للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحُهُ وَلَوْ دَفَعَ اللُّقَطَةَ لِلْحَاكِمِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَلَوْ تَرَكَ بَعْدَ أَنْ دَفَعَهَا لَهُ التَّعْرِيفَ وَالتَّمَلُّكَ، ثُمَّ نَدِمَ فَوَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ مَنْعُ تَمَلُّكِهِ فَإِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ انْتَهَى (فِي الْحَالِ) صِلَةٌ لِلتَّمَلُّكِ أَيْ: لَقَطَ لِيَتَمَلَّكَ مَا الْتَقَطَهُ فِي الْحَالِ.

(ثُمَّ) أَيْ: فِي مَكَانِ الِالْتِقَاطِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى تَعْرِيفِهِ (إنْ كَانَ مِثْلَ حَبَّتَيْنِ بُرَّا) مِمَّا لَا يُتَمَوَّلُ فَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ وَلَفْظَةُ ثَمَّ زَادَهَا النَّاظِمُ تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا.

(وَ) لِيَتَمَلَّكَ (مَا يَقِلُّ) مِمَّا يُتَمَوَّلُ وَهُوَ مَا يَظُنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَكْثُرُ أَسَفُهُ عَلَيْهِ غَالِبًا (أَنْ يُعَرِّفَ قَدْرَا) يَلِيقُ بِهِ بِأَنْ يُعَرِّفَهُ مُدَّةً يَظُنُّ فِي مِثْلِهَا أَنَّ فَاقِدَهُ يُعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَدَانِقُ الْفِضَّةِ يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ وَدَانِقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِ مَا يَقِلُّ سَنَةً قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمَنْصُوصُ وَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَإِنْ اتَّجَهَ الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَيُشْكِلُ عَلَى تَرْجِيحِ الْفَرْقِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا مَا لَيْسَ بِمَالٍ يُعَرَّفُ سَنَةً ثُمَّ يَخْتَصُّ بِهِ (بِذِكْرِ أَوْصَافٍ) أَيْ: مَعَ ذِكْرِهِ فِي التَّعْرِيفِ نَدْبًا بَعْضَ أَوْصَافِ مَا الْتَقَطَهُ كَعِفَاصِهِ أَيْ: وِعَائِهِ وَوِكَائِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ فَقَدْ يَرْفَعُهُ إلَى مُلْزَمِ الدَّفْعِ بِالصِّفَاتِ.

(وَأَوْجِبْ) أَنْتَ (مُؤَنَهْ) أَيْ مُؤَنَ التَّعْرِيفِ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَنْ الْتَقَطَ لِتَمَلُّكٍ أَوْ حِفْظٍ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ التَّمَلُّكُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ سَبَبٌ لِتَمَلُّكِهِ، أَمَّا إذَا الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ أَبَدًا فَإِنْ أَوْجَبْنَا التَّعْرِيفَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبْذُلَ أُجْرَتَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا يَقْتَضِي عَوْدَ الْأَمَانَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَبُولُ) أَيْ: وَلِلدَّافِعِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى التَّعْرِيفِ وَقَصْدِ التَّمَلُّكِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَلَوْ تَرَكَ بَعْدَ أَنْ دَفَعَهَا إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِيَتَمَلَّكَ مَا الْتَقَطَهُ فِي الْحَالِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ ابْتِدَاءِ مِلْكِ مَا لَا يُتَمَوَّلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكَ غَيْرَ الْمُتَمَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّمَلُّكِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ لَفْظٌ أَوْ يَكْفِي قَصْدُ التَّمَلُّكِ وَقَدْ يُقَالُ مَا يُعْرِضُ عَنْهُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ كَمَا ذَكَرُوهُ.

(قَوْلُهُ وَيُشْكِلُ عَلَى تَرْجِيحِ الْفَرْقِ إلَخْ) قُلْت لَوْ حُمِلَ هَذَا عَلَى الْمُخْتَصِّ الْكَثِيرِ بِحَيْثُ يَكْثُرُ أَسَفُ فَاقِدِهِ لَاتُّجِهَ وَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِيمَا يَأْتِي جَزَمَ بِمَا حَاوَلْته فَإِنْ قُلْت: يُقَوِّي الْإِشْكَالَ أَنَّ قَلِيلَ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الْمُخْتَصِّ قُلْت وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ دُونَ أَغْرَاضِ النَّاسِ فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَلِكَ وَالتَّعْرِيفُ تَابِعٌ لِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحَقَّرَ مِنْ الْمَالِ لَا يُعْرَفُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ خَيْرًا مِنْ كَثِيرِ الْمُخْتَصِّ بِرّ وَقَوْلُهُ: لَوْ حُمِلَ هَذَا إلَخْ هَذَا الْحَمْلُ لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا تَقَيَّدَ بِالْكَثِيرِ فَفِي الْمَالِ أَوْلَى. (فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِيفَاؤُهَا أَيْ: الْأَوْصَافِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: بَعْدَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى نَقْلِ الْأَصْلِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقُلْهُ وَإِنَّمَا قَالَ: لَا يَخْتَصُّ الْبَيَانُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ إلَى أَنْ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَشْهُورُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَكْفِي ذِكْرُ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ يُوَافِقُهُ

(قَوْلُهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُؤْنَةُ بَعْدَ هَذَا الْبَدْءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ التَّعْرِيفِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى وَهَذَا ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الِاسْتِئْنَافِ فِي مِثْلِ هَذَا يُفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ فِيمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: الْمُؤْنَةُ بَعْدَ هَذَا الْبَدْءِ أَقُولُ وَهَلْ مُؤْنَةُ مَا مَضَى كَذَلِكَ فَتَضِيعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ

ــ

[حاشية الشربيني]

حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ ضَمِنَ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَسَقَطَ عَنْ الْمُلْتَقِطِ وُجُوبُ التَّعْرِيفِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ ق ل وَيُغْنِي عَنْ التَّعْرِيفِ دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ الْأَمِينِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ عَلَى الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُعَرِّفَ إلَخْ) وَالتَّعْرِيفُ مَمْنُوعٌ عَلَى مَنْ خَافَ بِهِ أَخْذَ ظَالِمٍ لَهَا وَتَكُونُ عِنْدَهُ أَبَدًا: أَنَّهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ ع ش: يَنْبَغِي أَنَّهُ كَالْمَالِ الضَّائِعِ أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ نَاظِرُهُ أَمِينًا يَنْتَظِرُ الْمَالِكُ إنْ رُجِيَ وَيَصْرِفُهُ مَصَارِفَ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُرْجَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا اسْتَقَلَّ بِذَلِكَ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ إنْ أَحْسَنَهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ لِثِقَةٍ عَارِفٍ يَفْعَلُ بِهِ مَا ذُكِرَ

(قَوْلُهُ: لِتَمَلُّكٍ) أَوْ اخْتِصَاصٍ أَوْ خِيَانَةٍ، وَعَدَمُ قَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>