. اهـ. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ، مَعَ التَّصَرُّفِ عَلَى الْعَادَةِ لَا أَثَرَ لِضَرَرِ جِدَارِ الْغَيْرِ فَقَوْلُهُمْ: يَتَصَرَّفُ بِمَا يَضُرُّ الْجَارَ لَا الْجِدَارَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي، وَالْحَاشِيَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فِنَاءَ الدَّارِ) هُوَ مَا حَوَالَيْهَا مِنْ الْخَلَاءِ الْمُتَّصِلِ بِجُدْرَانِهَا مِنْهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَا فِنَاءَ لَهَا) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ أَيْ: فِنَاءِ الدَّارِ مِنْ حَرِيمِهَا وَأَنَّهُ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَبْعُدَ) وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ كج وَغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ بِالْحِيطَانِ إلَخْ) ، بِخِلَافِ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِنْ الْمَنْقُولِ بِالْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي مِلْكِهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، مَعَ إضْرَارِ مِلْكِ غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَلْصَقَ حَائِطَهُ بِحَائِطِهِ مُنِعَ) أَيْ: إنْ أَضَرَّ م ر وَكَتَبَ ابْتِدَاءً، وَهَذَا إنَّمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَأَمْرُهُ لِلْإِمَامِ، أَوْ مَجْهُولًا وَعُلِمَ كَيْفِيَّةُ دُخُولِهِ تَحْتَ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ، أَوْ فَيْءٌ كَمَا مَرَّ عَنْ سم، وَالرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: وَفَصَّلَ الْإِمَامُ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر أَنَّ الَّذِي يُعَدُّ مِنْ حَرِيمِهَا الْقَرِيبُ عُرْفًا إنْ اسْتَقَلَّ، وَالْبَعِيدُ إنْ مَسَّتْ حَاجَتُهُمْ لَهُ. (قَوْلُهُ: الْمَوْضِعِ الَّذِي إلَخْ) هَذَا الضَّابِطُ بِالنَّظَرِ إلَى حَفْرِ بِئْرٍ أُخْرَى لَا مُطْلَقًا، فَلَوْ بَنَى الْغَيْرُ هُنَاكَ جَازَ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَوَاتِ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَحْفِرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا وَلَوْ نَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَيْ: نَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ الَّتِي فِي الْمَوَاتِ تَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ بَنَى إلَخْ أَيْ: لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي بِئْرِ الْقَنَاةِ عَلَى حِفْظِهَا، وَحِفْظِ مَائِهَا لَا غَيْرُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي بِئْرِ الِاسْتِقَاءِ. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>