بِالرَّقِيقِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِ اللُّقَطَاءِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ أَوْ قَرِيبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِنْفَاقِ كَانَ لَقِيطًا فَيُصْرَفُ لَهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ.
(وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَحْصُلُ تَارَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ وَتَارَةً بِالتَّبَعِيَّةِ وَجِهَاتُهَا ثَلَاثٌ الدَّارُ وَإِسْلَامُ الْأَصْلِ وَإِسْلَامُ السَّابِي وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا بِهَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ: (بِأَنْ يُوجَدَ حَيْثُ أَحَدٌ مِنَّا سَكَنْ) أَيْ: اللَّقِيطُ مُسْلِمٌ بِشَرْطِ أَنْ يُوجَدَ حَيْثُ سَكَنَ مُسْلِمٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ وَلَوْ نَفَاهُ أَوْ كَانَ تَاجِرًا أَوْ أَسِيرًا وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ فِيهِ مُسْلِمٌ فَكَافِرٌ وَإِنْ اجْتَازَ بِهِ مُسْلِمٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَأَصْلِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُ أَهْلِ الْبُقْعَةِ فَالْقِيَاسُ جَعْلُهُ مِنْ خَيْرِهِمْ دِينًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَيْدُ السُّكْنَى ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّوَطُّنَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ مَنْ انْقَطَعَ عَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ كَالسَّاكِنِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُقِيمُ بَعْضَ يَوْمٍ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
م ر لِلْمِنْهَاجِ مُتَابَعَةَ الْقَمُولِيِّ
[حاشية الشربيني]
اهـ. سم عَلَى الْغَايَةِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا اقْتَرَضَهَا عَلَى اللَّقِيطِ) قَدْ يُقَالُ اقْتِرَاضُهَا عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْقَرِيبِ فَلَا يُنَافِي مُطَالَبَتَهُ بِهَا إذَا ظَهَرَ وَبِالْجُمْلَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْقَرِيبِ هُوَ الْمَنْقُولُ الْمَقْطُوعُ بِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فَلَوْ أَسْلَمَ الْمُمَيِّزُ وَبَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ هُدِّدَ وَطُولِبَ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَقَرَّ رُدَّ إلَى أَهْلِهِ هَذَا أَيْ: عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ فَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: إذَا أَضْمَرَ الْإِسْلَامَ كَمَا أَظْهَرَهُ كَانَ مِنْ الْفَائِزِينَ بِالْجَنَّةِ قَطْعًا وَيُعَبِّرُ عَنْ هَذَا بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا قَالَ الْإِمَامُ وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ مَنْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْفَوْزِ لِإِسْلَامِهِ كَيْفَ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يُحْكَمُ بِالْفَوْزِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِي الدُّنْيَا كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ. اهـ. رَوْضَةٌ مَعَ زِيَادَةِ لَفْظِ قَطْعًا مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِهَا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ فِي دُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ خِلَافًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ أَحَدٌ مِنَّا سَكَنَ) اعْتِبَارُ السَّكَنِ إنَّمَا هُوَ فِي دَارِ الْكُفَّارِ وَالْمُرَادُ بِالسَّكَنِ فِي ذَلِكَ الْمُكْثُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ إمْكَانًا قَرِيبًا عَادَةً كَوْنُهُ مِنْهُ أَمَّا دَارُ الْإِسْلَامِ بِأَنْ سَكَنَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ فِي زَمَنٍ قَدِيمٍ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْكُفَّارُ أَوْ فَتَحُوهَا وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ الْكُفَّارِ صُلْحًا أَوْ بِجِزْيَةٍ فَيَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ لَقِيطِهَا اجْتِيَازُ الْمُسْلِمِ الْمُمْكِنِ كَوْنُهُ مِنْهُ أَدْنَى مَكَان. اهـ. حَجَرٌ وم ر وَلَوْ بَلَغَ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ وَأَعْرَبَ بِالْكُفْرِ فَهُوَ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ لِضَعْفِ تَبَعِيَّتِهَا وَعَلَيْهِ فَتُنْتَقَضُ الْأَحْكَامُ الَّتِي كَانَتْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْرِبَ وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِعْرَابِهِ وَلَا تُنْتَقَضُ الْأَحْكَامُ الْإِسْلَامِيَّةُ الَّتِي أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ تَمَحَّضَ الْمُسْلِمُونَ بِالدَّارِ، ثُمَّ أَعْرَبَ بِالْكُفْرِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَرَاجِعْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْرِبَ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: لِضَعْفِ تَبَعِيَّتِهَا أَيْ بِخِلَافِ تَبَعِيَّةِ السَّابِي فَإِنَّهُ إذَا بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ كَانَ مُرْتَدًّا كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ) أَيْ إمْكَانًا قَرِيبًا عَادَةً فَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ بِمِصْرٍ عَظِيمٍ مِنْ دَارٍ الْحَرْبِ وَوَجَدَ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ لَقِيطٍ لَكِنْ هَذَا لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ طِفْلٌ مُسْلِمٌ بِطِفْلٍ كَافِرٍ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ لَكِنْ نَقَلَ الرَّشِيدِيُّ عَنْ وَالِدِ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَمَّا أَمْكَنَ كَوْنُ الْبَعْضِ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ بُعْدٍ وَاشْتَبَهَ حُكْمُنَا بِإِسْلَامِ الْكُلِّ إذْ هُوَ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِ الْمُسْلِمِ إلَى الْكُفْرِ. اهـ. لَكِنْ فِي شَرْحِ وَلَدِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا يُخَالِفُهُ عَلَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الْجَمِيعِ لِمُخَالَفَتِهِ مَا ذَكَرُوهُ وَفِي الْجَنَائِزِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَبَهَ صَبِيٌّ مُسْلِمٌ بِصَبِيٍّ كَافِرٍ وَبَلَغَا وَكَذَلِكَ أَنَّهُمَا لَا يُعَامَلَانِ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَاسْتَقْرَبَ ع ش مَا قَالَهُ وَالِدُ م ر قَالَ رِعَايَةً لِحَقِّ الْإِسْلَامِ كَمَا حُكِمَ بِالْإِسْلَامِ وَنَفْيِ النَّسَبِ فِيمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ فَنَفَاهُ وَأَنْكَرَ الْوَطْءَ مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ فِيهَا مُسْلِمَةٌ بِكْرٌ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهَا عَادَةً كَبِنْتٍ مَلِكِهِمْ لَحِقَهَا. اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا إذَا كَانَتْ دَارَ إسْلَامٍ: دَارُ الْكُفْرِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِمْكَانِ الْقَرِيبِ عَادَةً كَمَا فِي التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ) هَذِهِ الْغَايَةُ تُقَيِّدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا يَعُمُّ دَارَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا السَّكَنُ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الِاجْتِيَازِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالسَّكَنِ مَا يَعُمُّ الِاجْتِيَازَ الْمُمْكِنَ فِيهِ الْوَطْءُ وَيَكُونُ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَأَمَّا الِاجْتِيَازُ غَيْرُ الْمُمْكِنِ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَكْفِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا دَارِ الْحَرْبِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ) وَهِيَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْكُفَّارُ مِنْ غَيْرِ صُلْحٍ وَلَا جِزْيَةٍ وَلَمْ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا عَدَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute