للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ إنْ شَرَطَ لِنَفَقَتِهِ جِهَةً أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهَا وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَمْ يَفِ بِهَا فَهِيَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ لَهُ فَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ أَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا جَزَمَ بِهِ فِيمَا مَرَّ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَإِنْ بَنَى) وُجُوبَهَا (عَلَى الْأَقْوَالِ فِي الْمِلْكِ فَالْأَصَحُّ) أَنَّ مَحَلَّهَا (بَيْتُ الْمَالِ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا كَسْبَ لَهُ قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْقُونَوِيِّ وَلَعَلَّ الْحَاوِيَ أَرَادَ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا قَالَاهُ يُوَافِقُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُجَابِ لَكِنَّهُ قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ نَفَقَةَ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ لَا تَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ بَلْ تَكُونُ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي بَابِهِ فَلَا يَتَمَشَّى كَلَامُهُ إذًا إلَّا إذَا قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ نَاقَضَ مَا جَزَمَ بِهِ قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَدْ يُجَابُ؛ بِأَنَّ لِلْمَوْقُوفِ تَعَلُّقًا خَاصًّا بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ نَفَقَتُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمَحَاوِيجِ، أَمَّا عِمَارَةُ الْمَوْقُوفِ فَمِنْ حَيْثُ شَرَطَ، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ فَمِنْ غَلَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ لَمْ تَجِبْ عَلَى أَحَدٍ عِمَارَتُهُ كَالْمِلْكِ الْخَالِصِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ حِفْظًا لِرُوحِهِ.

(وَرَيْعَهُ) أَيْ: الْوَقْفِ وَهُوَ مَنَافِعُهُ وَفَوَائِدُهُ (يَمْلِكُ) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ وَذَلِكَ (كَالنِّتَاجِ) وَالْوَبَرِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ لِلدَّابَّةِ الْمَوْقُوفَةِ نَعَمْ لَوْ وَقَفَ دَابَّةً لِرُكُوبِ إنْسَانٍ وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ فَهُمَا لِلْوَاقِفِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ أَتَتْ الْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ بِحُرٍّ كَأَنْ حَبِلَتْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ فَقِيمَتُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْبَهِيمَةِ الْمَوْقُوفَةِ الْمَأْكُولَةِ وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ الِانْتِفَاعِ إلَّا إذَا قُطِعَ بِمَوْتِهَا لَوْ لَمْ تُذْبَحْ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهَا لِلضَّرُورَةِ وَيُبَاعُ اللَّحْمُ وَيُشْتَرَى بِبَدَلِهِ بَهِيمَةٌ مِنْ جِنْسِهَا وَتُوقَفُ وَإِذَا مَاتَتْ، فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِجِلْدِهَا وَإِذَا دَبَغَهُ فَالظَّاهِرُ عَوْدُهُ وَقْفًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا حَيَّةً وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمَحَامِلِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَالْجُرْجَانِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجَوَازِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِلدَّلِيلِ وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ شَجَرَةً مَلَكَ ثِمَارَهَا دُونَ أَغْصَانِهَا إلَّا مَا يُعْتَادُ قَطْعُهُ كَشَجَرَةِ الْخِلَافِ.

(وَبَدَلٍ لِلْبُضْعِ) أَيْ: وَكَبَدَلِ بُضْعِ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَهُوَ الْمَهْرُ إذَا وُطِئَتْ مُكْرَهَةً أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قُلْت وَإِنْ بَنَى عَلَى الْأَقْوَالِ فِي الْمِلْكِ إلَخْ) الْأَرْجَحُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: الْمُلْكُ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا خَاصًّا بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْأَغْنِيَاءِ م ر. (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَعَذُّرِ بَيْتِ الْمَالِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَقْدِيمِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ) فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنَافِعُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ مِنْ فَوَائِدِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ لَا الْمَنْفَعَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ) عَبَّرَ فِي الرَّوْضِ بِالْفَوَائِدِ. (قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ اللَّحْمُ) وَقِيلَ يَفْعَلُ الْحَاكِمُ بِهِ بِإِبْرَاءِ مَصْلَحَةٍ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِي بِبَدَلِهِ بَهِيمَةً مِنْ جِنْسِهَا) يَنْبَغِي فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاءُ بَهِيمَةٍ فَشِقْصٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِجِلْدِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ خَصَّهُ الْوَاقِفُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهَا كَدَرِّهَا أَوْ صُوفِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي جِلْدِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا دَبَغَهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ انْدَفَعَ بِنَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمِيعُ ذَلِكَ صُرِفَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

حَيْثُ صَرْفُ الرِّيعِ فَيَكُونُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ حَرِّرْهُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: كَوْنُهَا بَعْدَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَكَسْبُهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ إلَخْ) أَيْ: هِيَ بَعْدَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَكَسْبُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَقْوَالِ) أَيْ: أَظْهَرِهَا كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ لَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ بَنَى إلَخْ أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ: الْأَرْجَحُ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: بِالرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ لِلَّهِ. (قَوْلُهُ: الْأَقْوَالِ) أَيْ: أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ أَوْ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمَحَلُّهَا فِيمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ، أَمَّا نَحْوُ الْمَسْجِدِ كَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ فَالْمِلْكُ فِيهَا لِلَّهِ قَوْلًا وَاحِدًا. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلَّهِ إلَّا أَنَّ الْمَوْقُوفَ لَهُ تَعَلُّقٌ خَاصٌّ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَالَهُ م ر تَبَعًا لِلشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَزَتْ عَنْهُ) جَازَ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ ق ل. (قَوْلُهُ أَوْلَى بِجِلْدِهَا) وَلَا يَجُوزُ النُّزُولُ عَنْهُ بِعِوَضٍ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِي غَيْرِهِ. اهـ. ح ش. (قَوْلُهُ: مَلَكَ ثِمَارَهَا) أَيْ: الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً وَإِلَّا فَهِيَ وَقْفٌ تُبَاعُ وَتُشْرَى بِقَدْرِ ثَمَنِهَا مِنْ جِنْسِ أَصْلِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَغَيْرُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْغَيْرُ عَادَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ، ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصُّوفِ وَنَحْوِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: كَشَجَرَةِ الْخِلَافِ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ أَوْ نَفْسُهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: مُكْرَهَةً) أَيْ: لِغَيْرِ الْوَاقِفِ وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَنْ ق ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ: مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَمِنْ الشُّبْهَةِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ وَمِنْهُ نِكَاحُ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الْعُذْرِ فِيهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>