للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَمْرٍو، ثُمَّ بَكْرٍ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لَا شَيْءَ لِبَكْرٍ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ مِنْ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى بَكْرٍ كَمَا إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ، فَمَاتَ وَلَدُ الْوَلَدِ، ثُمَّ الْوَلَدُ يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَيُوَافِقُهُ فَتْوَى الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةٍ طَوِيلَةٍ حَاصِلُهَا: أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْوَقْفِ لِحَجْبِهِ بِمَنْ فَوْقَهُ أَنَّ وَلَدَهُ يُشَارِكُ مَنْ بَعْدَهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ.

(وَاتْبَعْهُ) أَيْ: الْوَاقِفُ وُجُوبًا (فِي) قَوْلِهِ (لَا تُوجِرُوا) الْوَقْفَ أَصْلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَا يُورَدُ عَقْدٌ عَلَى عَقْدٍ فَخَرِبَ وَلَمْ يُمْكِنْ عِمَارَتُهُ إلَّا بِإِيجَارِهِ سِنِينَ أَنَّهُ يَصِحُّ إيجَارُهُ سِنِينَ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ حِينَئِذٍ يُفْضِي إلَى تَعْطِيلِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ إلَّا فِي اعْتِبَارِ التَّقْيِيدِ بِعُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَرَدَّاهُ عَلَيْهِ وَإِذَا شَرَطَ مَنْعَ الْإِجَارَةِ وَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ تَهَايَئُوا فِي السَّكَنِ وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ قَالَهُ الْجُورِيُّ: (وَالتَّسْوِيَهْ) أَيْ اتَّبَعَ الْوَاقِفَ فِيمَا ذُكِرَ وَفِي قَوْلِهِ سَوُّوا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْإِنَاثِ (وَفِي) قَوْلِهِ (الذُّكُورِ فَضِّلُوا) عَلَى الْإِنَاثِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا يَتْبَعُ سَائِرَ شُرُوطِهِ حَتَّى لَوْ خَصَّصَ الْمَسْجِدَ بِطَائِفَةٍ كَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَوْ الرَّأْيِ أُتْبِعَ رِعَايَةً لِغَرَضِهِ وَقَطْعًا لِلنِّزَاعِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ الشَّافِعِيَّةُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ الْحَنَفِيَّةُ قَالَ وَهُوَ عُرْفُ خُرَاسَانَ.

(وَالتَّوْلِيَهْ لِعَادِلٍ كَافٍ عَلَيْهِ يَجْعَلُهْ) أَيْ: وَالتَّوْلِيَةُ وَهِيَ النَّظَرُ عَلَى أَمْرِ الْوَقْفِ إنَّمَا تَثْبُتُ لِعَدْلٍ كَافٍ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ جَعَلَهُ الْوَاقِفُ حَالَ وَقْفِهِ مُتَوَلِّيًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ كَمَا فِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَأَتْبَعَهُ فِي لَا يُؤَجِّرُوا) قَالَ الشَّارِحُ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِعَارَةُ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً مَلَكَ إعَادَتَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ جَوَازُ الْإِعَارَةِ. (قَوْلُهُ: فَرَدَّاهُ عَلَيْهِ) وَقَالَا يَنْبَغِي الْجَوَازُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ قُلْت بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ) قَالَ الشَّارِحُ قَالَ: فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَبْدًا أَوْ حَيَوَانًا فَنَفَقَتُهُ عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ هُنَا وُجُوبُ الْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا يَتِمُّ مَقْصُودُ الْوَقْفِ وَيُحْفَظُ فَإِنَّ إخْلَاءَهُ مَفْسَدَةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُنَ وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ يَتِمُّ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ قُلْت لَا يَحْصُلُ إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ إلَّا بِالْمُهَايَأَةِ فَإِذَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُتَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

وَأَقُولُ يُتَّجَهُ جَوَازُ تَرْكِ الْمُهَايَأَةِ بِرِضَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ أَنْ يَتَرَاضَوْا بِعَدَمِ اسْتِيفَائِهِ.

(قَوْلُهُ وَالتَّوْلِيَةُ لِعَادِلٍ إلَخْ) هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ الْكَرَمُ فِي الْعَرَبِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ فَلِذَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْحَصْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالظَّاهِرَةِ كَمَا فِي الْأَبِ وَإِنْ افْتَرَقَا وَفِي فَوْرِ شَفَقَةِ الْأَبِ وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَاعْتَبَرَ فِيهِ الْبَاطِنَةَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إنَّمَا تَثْبُتُ لِعَدْلٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إعْرَابِ لِعَادِلٍ خَبَرُ التَّوْلِيَةِ. (قَوْلُهُ: الْوَاقِفُ) يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْوَاقِفِ السِّيَاقَ الْآتِي. (قَوْلُهُ: مُتَوَلِّيًا عَلَيْهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إعْرَابِ عَلَيْهِ مَفْعُولًا ثَانِيًا لِجَعَلَ. (فَرْعٌ)

فِي الرَّوْضِ وَلِلنَّاظِرِ الِاقْتِرَاضُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِرَاضُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَحَدِهِمَا فَهُوَ كَالْمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ وَإِنْ قَالَ: ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ لِبَكْرٍ) ؛ لِأَنَّ رُتْبَتَهُ بَعْدَ عَمْرٍو وَعَمْرٌو بِمَوْتِهِ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَكْرٌ مِنْهُ شَيْئًا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي يَتَلَقَّى الْوَقْفَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَنَى عَلَى أَنَّهُ يَتَلَقَّى مِنْ الْوَاقِفِ اسْتَحَقَّ كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ وَانْظُرْ كَيْفَ انْتَقَلَ عَلَى قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ كَوْنِهِمْ بَعْدَ عَمْرٍو فَكَانَ الْقِيَاسُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ تَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ الْوَاقِفِ إيَّاهُمْ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُنْقَطِعَ الْآخَرِ حِينَئِذٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَنْتَقِلَ أَوَّلًا لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا رَجَعَ إلَيْهِمْ لِكَوْنِهِ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَرَجَعَ أَوَّلًا لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ.

(قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ لَا تُؤَجِّرُوا الْوَقْفَ أَصْلًا) أَيْ: فَيَتْبَعُ شَرْطَهُ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا إجَارَةٍ وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا: يَفْسُدُ الْوَقْفُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ظَنِّي أَنَّ ع ش نَقَلَ أَنْ يُؤَجِّرَ وَيُخَالِفَ شَرْطَهُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: أُتْبِعَ) ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنَةٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ مَثَلًا أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ جَازَ الدُّخُولُ بِإِذْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَجْنَاسٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ الدُّخُولُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِلْمُعَيَّنِينَ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ وَهُمْ مُقَيَّدُونَ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: لِعَدْلٍ) أَيْ: عَدَالَةٍ بَاطِنَةٍ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ وق ل حَتَّى فِي الْوَاقِفِ إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ سم عَنْ م ر. (قَوْلُهُ جَعَلَهُ الْوَاقِفُ حَالَ وَقْفِهِ إلَخْ) فَإِنْ وَقَفَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّوْلِيَةَ لِأَحَدٍ فَاَلَّذِي يَقْتَضِي كَلَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>