للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ لَهَا بِمَا مَثَّلَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْأُصُولِ كَقَوْلِهِ وَقَفْت دَارِي عَلَى أَوْلَادِي وَحَبَسْت ضَيْعَتِي عَلَى أَقَارِبِي وَسَبَّلْت بُسْتَانِي عَلَى عُتَقَائِي الْمَحَاوِيجِ مِنْهُمْ (تَنْبِيهٌ) لَا يَتَقَيَّدُ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجُمَلِ بِالْعَطْفِ فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا بِلَا عَطْفٍ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ عَبْدِي حُرٌّ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ يُعْتَقْ.

(وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ) فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَلَا عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَالْعِتْقِ (فَيُطَّرَحْ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ (تَصَرُّفٌ فِي غَرَضِ الْوَقْفِ قَدَحْ) أَيْ: تَصَرُّفٌ قَادِحٌ فِي غَرَضِ الْوَقْفِ كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ. (وَ) فِي (شَرْطِ وَاقِفٍ) كَإِيجَارِ مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَنْعَ إيجَارِهِ كَمَا مَرَّ.

(وَمِلْكِ الْبَارِي الْوَقْفُ) أَيْ: وَالْوَقْفَ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنِ مِلْكِ الْبَارِي تَعَالَى أَيْ: يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَالْعِتْقِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْوَاقِفُ وَلَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِمَا فِيهِ (وَالْمَسْجِدُ كَالْأَحْرَارِ) فِي أَنَّهُ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ وَفِي أَنَّهُ يَمْلِكُ كَالْحُرِّ وَفِي أَنَّهُ لَوْ مَنَعَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ بِغَلْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ خَصَّهُ الْوَاقِفُ بِطَائِفَةٍ لَا يَخْتَصُّ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ اتِّبَاعًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ.

(وَيُنْفِقُ الَّذِي عَلَيْهِ وُقِفَا لِفَقْدِ شَرْطٍ ثُمَّ كَسْبُهُ انْتَفَى) أَيْ: وَيُنْفِقُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ عِنْدَ فَقْدِ شَرْطِ الْوَاقِفِ جِهَةً لِنَفَقَتِهِ ثُمَّ انْتِفَاءُ كَسْبِهِ الَّذِي يَفِي بِهَا وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكَسْبِ بَعْدَ اعْتِبَارِ الْجِهَةِ الَّتِي شَرَطَهَا الْوَاقِفُ وَحَاصِلُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

مُفْرَدَاتٌ لَا جُمَلٌ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِي هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ آنِفًا عَنْ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ وَمُجَرَّدُ الْعَطْفِ ثَمَّ لَا هُنَا لَا أَثَرَ لَهُ فَإِنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَيْهِمَا بِدُونِ الْعَطْفِ فَمَعَ الْعَطْفِ أَوْلَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَفِيهِ نَظَرٌ سم

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ) نَعَمْ مَرَّ فِي الشُّفْعَةِ أَنَّ لِلشَّفِيعِ نَقْضَهُ وَهُنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ دَارِي وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ مَوْتِي جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إذْ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِمَوْتِهِ وَأَنَّهُ لَوْ نَجَّزَهُ وَعَلَّقَ الْإِعْطَاءَ بِالْمَوْتِ جَازَ وَالْأَوْجَهُ فِي رِيعِهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لِمَصَالِحِ الْوَقْفِ خَاصَّةً حَجَرٌ فَعُلِمَ صِحَّتُهُ فَلَا يُقَالُ. إنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ

(قَوْلُهُ: أَيْ: يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَصَّ الْوَقْفَ بِبَعْضِ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ فَقَطْ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَنْفَكُّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَمْرَانِ الْأَخِيرَانِ ذَكَرُوهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ الْمَقْبَرَةُ وَالرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَنَحْوُهُمَا وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِالتَّحْرِيرِ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأُمُورِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَالْأَمْرَانِ الْأَخِيرَانِ هُمَا مَا قَبْلَ قَوْلِهِ هُنَا وَيُفْهَمُ إلَخْ أَيْ: الْمِلْكُ كَالْحُرِّ وَعَدَمِ الْأُجْرَةِ إذَا مَنَعَ مِنْهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَعَ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ شَغَلَ جَمِيعًا وَجَبَ أُجْرَةُ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ فَإِنْ أَغْلَقَهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ أُجْرَةُ مَا شَغَلَهُ فَقَطْ م ر

(قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ الَّذِي عَلَيْهِ وَقْفًا) وَانْظُرْ لَوْ وَقَفَ دَابَّةً لِرُكُوبِ إنْسَانٍ فَإِنَّ فَوَائِدَهَا لِلْوَاقِفِ كَمَا سَيَأْتِي فَهَلْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْوَاقِفِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَكَيْفَ تُوَزَّعُ؟ . (قَوْلُهُ: ثُمَّ كَسْبِهِ) عَطْفٌ عَلَى شَرْطٍ. (قَوْلُهُ انْتَفَى) لَعَلَّهُ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَيْسَ يُقَيِّدُ بَلْ الصِّفَةُ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ: فَيَطَّرِحُ) تَفْرِيعٌ عَلَى اللُّزُومِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فَيَمْنَعُ لِلُزُومِهِ تَصَرُّفًا نَافَاهُ لِقَدْحِهِ فِي غَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَصَحَّ التَّصَرُّفُ وَكَانَ رُجُوعًا عَنْ الْوَقْفِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَنْفَكَّ إلَخْ) فَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهِ مِلْكَهُ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَمْلُوكَةً لِلَّهِ تَعَالَى. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَخْتَصُّ إلَخْ) فَإِذَا انْقَرَضُوا صَارَ عَامًّا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ: فَيَنْتَفِعُ بِهِ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ وَانْظُرْ هَلَّا قِيلَ بِالتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ انْقَرَضَ وَهُوَ أَنَّهُ يُصْرَفُ لِلْفَقِيرِ الْأَقْرَبِ رَحِمًا فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يُصْرَفُ لَهُمْ مَا كَانَ يُصْرَفُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا وُقِفَ عَلَى الْوَقْفِ. اهـ. بِهَامِشِ الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِانْتِفَاعِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ لَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>