للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَلَّفَ فِيهِ غَيْرَهُ، أَوْ مَتَاعَهُ، أَمْ لَا؛ لِمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِشُغْلٍ غَابَ أَيْ: وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَتَيْ الصَّلَاةِ، وَالرِّبَاطِ، فَلَوْ سَكَنَ بَيْتًا مِنْ رِبَاطٍ، وَغَابَ، ثُمَّ عَادَ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ، إلَّا أَنْ تَطُولَ غَيْبَتُهُ فِي الْعُرْفِ. وَلَوْ أَرَادَ غَيْرُهُ النُّزُولَ فِيهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ فَقَطْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ قَالَ: وَيَجُوزُ لِغَيْرِ سُكَّانِ الْمَدْرَسَةِ مِنْ فَقِيهٍ وَعَامِّيٍّ دُخُولٌ، وَجُلُوسٌ، وَاتِّكَاءٌ، وَنَوْمٌ فِيهَا، وَشُرْبٌ مِنْ مَائِهَا، وَدُخُولُ سِقَايَتِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَادُ. وَأَمَّا سُكْنَى غَيْرِ فَقِيهٍ فِي بُيُوتِهَا فَإِنَّ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، أَوْ نَفَاهُ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ قَالَ فِيهَا كَأَصْلِهَا: وَالْمُرْتَفِقُ بِالشَّارِعِ، أَوْ الْمَسْجِدِ إذَا طَالَ مُقَامُهُ لَمْ يُزْعَجْ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ بِالرُّبُطِ الْمَوْقُوفَةِ، فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فَلَا مَزِيدَ عَلَيْهَا، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ فَلَا مَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ أَطْلَقَ نُظِرَ إلَى الْغَرَضِ الَّذِي بُنِيَتْ لَهُ وَعَمِلَ بِالْمُعْتَادِ فِيهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ بِرُبُطِ الْمَارَّةِ إلَّا لِمَصْلَحَتِهَا، أَوْ لِخَوْفٍ يَعْرِضُ، أَوْ تَوَاتُرِ مَطَرٍ.

وَالْمَدْرَسَةُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ فِيهَا إلَى تَمَامِ غَرَضِهِ، فَإِنْ تَرَكَ التَّعَلُّمَ، وَالتَّحْصِيلَ أُزْعِجَ (بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ أَيْ: وَأَحَقُّ بِالْأَخْذِ مِنْ جَوْهَرِ الْمَعْدِنِ (فِيمَا ظَهَرْ مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ: فِي الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ مَنْ سَبَقَ إلَيْهِ (إلَى قَضَائِهِ الْوَطَرْ) أَيْ: حَاجَتَهُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَاءِ الْجَارِي، وَالْكَلَأِ، وَالْحَطَبِ، فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً عَلَى حَاجَتِهِ أُزْعِجَ؛ لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَخْذِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى نَيْلِ الْمَعَادِنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَإِنَّمَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ فِيهِ، فَإِنْ انْصَرَفَ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ أَوْلَى وَظَاهِرٌ أَنَّ اعْتِبَارَ السَّبْقِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ ضِيقِ الْمَعْدِنِ، فَإِنْ اتَّسَعَ فَكُلٌّ يَأْخُذُ مِنْ جَانِبِهِ. وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمَعْدِنَ الْبَاطِنَ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فِيمَا ذَكَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(فَلْيَسْقِ مِنْ جَارٍ بِنَفْسِهِ) أَيْ: وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ السَّابِقَ أَحَقُّ، وَكَانَ قَوْمٌ يَسْقُونَ أَرَاضِيَهُمْ مِنْ مَاءٍ يَجْرِي بِنَفْسِهِ كَمَاءِ نَهْرٍ انْحَفَرَ بِجَرَيَانِ الْمَاءِ فَلْيَسْقِ مِنْهُ أَرْضَهُ (إلَى) بُلُوغِ (كَعْبَيْهِ مَنْ أَحْيَا الْمَوَاتَ أَوَّلَا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَفَاعِلُ يَسْقِ مَنْ أَحْيَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ) إذَا رَجَعَ هَذَا الْقَيْدُ أَيْضًا لِلصَّلَاةِ عَلَى ضَابِطِ الطُّولِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا. وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ إحْرَامِ الْإِمَامِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِغَيْرِ سُكَّانِ الْمَدْرَسَةِ إلَخْ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُخَصَّ بِطَائِفَةٍ أَخْذًا مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ الْمَسْجِدَ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ لُبْثُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا سُكْنَى غَيْرِ الْفَقِيهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلِكُلٍّ دُخُولُ الْمَدَارِسِ، وَالْأَكْلُ، وَالنَّوْمُ فِيهَا إلَّا السُّكْنَى إلَّا لِفَقِيهٍ، أَوْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ أَخْذِ قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَهَا لَا يَكْفِي أَحَدًا، أَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ) أَيْ: حَيْثُ يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ فِيهَا دَائِمًا بِشَرْطِهِ وَمَنَعَ هُنَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْصَرَفَ) أَيْ: قَبْلَ قَضَائِهِ الْوَطَرَ فَتَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُهُ: فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ أَوْلَى قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: مَا لَمْ يَنْصَرِفْ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَلِيَسْقِ مِنْ جَارٍ بِنَفْسِهِ) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَابِعًا مِنْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ، وَإِلَّا فَلَوْ انْفَجَرَتْ عَيْنٌ مِنْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَالْمَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا وَجَاوَزَهَا لَا يَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهُ عَلَى الْأَصَحِّ بِرّ. (قَوْلُهُ: إلَى بُلُوغِ كَعْبَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا: وَالْأَوْلَى التَّقْدِيرُ بِالْحَاجَةِ فِي الْعَادَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَبْلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ. اهـ. وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ. فَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْكَعْبَيْنِ مَا لَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ لِزِيَادَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مَنْ أَحْيَا الْمَوَاتَ أَوَّلًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمِنْ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ، إنْ أَحْيَوْا دَفْعَةً، أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ، وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْإِقْرَاعِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْإِقْرَاعَ قَوْلُهُ الْآتِي: وَإِنْ يَضِقْ يُقْرَعْ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيمَا ظَهَرَ مِنْ مَعْدِنٍ) مِنْ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ سَمَكُ الْبِرَكِ، وَصَيْدُ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ، وَجَوَاهِرُهُمَا، وَشَجَرُ الْأَيْكَةِ، وَثِمَارُهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَحَجُّرٌ، وَلَا اخْتِصَاصٌ وَلَا إقْطَاعٌ وَلَوْ إرْفَاقًا وَلَا أَخْذُ مَالٍ، أَوْ عِوَضٍ مِمَّنْ يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَذَا فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ إلَخْ) وَتُعْتَبَرُ عَادَةُ النَّاسِ فِيمَا يَأْخُذُهُ لِحَاجَتِهِ مِنْ حَاجَةِ يَوْمِهِ، أَوْ أُسْبُوعِهِ، أَوْ عُمْرِهِ الْغَالِبِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: إلَى بُلُوغِ) فَالْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>