انْتَهَى وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمُجْتَازِ الْمَارُّ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوَطْءُ.
قَالَ الْإِمَامُ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْبُوسُ فِي مَطْمُورَةٍ كَالْمُجْتَازِ (وَلَوْ مَعَ اسْتِلْحَاقِ شَخْصٍ ذِمِّيِّ) لِلَّقِيطِ (إنْ عَدِمَ) أَيْ الذِّمِّيُّ (الْحُجَّةَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ بِنَسَبِهِ وَكَانَ اسْتِلْحَاقُهُ (بَعْدَ الْحُكْمِ) بِإِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ وَإِنْ لَحِقَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَلِأَنَّهُ حَكَمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى كَمَا فِي إسْلَامِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَجَدَ بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ حَكَمَ بِكُفْرِهِ وَارْتَفَعَ مَا كُنَّا ظَنَنَّاهُ إذْ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ كُفْرُ وَلَدِ الْكَافِرِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي بَعْدَهُ فَيُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لِلِاسْتِلْحَاقِ كَمَا جَرَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِهِ فَالظَّرْفُ عَلَى الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِلْحَاقِ وَعَلَى الثَّانِي بِالْحُجَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ كَالذِّمِّيِّ (كَالطِّفْلِ) وَلَوْ مُمَيِّزًا إذَا كَانَ (فِي الْأُصُولِ) أَيْ: أُصُولِهِ مُسْلِمٌ وَلَوْ جَدًّا أَوْ جَدَّةً بَعِيدًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ أَسْلَمَ قَبْلَ عُلُوقِ الطِّفْلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَوْ بِوَسَطٍ وَلِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لِلْفَرْعِيَّةِ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ فَإِنْ قُلْت: إطْلَاقُ ذَلِكَ يَقْتَضِي إسْلَامَ جَمِيعِ الْأَطْفَالِ بِإِسْلَامِ جَدِّهِمْ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قُلْت أَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَدٍّ يُعْرَفُ النَّسَبُ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ وَبِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ حُكْمٌ جَدِيدٌ لِخَبَرِ وَإِنَّمَا أَبُوهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ.
(أَوْ فِيمَنْ هُمْ سُبَاتُهُ بِدُونِ أَصْلٍ مُسْلِمُ) أَيْ: أَوْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ صِغَارًا أَوْ مَجَانِينَ أَوْ إنَاثًا سَبَوْا صَغِيرًا كَافِرًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَحَدِ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً كَالْأَصْلِ وَأَفَادَ تَعْبِيرُ النَّظْمِ بِذَلِكَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ سُبَاتِهِ كَافِرًا بِخِلَافِ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَنْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّبْيِ أَحَدُ أُصُولِهِ وَسُبِيَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَا فِي عَسْكَرٍ وَاحِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ سَابِيهِمَا فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ السَّابِي قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَا يُؤَثِّرُ مَوْتُ الْأَصْلِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً وَمَا لَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَإِنْ نَقَلَهُ إلَى دَارِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةٍ) بِأَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا) وُجُوبًا ح ج. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَتْ بَيِّنَةٌ) شَمِلَتْ الْبَيِّنَةُ مَحْضَ النِّسْوَةِ وَخَرَجَ بِهَا إلْحَاقُ الْقَائِفِ وَقَدْ حَكَى الدَّارِمِيُّ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ إلْحَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فَهُوَ كَالْبَيِّنَةِ بَلْ أَقْوَى وَفِي النِّسْوَةِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ بِهِنَّ النَّسَبُ تَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ وَإِلَّا فَلَا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَخْ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ حُكْمُ الشَّرْعِ وَبُعْدِيَّتُهُ أَمْرٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ بِوُجُودِهِ يُحْكَمُ شَرْعًا بِإِسْلَامِهِ حَتَّى فِيمَا سَبَقَ فَاسْتِلْحَاقُ مَنْ وُجِدَ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: بِالْحُجَّةِ) وَلَعَلَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ بِمُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: قِيَامِ الْحُجَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِرّ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ) هَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ السَّابِقَ أَوْ غَيْرِ الْوَارِثِ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ إلَخْ) أَيْ: فَتَثْبُتُ لِمَنْ لَيْسَ فِي أُصُولِهِ الْأَقْرَبِينَ مُسْلِمٌ بِخِلَافِ مَنْ فِيهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ يَرْجِعُ حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ لِلْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: حُكْمٌ جَدِيدٌ) أَيْ: طَارِئٌ عَلَى ثُبُوتِ الْإِسْلَامِ لِجَدِّهِمْ آدَمَ حُكْمًا لَكِنْ بَقَاؤُهُ مَشْرُوطُهُ تَقَدُّمُ وُجُودِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ فِي الْأُصُولِ الْأَقْرَبِينَ فَإِنْ وُجِدَا قَطَعَا ذَلِكَ الْحُكْمَ كَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَحْصُولُ الْجَوَابِ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: مُسْلِمٌ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِيمَنْ قَوْلُهُ: مُسْلِمٌ اسْمُ كَانَ. (قَوْلُهُ: وَسُبِيَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ) هَذَا يَخْرُجُ مَا لَوْ سُبِيَ قَبْلَهُ لَكِنَّ عِبَارَةَ بَعْضِهِمْ وَقَدْ سُبِيَا مَعًا أَوْ تَقَدَّمَ الْأَصْلُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا سَبَقَ سَبْيُ أَحَدِهِمَا سَبْيَ الْآخَرِ تَبِعَ السَّابِي اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَلَى مُوَافَقَةِ ذَلِكَ بِأَنْ يُجْعَلَ نَائِبُ فَاعِلِ سُبِيَ ضَمِيرَ الطِّفْلِ لَا ضَمِيرَ أَحَدِ أُصُولِهِ وَيَبْقَى مَا لَوْ تَقَدَّمَ سَبْيُ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ حُكْمُهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّدِ سَبْيِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ سَبْيُ الْأَصْلِ بَعْدَهُ
لَا.
[حاشية الشربيني]
ذَلِكَ دَارُ إسْلَامٍ. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ إلَخْ) أَيْ: فَهَذَا لَا يَكْفِي سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ دَارَ إسْلَامٍ أَوْ دَارَ حَرْبٍ أَمَّا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْمُكْثُ فَقَطْ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ دَارَ إسْلَامٍ كَفَى أَوْ دَارَ كُفْرٍ فَلَا يَكْفِي إذْ الْغَرَضُ أَنَّهُ مُجْتَازٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زَمَنٍ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الِاكْتِفَاءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِمُكْثٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوِقَاعُ وَأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُلِدَ بَعْدَ طُرُوقِهِ بِنَحْوِ شَهْرٍ وَقَدْ اعْتَبَرُوا فِي الْمُجْتَازِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إمْكَانَ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَارِقَ بَيْنَ الْمُجْتَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُجْتَازِ بِدَارِ الْكُفْرِ إلَّا اعْتِبَارَ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْحَمْلُ وَالْوِلَادَةُ فِي الْمُجْتَازِ بِدَارِ الْكُفْرِ دُونَ الْمُجْتَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ عش فَلْيُحَرَّرْ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرِ الْفَرْقُ حُرْمَةُ دَارِنَا فَاكْتَفَى بِأَدْنَى الْإِمْكَانِ حَتَّى الْمُرُورِ بِخِلَافِ دَارِ الْحَرْبِ فَاحْتِيجَ فِيهَا إلَى ظُهُورِهِ بِإِقَامَةِ الْمُسْلِمِ ثَمَّ وَإِمْكَان اجْتِمَاعِهِ عَادَةً بِأُمِّ الْوَلَدِ. اهـ. وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا قَالَهُ ع ش فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةٍ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مُسْلِمَةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ فَالْغَرَضُ أَنَّهُ كَانَ بِهَا مُسْلِمٌ فَيَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَسْلَمَ قَبْلَ عُلُوقِ الطِّفْلِ) وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا فَلَوْ كَانَ أَبُو الْوَلَدِ حَيًّا كَافِرًا بِأَنْ أَسْلَمَ أَصْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَكَانَ الْعُلُوقُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَصْلِ الْمُسْلِمِ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَتَرَدُّدُ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ فِي ذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكُونُ مِلْكَهُ لَا غَنِيمَةً وَلِهَذَا جَازَ وَطْءُ السَّرَارِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّابِي مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ التَّخْمِيسُ كَذِمِّيٍّ لِأَنَّا لَا نُحَرِّمُ بِالشَّكِّ وَهَذَا مَا قَالَهُ م ر فِي بَابِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ وَاعْتَمَدَ هُنَا أَنَّهُ غَنِيمَةٌ وَعَلَيْهِ فَيُخَمَّسُ وَيَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute