نَظَائِرِهِ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مُدَّةَ الْحِفْظِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ فَعَلَى مَا ذُكِرَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: قَالَ الْإِمَامُ وَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْءِ الْحَيَوَانِ لِنَفَقَةِ بَاقِيهِ كَبَيْعِ كُلِّهِ وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ احْتِمَالًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَغْرِقَ نَفْسَهُ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ قَالَ وَلَا يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ أَيْضًا لِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي هَرَبِ الْجِمَالِ وَنَحْوِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَعَذُّرُ الْبَيْعِ ثَمَّةَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا فَيَمْتَنِعُ الْإِضْرَارُ بِالْمَالِكِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتَعَذَّرْ ثَمَّةَ وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْمُكْتَرِي غَيْرُ مَانِعٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي بَيْعِ الْمَالِكِ لَا فِي بَيْعِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا ثَمَّ الْبَيْعَ ابْتِدَاءً لِذَلِكَ بَلْ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ لِنَفَقَةِ الْجِمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا الْمُكْتَرِي بَاعَ الْحَاكِمُ مِنْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَالِاقْتِرَاضُ ثُمَّ بَيْعُ الْبَعْضِ ثُمَّ إنَّمَا جَازَ مَعَ إضْرَارِهِمَا الْمَالِكَ لِضَرُورَةِ تَعَذُّرِ بَيْعِ الْكُلِّ لِمَا ذُكِرَ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا لِجَوَازِهِ.
(أَوْ يُجَفِّفُ) عَطْفٌ عَلَى أَكَلَ أَيْ: جَازَ أَنْ يَأْكُلَهُ إنْ خِيفَ فَسَادُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ أَوْ يُجَفِّفُهُ. (إنْ كَانَ مُمْكِنًا) تَجْفِيفُهُ وَكَانَ تَجْفِيفُهُ أَحَظَّ لِلْمَالِكِ مِنْ بَيْعِهِ رَطْبًا وَيُبَاعُ فِي مُؤْنَةِ تَجْفِيفِهِ بَعْضُهُ حِفْظًا لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ يُبَاعُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ عَلَفَهُ يَتَكَرَّرُ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَأْكُلَ نَفْسَهُ وَمِنْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ فَرْقِ النَّوَوِيِّ يُؤْخَذُ أَنَّهُمَا مُوَافِقَانِ الزَّازَ فِي مَنْعِ الِاقْتِرَاضِ وَبَيْعَ الْبَعْضِ هُنَا وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْأُولَى وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهَا أَنَّهُ الْوَجْهُ.
(وَلِاخْتِصَاصِ بِالْكَلْبِ) وَنَحْوِهِ أَيْ: لَقَطَ مَا ضَاعَ لِحِفْظِهِ مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلِتَمَلُّكِهِ إنْ كَانَ مَالًا وَلِلِاخْتِصَاصِ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا كَكَلْبٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ فَلَوْ قَالَ كَالْكَلْبِ بِالْكَافِ بَدَلَ الْبَاءِ كَانَ أَوْلَى (بَعْدَ الْعَامِ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: يَخْتَصُّ بِذَلِكَ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ عَامًا إنْ كَثُرَ وَإِلَّا فَبَعْدَ تَعْرِيفِهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَقَرًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْمَالِ وَلَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ مِنْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ فِيمَا يُمْلَكُ بِلَفْظٍ كَتَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ بِبَدَلٍ فَافْتَقَرَ إلَى لَفْظٍ كَالتَّمَلُّكِ بِالشِّرَاءِ
ــ
[حاشية العبادي]
فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهِ وَحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فَلَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ فَوَاتٌ عَلَيْهِ بِلَا فَائِدَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ فَعَلَى مَا ذُكِرَ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَتَبَرَّعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَعَذَّرَ الْبَيْعُ ثَمَّةَ) أَيْ: بِعَشَرَةٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْمُكْتَرِي غَيْرُ مَانِعٍ) أَيْ: لِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: التَّعَلُّقِ. (قَوْلُهُ: لِضَرُورَةِ بَيْعِ الْكُلِّ) كَانَ الْمَعْنَى لِضَرُورَةِ امْتِنَاعِ بَيْعِ الْكُلِّ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: لِجَوَازِهِ) أَيْ: بَيْعِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى أَكَلَ) الْمُنَاسِبُ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ أَنَّ التَّقْدِيرَ أَوْ أَنْ يُخَفِّفَ وَرَفْعُ الْفِعْلِ مَعَ حَذْفِ أَنْ وَارِدٌ عَلَى الشُّذُوذِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعِ الْبَعْضِ هُنَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْحَيَوَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ مَنْعُ الِاقْتِرَاضِ وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ هِيَ بَيْعُ الْبَعْضِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهَا أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ: وَلِاخْتِصَاصٍ بِالْكَلْبِ) قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ إنَّمَا يَجُوزُ الْتِقَاطُ الْكَلْبِ حَيْثُ جَازَ الْتِقَاطُ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْكَلْبِ. (قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْمَالِ) بَلْ أَوْلَى. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ بِبَدَلٍ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي
[حاشية الشربيني]
إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مُدَّةَ الْحِفْظِ) كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ بَيْعِ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ قَطَعَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْوَجْهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مُوَافِقَانِ الزَّازَ فِي مَنْعِ الِاقْتِرَاضِ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا أَبْقَى الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنَّ هَذَا مَنْقُولٌ مِنْ الرَّوْضَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا اقْتِرَاضٌ أَوْ فِي مَعْنَاهُ وَلِذَا ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ عِنْدَ قَصْدِ الْحِفْظِ وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَتُهُ لِمَنْعِ الِاقْتِرَاضِ إلَّا أَنْ يُفَرِّعَ هَذَا عَلَى جَوَازِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاقْتِرَاضِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَالِاقْتِرَاضِ مِنْ غَيْرِهِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وُجُودِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ. اهـ. سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَقَوْلُهُ: وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي ذَلِكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبْذُلَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يَأْمُرَ الْمُلْتَقِطَ بِهِ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي هَرَبِ الْجِمَالِ اهـ وَقَدْ أَجَابَ الْمُحَشِّي هُنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الِاقْتِرَاضِ وَالْإِنْفَاقِ لَكِنْ بَقِيَ الِاقْتِرَاضُ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ وَلَا مَحِيصَ عَنْ تَعْرِيفِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجِمَالِ
(قَوْلُهُ: مِنْ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ إلَخْ) وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ مِنْ مَعْرِفَتِهَا لِيَعْرِفَ مَا يَرُدُّهُ لِلْمَالِكِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر قَالَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: بِلَفْظِ) لَوْ لَمْ يَتَمَلَّكْ وَمَاتَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلَهُ وَارِثٌ صَغِيرٌ انْتَقَلَ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَهُ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَيَتَمَلَّكُ لَهُ وَلِيُّهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ تَمَلَّكَ الْإِمَامُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. عَمِيرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute