الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَإِنْ قُلْنَا يُؤْخَذُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الْأَخْذُ لِلتَّمَلُّكِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْبَعِيرَ لَا يُؤْخَذُ لِلتَّمَلُّكِ قَالَ النَّوَوِيُّ إنْ مَنَعْنَا الْآحَادَ مِنْ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ فَالِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرٌ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالنَّحْرِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةٌ ذَكَرَهَا الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِتَمَلُّكِ مَا ذُكِرَ الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لِلْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ صَوْنًا عَنْ الضَّيَاعِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا صِغَارَ السِّبَاعِ فَقَطْ لِكَثْرَتِهَا وَلِأَنَّهُ قَلَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ كِبَارِهَا ضَالَّةٌ. .
(وَ) سِوَى (أَمَةٍ حَلَّتْ لَهُ) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ وَلَوْ فِي زَمَنِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالِاقْتِرَاضِ بِخِلَافِ الَّتِي لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَجُوسِيَّةٍ وَمُحَرَّمٍ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كَوْنِهَا غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ أَوْ مُمَيِّزَةً لَكِنْ فِي زَمَنِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَمَّا الْتِقَاطُهَا لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا إلَّا الْمُمَيِّزَةَ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ كَمَا مَرَّ (وَ) سِوَى مَا ضَاعَ (بِالْحَرَمْ) الْمَكِّيِّ فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ وَإِنَّمَا يُلْتَقَطُ لِلْحِفْظِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ أَيْ لِمُعَرِّفٍ عَلَى الدَّوَامِ لَا لِلتَّمَلُّكِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَكَّةَ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ يَعُودُونَ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهُ أَوْ نَائِبُهُ لِطَلَبِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَتَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ بِهِ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ، أَمَّا الْحَرَمُ الْمَدَنِيُّ فَصَرَّحَ الدَّارِمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَكِّيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ أَنَّهُ كَهُوَ كَمَا فِي حُرْمَةِ الصَّيْدِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد فِي الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمَنْ أَشَادَ بِهَا أَيْ: رَفَعَ صَوْتَهُ بِهَا وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ (أَوْ) سِوَى مَا (حَازَهُ) أَيْ: الْتَقَطَهُ (خِيَانَةً) فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا عَرَّفَهُ كَالْغَاصِبِ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُ الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَهُ لَا لِخِيَانَةٍ وَلَا لِأَمَانَةٍ أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَنَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا عَرَّفَهُ وَلَوْ طَرَأَتْ الْخِيَانَةُ ثُمَّ أَقْلَعَ وَقَصَدَ التَّمَلُّكَ فَالْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ التَّهْذِيبِ الْجَوَازُ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ فِي الِابْتِدَاءِ انْعَقَدَ لِلتَّمَلُّكِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ بِتَفْرِيطٍ يَطْرَأُ وَعِنْدَ الْغَزَالِيِّ الْمَنْعُ فَإِنَّ الْأَمَانَةَ لَا تَعُودُ بِتَرْكِ التَّعَدِّي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِوِجْدَانِهِ فِي الْمَفَازَةِ إذْ امْتِنَاعُ الْأَخْذِ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيهَا لَكِنْ ظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الْمَفَازَةِ كَالْمَفَازَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ انْدِفَاعُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَةٍ حَلَّتْ لَهُ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْهَا أُخْتَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا لِعَارِضٍ قَدْ يَزُولُ بِالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ كَمَجُوسِيَّةٍ) لَوْ عَرَّفَهَا وَتَمَلَّكَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤَثِّرَ إسْلَامُهَا فِي مِلْكِهَا وَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْمَنْعُ لِلْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: لَا الْمُمَيِّزَةِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ) يَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمُمَيِّزَةَ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ لَا تُلْتَقَطُ مُطْلَقًا وَتُلْتَقَطُ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ لِلْحِفْظِ مُطْلَقًا وَكَذَا لِلتَّمْلِيكِ حَيْثُ لَمْ تَحِلَّ وَأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزَةِ تُلْتَقَطُ مُطْلَقًا فِي زَمَنِ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ إنْ لَمْ تَحِلَّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ) أَيْ: وَلَوْ حَقِيرًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ زَبِيبَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِتَعْرِيفٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُعَرِّفُ عَلَى الدَّوَامِ) ظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الْحَقِيرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا عَرَّفَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَقْلَعَ وَيُؤَيِّدُهُ الْإِطْلَاقُ هُنَا مَعَ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ طَرَأَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَقْلَعَ) وَعَرَّفَ رَوْضٌ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ يُعْتَدُّ بِالتَّعْرِيفِ إذَا كَانَتْ الْخِيَانَةُ قَدْ طَرَأَتْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَمَانَةَ إلَخْ) التَّعْلِيلُ بِهَذَا
[حاشية الشربيني]
امْتِنَاعِ الْتِقَاطِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْمَفَازَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَقْلِيدِهِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ عَنْهُ وَرُدَّ بِقُوَّةِ الْقَرِينَةِ الْمُغَلِّبَةِ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ هَدْيٌ مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَدَمِ تُهْمَةِ الْوَاجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُمْ لَا لَهُ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: إنْ مَنَعْنَا الْآحَادَ مِنْ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ) أَيْ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَأْخُذُهُ لِلْحِفْظِ الْحَاكِمُ فَقَطْ وَهَذَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ مُقَابِلًا لِلْأَصَحِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَاكِمَ وَالْآحَادَ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ سَوَاءٌ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُمْتَنِعِ فِي الصَّحْرَاءِ.
(قَوْلُهُ: إنْ مَنَعْنَا إلَخْ) أَيْ: لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ) أَيْ: الْأَخْذَ لِلْحِفْظِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ لِيَحْفَظَهُ عَلَى مَالِكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ قَامَ مَقَامَهُ فِي ذَبْحِهِ وَتَفْرِقَتِهِ اللَّذَيْنِ لَا يَكُونَانِ إلَّا لِمُتَمَلِّكٍ فَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا يَلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ يَتَضَمَّنُ أَنَّ لَاقِطَهُ لَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُهُ الْمَالِكُ الَّذِي مِنْهُ الذَّبْحُ وَالتَّفْرِقَةُ فَاسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْمُتَضَمِّنِ ذَبْحَ هَذَا الْبَعِيرِ وَتَفْرِقَتَهُ وَأَنَّهُ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ وَتَوَقَّفَ الْمُحَشِّي تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَعِيرَ جَوَّزْنَا أَخْذَهُ لِلْآحَادِ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ كَمَجُوسِيَّةٍ) فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فَيَنْبَغِي بَقَاؤُهَا لَكِنْ يَمْتَنِعُ وَطْؤُهَا سم وَنَقَلَهُ ع ش عَنْ وَالِدِ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَازِمًا بِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى إلَخْ) هَذِهِ حِكْمَةٌ بَعْدَ التَّخْصِيصِ بِالْحَرَمِ مِنْ الْحَدِيثِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لُقَطَةَ عَرَفَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مَثَابَةً لِلنَّاسِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَكِّيِّ) جَرَى عَلَيْهِ م ر وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ ق ل: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ الْأَقْصَى وَعَرَفَاتٌ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: لَا تَعُودُ بِتَرْكِ التَّعَدِّي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute