نَفَقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَضَى مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْغَارِمِينَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ وَلَوْ حَصَلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَيَسَارِهِ قَضَى مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَإِذَا قُلْنَا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إنْفَاقٌ لَا إقْرَاضٌ فَلَا رُجُوعَ بِهِ قَطْعًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ قَالَ وَاعْتِبَارُ الْقَرِيبِ غَرِيبًا قَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَرَدَّهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْقُطُ إذَا لَمْ يَقْتَرِضْهَا الْقَاضِي وَقَدْ اقْتَرَضَهَا قُلْت إنَّمَا اقْتَرَضَهَا عَلَى اللَّقِيطِ لَا عَلَى الْقَرِيبِ وَاسْتِقْرَارُهَا عَلَى الْقَرِيبِ بِاقْتِرَاضِهَا إنَّمَا هُوَ إذَا اقْتَرَضَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُشْكِلُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قَضَى مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ إلَخْ) وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ وَلَا كَسْبَ لَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَكُنْ قَرْضًا فَلَا رُجُوعَ بِهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَيُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمْنَاهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ كَمَا لَوْ افْتَقَرَ رَجُلٌ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا يَكْفِي فِيهِ الْجَهْلُ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْهُ سم وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْجَوَابِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: قَبْلَ بُلُوغِهِ وَيَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَيْ: قَبْلَ يَسَارِهِ الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا فَتَأَمَّلْ سم.
وَحَاصِلُ الْمَقَامِ فِيهَا يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ لِلْمُنْفِقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ إنْ أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ بِأَمْرِ بَيْتِ الْمَالِ مَعَ الْوُجُودِ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ حِينَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الْمُنْفِقُ بَيْتَ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَوْ الْمُسْلِمِينَ رَجَعُوا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَيْ: لَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِاغْتِنَائِهِ بِذَلِكَ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ بُلُوغِهِ وَيَسَارِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَيَسَارِهِ لَا يَقْضِي مِنْهُ وَيَبْقَى مَا لَوْ حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْضًا فَإِنَّهُ شَمِلَهُ حُكْمُ الْمَفْهُومِ فَهَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ يَسَارِهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي تَقْيِيدِهِ هَذَا بِقَبْلَ بُلُوغِهِ نَظَرٌ. اهـ.
وَكَتَبَ أَيْضًا لَكِنْ فِي تَقْيِيدِهِ هَذَا بِقَبْلَ بُلُوغه نَظَرٌ. وَاسْتَشْكَلَ مَا ذُكِرَ فِي الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ بِأَنَّهُمَا لَا يُقْضَى دَيْنُهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا قَدْرُ كِفَايَتِهِمَا أَوْ مَا فَوْقَهُمَا فَيَمْلِكَانِ الْمَصْرُوفَ وَإِذَا مَلَكَاهُ صُرِفَ الْفَاضِلُ عَنْ قَدْرِ كِفَايَتِهِمَا إلَى الدَّيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ بِهِ قَطْعًا) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ اسْتِغْنَاؤُهُ حَالَ الْإِنْفَاقِ بِمَالٍ أَوْ قَرِيبٍ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إنْفَاقٌ) اُنْظُرْ تَعْبِيرَهُ بِالظَّاهِرِ هُنَا وَجَزْمَهُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ بِلَا رُجُوعٍ لِخَبَرِ أَبِي جَمِيلَةَ السَّابِقِ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْقَمُولِيُّ) ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ
[حاشية الشربيني]
شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُضِيَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ، ثُمَّ إنْ بَانَ قِنًّا رَجَعُوا عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ حُرًّا أَوْ لَهُ مَالٌ وَلَوْ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ قَرِيبٌ أَوْ حَدَثَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَيَسَارِهِ فَعَلَيْهِ أَيْ: مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَإِلَّا فَمِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْغَارِمِينَ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ تَقْدِيمَ بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ حُدُوثِ مَالٍ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ عَلَى سَهْمِ الْفُقَرَاءِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: هُنَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُضِيَ إلَخْ أَيْ: إنْ بَلَغَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا.
(قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا إلَخْ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ غَنِيًّا بِسَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ لِعَدَمِ صِحَّةِ أَخْذِهِ الزَّكَاةَ لِبُطْلَانِ قَبْضِهِ وَقَبْلَ يَسَارِهِ فَلَا يَكُونُ غَنِيًّا بِمَالِهِ وَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِغِنَاهُ حِينَئِذٍ بِمَالِهِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْغَارِمِينَ وَكَذَا مَا إذَا كَانَ بَعْدَ يَسَارِهِ. اهـ. وَقَدْ نَصُّوا فِي بَابِ الْغَنِيِّ عَلَى أَنَّ اللَّقِيطَ يُصْرَفُ عَلَيْهِ مِنْ خُمُسِهِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ وَالْبَالِغُ إنْ كَانَ مَجْنُونًا فَهُوَ لَقِيطٌ يُصْرَفُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْخُمُسِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِلَقِيطٍ وَيَكُونُ غَنِيًّا بِسَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. (قَوْلُهُ: قُلْت إنَّمَا اقْتَرَضَهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ تَارَةً يَقْصِدُ بِالِاقْتِرَاضِ اللَّقِيطَ وَتَارَةً يَقْصِدُ بِهِ الْقَرِيبَ فَاللَّائِقُ التَّفْصِيلُ وَيَبْقَى الْكَلَامُ حَالَ الْإِطْلَاقِ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ تَعَلُّقُهُ بِاللَّقِيطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute