للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلدَّمِ مَعَ احْتِمَالِ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ حُكْمَ التَّبَعِيَّةِ بَطَلَ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِسْلَامُ بِالِاسْتِقْلَالِ فَكَانَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقَوَدِ بَلْ (يَدِيهِ) أَيْ: يُعْطِي وَلِيَّهُ دِيَةَ حُرٍّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْكُفْرُ بَعْدَهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ أَشَارَ إلَيْهِ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ قَالُوا بِجَوَازِ كُفْرِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَ الْيَقِينَ وَيُوقَفَ الْبَاقِي إلَى ظُهُورِ الْحَالِ وَعَلَى الْمَنْقُولِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ إيجَابِ الدِّيَةِ وَعَدَمِ إيجَابِ الْقَوَدِ أَنَّ حَقْنَ الدَّمِ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْمَالِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الدَّارِ بَلْ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَبِنَاءُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتْلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ.

(وَبِقَذْفِهِ يُحَدْ وَالْقَطْعُ بِالْقَطْعِ) أَيْ: وَيُحَدُّ قَاذِفُهُ بِقَذْفِهِ إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَإِلَّا فَيُعَزَّرُ وَيُقْطَعُ طَرَفُ قَاطِعِهِ بِقَطْعِ طَرَفِهِ وَإِنْ كَانَ قَاذِفُهُ أَوْ قَاطِعُهُ حُرًّا مُسْلِمًا عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِيهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ اسْتِيفَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّشَفِّي وَقَدْ يُرِيدُ الْعَفْوَ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ فِيمَا إذَا بَلَغَ وَلَمْ يُفْصِحْ بِالْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ وَلَا يُقْطَعُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا.

(وَأَرْشُ مَا جَنَى) هـ اللَّقِيطُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ عَلَى آدَمِيٍّ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فِي بَيْتِ مَالٍ) إذْ لَيْسَ لَهُ عَاقِلَةٌ خَاصَّةٌ فَلَوْ جَنَى عَمْدًا فَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا اُقْتُصَّ مِنْهُ بِشَرْطِهِ وَإِلَّا فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي ذِمَّتِهِ.

(وَلَهُ) أَيْ: لِبَيْتِ الْمَالِ (الْإِرْثُ) أَيْ: إرْثُ اللَّقِيطِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ إذْ الْغُنْمُ بِالْغُرْمِ أَمَّا الرَّقِيقُ فَيَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ وَالْكَافِرُ لَا يَحْمِلُ بَيْتُ الْمَالِ عَنْهُ شَيْئًا وَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (هُنَا) تَكْمِلَةٌ.

(وَ) لَوْ (اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ شَخْصَانِ) مُتَأَهِّلَانِ لِلِاسْتِلْحَاقِ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (حُكِمْ) بِهِ لِأَحَدِهِمَا (بِحُجَّةٍ) لَا بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا حُرًّا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ ذَا يَدٍ عَنْ لَقْطٍ وَالْآخَرَ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَهْلٌ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِلْمُلْتَقِطِ مِنْ أَيْنَ هُوَ لَك فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ حُجَّةٌ أَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُجَّةٌ حُكِمَ (بِقَائِفٍ) أَيْ: بِإِلْحَاقِهِ بِمَنْ رَآهُ مِنْهُمَا فَلَا تُقَدَّمُ حُجَّةُ ذِي الْيَدِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ

ــ

[حاشية العبادي]

يُقْتَلُ بِالرَّقِيقِ نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ فَقَدْ يُشْكِلُ قَتْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ بِهِ فَلْتُرَاجَعْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ. (قَوْلُهُ أَيْ: يُعْطِي وَلِيَّهُ) كَانَ الْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ الْإِمَامَ أَوْ مَنْ أَقَامَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحُوهُ إلَخْ) مِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ الدَّارِ) شَامِلٌ لِلْأَصْلِ وَالسَّابِي فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ مَسْأَلَةَ الْقَطْعِ وَجَزَمَ بِتَقْيِيدِهَا بِالْإِفْصَاحِ كَمَا فِي الْقَتْلِ فَقَالَ وَيَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ فِي الطَّرَفِ إنْ أَفْصَحَ. اهـ. أَيْ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يُفْصِحْ بِالْإِسْلَامِ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَنَظِيرِهِ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

(قَوْلُهُ: اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ شَخْصَانِ) شَامِلٌ لِاسْتِحْقَاقِهِمَا مَعًا وَمُرَتَّبًا فَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَلْحَقَ الْأَوَّلُ بِدُونِ حُجَّةٍ أَوْ قَائِفٍ أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْأَوَّلِ يَدٌ عَلَى مَا يَأْتِي. (تَنْبِيهٌ)

تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْكَافِرَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ بِحُجَّةٍ تَبِعَهُ بِالْكُفْرِ وَكَذَا بِالْقَائِفِ عَلَى خِلَافٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ بِدُونِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ أَقَامَ اثْنَانِ بَيِّنَتَيْنِ مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَلَا تَرْجِيحَ اهـ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَصُوَرُ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ أَقَامَهَا أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ. (قَوْلُهُ:، ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ حُجَّةٌ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ أَوْ تَعَارَضَتَا وَأَسْقَطْنَاهُمَا فَالْقَائِفُ فَأَفْهَمَ قَوْلُ وَأَسْقَطْنَاهُمَا أَنَّهُمَا قَدْ لَا يَسْقُطَانِ فَانْظُرْ صُورَتَهُ مَعَ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ فِي الْمُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِأَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْآخَرِ مِنْ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ مُعْتَضِدًا بِالْيَدِ فَالْيَدُ عَاضِدَةٌ لَا مُرَجِّحَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُثْبِتُ النَّسَبَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ اهـ فَالْعَضُدُ غَيْرُ التَّرْجِيحِ فَكَانَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجِيحِ مَا يَكُونُ مُثْبَتًا لَوْ انْفَرَدَ بِلَا مُعَارِضٍ وَبِالْعَضُدِ مُجَرَّدَ التَّقْوِيَةِ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ مَعَ الِانْفِرَادِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُقَدَّمُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ذُو الْيَدِ إلَّا وَقَدْ اسْتَلْحَقَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّبَعِيَّةِ الصِّغَرُ وَقَدْ زَالَ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْحَالِ حُكْمُهُ فِي نَفْسِهِ فَيُرَدُّ الْأَمْرُ إلَى الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ

(قَوْلُهُ: وَلْيَخْرُجْ إلَخْ) إذْ لَوْ عَمَّمَ بِمَا يَشْمَلُ الْكَافِرَ الرَّقِيقَ لَمْ يَتَأَتَّ الْإِخْرَاجُ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ الرَّقِيقَ يُقْتَلُ بِالْبَالِغِ الَّذِي لَمْ يُفْصِحْ بِالْإِسْلَامِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْله وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قُتِلَ أَيْ: قَبْلَ الْبُلُوغِ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَقِيلَ قَطْعًا وَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ فَعَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَتْلَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ) بِخِلَافِهِمَا وَمِنْ ثَمَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ إلَّا إنْ قَالَ اللَّقِيطُ أَنَا حُرٌّ. اهـ. تُحْفَةٌ

(قَوْلُهُ: وَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ) فَلَيْسَتْ إرْثًا لِبَيْتِ الْمَالِ حَتَّى يَكُونَ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ شَرْحُ الرَّوْضِ مَعْنًى أَيْ: فَلِكَوْنِهَا فَيْئًا لَا إرْثًا لَا يَحْمِلُ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ وَإِنْ وُضِعَتْ تَرِكَتُهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّغِيرُ وَلَوْ غَيْرَ لَقِيطٍ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ غَيْرَ يَدِ اللَّقِيطِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ شَخْصَانِ) وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ شَخْصٌ مُسْلِمٌ لِحَقِّهِ فِي النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِرْثِ وَلَا تَلْحَقُ زَوْجَتُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِإِمْكَانِ إقَامَتِهَا عَلَى الْوِلَادَةِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>