للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَمَنْ) لَقَطَ (لِلْحِفْظِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْرِيفٌ إذَنْ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ الْأَكْثَرُونَ وَصَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لُزُومَهُ وَجَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ الْأَقْوَى وَالْمُخْتَارَ لِئَلَّا يَكُونَ كِتْمَانًا مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذَا فِي لُقَطَةِ غَيْرِ الْحَرَمِ أَمَّا لُقَطَةُ الْحَرَمِ فَيَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهَا قَطْعًا لِلْخَبَرِ الْآتِي وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا لَقَطَهُ لِغَيْرِ الْحِفْظِ لَزِمَهُ تَعْرِيفُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَرَادَ التَّمَلُّكَ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ بَلْ إنْ الْتَقَطَهُ لِلْخِيَانَةِ لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَى الْقَاضِي.

(وَلِتَمَلُّكٍ) بِالتَّنْوِينِ وَبِتَرْكِهِ أَيْ: لَقَطَ مَا ضَاعَ لِحِفْظِهِ وَلِتَمَلُّكِ (سِوَى الْمُمْتَنِعِ فِي الْمُهْلَكَاتِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ جَمْعُ مَهْلَكَةٍ أَيْ: مَفَازَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (مِنْ صَغِيرِ السَّبُعِ) كَذِئْبٍ وَنَمِرٍ وَفَهْدٍ فَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ كَشَاةٍ وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ بِمَفَازَةٍ وَغَيْرِهَا صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ وَمَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ بِقُوَّتِهِ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ وَحِمَارٍ أَوْ بِعَدْوِهِ كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ بِطَيَرَانِهِ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ فِي غَيْرِ زَمَنِ النَّهْبِ أَوْ نَحْوِهِ امْتَنَعَ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ لِخَبَرِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ نَحْوُهُ وَلِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ مَالِكُهُ لِتَطَلُّبِهِ لَهُ فَإِنْ الْتَقَطَهُ لِذَلِكَ ضَمِنَهُ وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي بَرِئَ كَمَا فِي الْغَصْبِ وَإِنْ وَجَدَهُ بِقَرْيَةٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ بِقُرْبِهِمَا جَازَ الْتِقَاطُهُ؛ لِلتَّمَلُّكِ لِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِعَدَمِ وِجْدَانِهِ مَا يَكْفِيهِ وَبِامْتِدَادِ الْيَد الْخَائِنَةِ إلَيْهِ لِعُمُومِ طُرُوقِ النَّاسِ بِالْعُمْرَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَفَازَةِ وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ التَّخْلِيصِ مَا لَوْ وَجَدَ بَعِيرًا مُقَلَّدًا أَيَّامَ مِنًى فَالنَّصُّ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَيُعَرِّفُهُ أَيَّامَ مِنًى فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا نَحَرَهُ وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ

ــ

[حاشية العبادي]

بَلْ يُكْرَهُ كَمَا نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، ثُمَّ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْإِشْهَادُ إذَا لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ ظَالِمًا بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ الْإِشْهَادُ وَكَذَا التَّعْرِيفُ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ اهـ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ حُرْمَةِ الِاسْتِيعَابِ عَدَمُ الضَّمَانِ بِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الِاسْتِيعَابَ فِي التَّعْرِيفِ مُضَمَّنٌ وَلَكِنَّ الْفَرْقَ لَائِحٌ نَعَمْ لَوْ أَشْهَدَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ مَعَ كَثْرَةِ الْحَاضِرِينَ بِالْحِفْظِ عَلَيْهَا مِنْهُمْ مُسْتَوْعِبًا فَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ التَّمَلُّكَ) أَيْ: أَوْ الِاخْتِصَاصَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ لَمْ يَقْصِدْ حِفْظًا وَلَا تَمَلُّكًا

(قَوْلُهُ: وَبِتَرْكِهِ) هُوَ الْأَحْسَنُ بَلْ الصَّوَابُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُمْتَنَعَ فِي الْمُمْتَنِعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لُقَطَةٌ لِلتَّمَلُّكِ، وَأَمَّا لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَالشَّارِحِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ مَا أَفْهَمَهُ، وَقَوْلُهُ: لِيُفِيدَ إلَخْ مِنْ عَدَمِ إفَادَةِ التَّنْوِينِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَيْ: لَفْظُ مَا ضَاعَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى بَيَانِ تَعَلُّقِ لِحِفْظِهِ بِقَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ لَقَطَ وَعَطَفَ قَوْلَهُ وَلِتَمَلُّكٍ عَلَى لِحِفْظِهِ وَبَيَانُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنْ لِلْحِفْظِ إلَخْ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ. (قَوْلُهُ كَبَعِيرٍ لَوْ وَجَدَهُ مُحَمَّلًا) فَيُتَّجَهُ أَنَّ لِكُلٍّ حُكْمَهُ فَلَهُ الْتِقَاطُ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ لِلتَّمَلُّكِ وَالْتِقَاطُهُ وَهُوَ لِلْحِفْظِ دُونَ التَّمَلُّكِ م ر.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ زَمَنِ النَّهْبِ) ، أَمَّا فِي زَمَنِ ذَلِكَ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَقَطَهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتَّمَلُّكِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَهْلَكَاتِ مَاءٌ تَكْفِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لِلْحِفْظِ) خَصَّ الزَّرْكَشِيُّ الْمُلْتَقَطَ لِلْحِفْظِ بِالْمُسْلِمِ الْأَمِينِ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَلْتَقِطُ إلَّا لِلتَّمَلُّكِ فَلَوْ الْتَقَطَ غَيْرُهُ لِلْحِفْظِ وَأَخَذَهَا مِنْهُ غَيْرُهُ فَهُوَ الْمُلْتَقِطُ وَفِي الْعُبَابِ مَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْتِقَاطِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ الْأَمِينِ لِلْحِفْظِ وَفِي شَرْحِ م ر تَخْصِيصُ اللَّقْطِ لِلْحِفْظِ بِالثِّقَةِ.

(قَوْلُهُ: لُزُومَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر، ثُمَّ قَالَ: فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ التَّعْرِيفِ وَلَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ لَوْ بَدَا لَهُ بَعْدُ. اهـ. وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ تَرْكِ التَّعْرِيفِ وَهَلْ هُوَ مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّعْرِيفُ وَلَمْ يَفْعَلْ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر ضَبْطَهُ بِأَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ زَمَنٍ تُطْلَبُ فِيهِ عَادَةً وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِعِظَمِهَا وَحَقَارَتِهَا. (قَوْلُهُ: دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي) وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِدَفْعِهِ لِقَاضٍ أَمِينٍ م ر

(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ: مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>