سَوَاءٌ الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ اخْتَلَّتْ الصِّفَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا انْتَزَعَ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ مِنْهُ فَإِنْ زَالَ الِاخْتِلَالُ عَادَتْ وِلَايَتُهُ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْوَقْفِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَوَظِيفَةُ الْمُتَوَلِّي (يَعْمُرُ) و (يُكْرِي وَالنَّمَا يُحَصِّلُهْ) و (يَصْرِفُهُ مَصْرِفَهُ) وَيَحْفَظُ الْأُصُولَ وَالْغَلَّاتِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَإِقْرَاضُ مَالِ الْوَاقِفِ كَإِقْرَاضِ مَالِ الطِّفْلِ (وَأَخَذَا) أَيْ: الْمُتَوَلِّي مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ (مَشْرُوطَهُ) أَيْ: مَا شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ وَلَوْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ تَقَيَّدَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ شَيْئًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً فَهُوَ كَمَا إذَا تَبَرَّمَ الْوَلِيُّ بِحِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُثْبِتَ لَهُ أُجْرَةً قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: وَمُقْتَضَى تَشَبُّهِهِ بِالْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مَعَ الْحَاجَةِ، إمَّا قَدْرَ نَفَقَتِهِ كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ أَوْ الْأَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَدْ يُقَالُ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْوَلِيِّ إنَّمَا وَقَعَ فِي حُكْمِ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ لَا مُطْلَقًا فَلَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ (وَالْبَعْضَ) مِنْ الْوَظَائِفِ الْمَذْكُورَةِ (إنْ يَرْسُمْ) أَيْ: يَجْعَلَهُ الْوَاقِفُ لِلْمُتَوَلِّي (فَذَا) أَيْ: الْبَعْضُ الْمَرْسُومُ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْمُتَوَلِّي اتِّبَاعًا لِرَسْمِ الْوَاقِفِ (وَجَازَ) لِلْوَاقِفِ إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ (أَنْ يَعْزِلَهُ) أَيْ: مَنْ وَلَّاهُ (وَاسْتَبْدَلَا) بِهِ (سِوَاهُ) كَمَا يَعْزِلُ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ وَيُنَصِّبُ
ــ
[حاشية العبادي]
دُونَ إذْنِهِ. اهـ. وَفِي شَرْحِهِ مُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيِّ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَخَذَا مَشْرُوطَهُ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ اسْتِقْلَالِهِ بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ وَهُوَ مَا أَخَذَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ فَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنَّ لِلْوَلِيِّ الْمُتَبَرِّمِ الِاسْتِقْلَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ يُرَاجَعُ.
(قَوْلُهُ: مَشْرُوطَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ شَرَطَ لَهُ عُشْرَ الْغَلَّةِ أُجْرَةً لِعَمَلِهِ جَازَ، ثُمَّ إنْ عَزَلَهُ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ أُجْرَةً اسْتَحَقَّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ شَرَطَهُ) أَيْ: الْوَاقِفُ وَقَوْلُهُ لِنَفْسِهِ أَيْ: الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ) أَيْ: لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ لَوْ رَفَعَ الْوَاقِفُ الَّذِي لَمْ يَشْرِطْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَغَيْرِهِمَا كَشَرْحِ الشَّارِحِ فَرْضُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي عَدَمَ شَرْطِ شَيْءٍ لِلنَّاظِرِ وَرَفْعَهُ الْأَمْرَ حِينَئِذٍ لِلْحَاكِمِ فِي النَّاظِرِ غَيْرِ الْوَاقِفِ أَوْ فِيمَا يَشْمَلُهُ لَا فِي خُصُوصِ الْوَاقِفِ وَعَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا يَكُونُ الْوَاقِفُ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ) أَيْ: مِنْ مَسْأَلَةِ الْغَسَّالِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ) وَكَانَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِتَقْرِيرِ الْحَاكِمِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ النَّفَقَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ النَّفَقَةُ ثَمَّ لِوُجُوبِهِمَا عَلَى فَرْعِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَلِيًّا عَلَى مَالِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ النَّاظِرِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْ قَوْلَهُ لِوُجُوبِهَا عَلَى فَرْعِهِ مَعَ أَنَّ الْوَلِيَّ ثَمَّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ
[حاشية الشربيني]
مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ الْفَتْوَى بِهِ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ فَالتَّوْلِيَةُ لِلْحَاكِمِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ جَعَلْنَاهُ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَ الِاخْتِلَالُ إلَخْ) فَعُرُوضُهُ مَانِعٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ لَا سَالِبٌ لِوِلَايَتِهِ فَقَوْلُهُ: عَادَتْ وِلَايَتُهُ أَيْ عَادَ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَمْ تَزُلْ. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً إلَخْ) وَإِلَّا بِأَنْ وَلَّاهُ النَّظَرَ بَعْدَ الْوَاقِفِ بِأَنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ، وَتَوْلِيَةُ غَيْرِهِ عَنْهُ لَمْ تَعُدْ لِزَوَالِ الِاخْتِلَالِ بَلْ تَكُونُ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ لَا لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَهْلِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُتَأَخِّرِ نَظَرًا إلَّا بَعْدَ فَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا سَبَبَ لِنَظَرِهِ غَيْرَ فَقْدِهِ وَلَا يُنَافِي هَذَا انْتِقَالُ النَّظَرِ عِنْدَ تَغَيُّرِ حَالِ الْأَرْشَدِ لِمَنْ هُوَ أَرْشَدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا شَرْطٌ فِي الِانْتِقَالِ لِعَمْرٍو فَقْدُ زَيْدٍ وَبِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ لَمْ يُفْقَدْ وَفِي ذَلِكَ جَعَلَ الِاسْتِحْقَاقَ بِفَقْدِ الصِّفَةِ وَحَيْثُ فُقِدَتْ مِنْ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ الثَّانِي. اهـ.
م ر وع ش مَعْنَى وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ أَنَّ الْأَرْشَدِيَّةَ إذَا عَادَتْ بَعْدَ زَوَالِهَا وَقَدْ كَانَ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ لَا تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَرْشَدِ لِعَدَمِ النَّصِّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ عَادَتْ الْأَهْلِيَّةُ عَادَتْ الْوِلَايَةُ إنْ كَانَ شَرْطُ الْوَاقِفِ بِالنَّصِّ عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَالنَّصُّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ النَّظَرِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ عَمْرٍو وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قُوَّتُهُ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَزْلُهُ وَلَا الِاسْتِبْدَالُ بِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْوَاقِفِ إلَخْ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ النَّاظِرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ فَإِنْ اخْتَلَّتْ صِفَةٌ مِنْهُمَا انْتَزَعَ الْحَاكِمُ الْوَقْفَ مِنْهُ وَلَا تَعُودُ وِلَايَتُهُ بِعَوْدِ الصِّفَةِ إلَّا إنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute