للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحُجَّةُ وَالِاعْتِرَافُ فَقَالَ (وَهُوَ) أَيْ الْمُدَّعَى رِقُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَقِيطًا (بِدَعْوَى ذِي يَدٍ) رِقِّهِ (يَرِقُّ) حَيْثُ (لَا) تَكُونُ يَدُهُ (بِاللَّقْطِ) أَيْ: مَعَهُ أَوْ بِسَبَبِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ حَالِ الْمُدَّعِي الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُ يَدِهِ إلَى سَبَبٍ لَا يَقْتَضِي الْمِلْكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ يَدُهُ مَعَ اللَّقْطِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَ ذِي يَدٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يُتْرَكُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَيُخَالِفُ الْأَوَّلُ الْمَالَ فَإِنَّهُ مَمْلُوكٌ وَلَيْسَ فِي دَعْوَاهُ تَغْيِيرٌ لِصِفَتِهِ وَالثَّانِي دَعْوَى النَّسَبِ؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِهَا مَصْلَحَةً لِلطِّفْلِ وَإِثْبَاتَ حَقٍّ لَهُ وَهُنَا فِي الْقَبُولِ إضْرَارٌ بِهِ وَلِأَنَّ الْمُدَّعَى نَسَبُهُ لَا نَسَبَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ فَلَيْسَ فِي الْقَبُولِ تَرْكُ أَمْرٍ ظَاهِرٍ وَالْحُرِّيَّةُ مَحْكُومٌ بِهَا ظَاهِرًا (أَوْ بِالْجَحْدِ) أَيْ وَلَا مَعَ جَحْدِ الْمُدَّعَى رِقُّهُ وَهُوَ مُكَلَّفٌ فَإِنَّهُ لَا يَرِقُّ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرُ الْقَوْلِ فَيُعْتَبَرُ جَحْدُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ (لَا إنْ حَصَلَا دَعْوَاهُ) أَيْ: دَعْوَى ذِي الْيَدِ الرِّقَّ (فِي الصِّبَا) أَيْ: صِبَى الْمُدَّعَى رِقُّهُ (وَ) بَعْدَ أَنْ صَارَ (بَالِغًا جَحَدْ) فَلَا يَبْطُلُ رِقُّهُ إلَّا بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِحُجَّةٍ لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ السَّيِّدِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ صَغِيرَةٌ وَادَّعَى نِكَاحَهَا فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى الْحُجَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَ فِي الْجُمْلَةِ دَالَّةٌ عَلَى الْمِلْكِ وَيَجُوزُ أَنْ يُولَدَ الْمَمْلُوكُ مَمْلُوكًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ طَارٍ بِكُلِّ حَالٍ وَالْبَالِغُ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذُكِرَ وَإِفَاقَتُهُ كَبُلُوغِهِ

(أَوْ حُجَّةٍ) أَيْ: وَيَرِقُّ أَيْضًا بِحُجَّةٍ (مَعْ) بَيَانِ (سَبَبِ الْمِلْكِ) مِنْهَا (كَقَدْ وَرِثَهُ) أَيْ: الْمُدَّعِي. (أَوْ وَلَدَتْهُ أَمَتُهْ) أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ اتَّهَبَهُ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُهَا الْمِلْكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَقَوْلُ) الْحُجَّةِ (ذَا) مِلْكٍ (لَهُ فَقَطْ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ بَيَانِهَا السَّبَبَ (لَا يُثْبِتُهْ) أَيْ: الرِّقَّ لِئَلَّا يَكُونَ اعْتِمَادُهَا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَتَكُونَ الْيَدُ يَدَ الْتِقَاطٍ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطَرٌ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْعِلْمُ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا لَمْ تَسْتَنِدْ إلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَقَدْ حَصَلَ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مَلَكَهُ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى وَفْقِ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الدَّعَاوَى وَفَرَّقَ فِي الْكِفَايَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي اللَّقِيطِ أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ وَالْمَقْصُودُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الرِّقِّ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالشَّهَادَةِ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ تَعْرِفُ رِقَّهُ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ مَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ مَمْلُوكٌ وَوِلَادَتُهَا لِلْحُرِّ نَادِرَةٌ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَصْدُ بِمَا فِي

ــ

[حاشية العبادي]

سَنَةٍ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ مِنْ مُنْذُ شَهْرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ الْأَوَّلُ

(قَوْلُهُ وَهُوَ بِدَعْوَى ذِي يَدٍ لِرِقٍّ) وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُمَيِّزُ نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُدَّعِي لِخَطَرِ الْجِزْيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ شَرْحُ رَوْضٍ. (قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ الْأَوَّلَ) هُوَ مَا إذَا كَانَتْ يَدُهُ مَعَ اللَّقْطِ وَقَوْله الْمَالُ بِأَنْ ادَّعَى مِلْكَ مَالِ اللُّقَطَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَ ذِي الْيَدِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْحُجَّةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ وَلَمْ يُصَدَّقْ وَلَمْ يَجْحَدْ يَثْبُتُ الرِّقُّ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَفْهَمَ التَّعْبِيرُ بِالْجَحْدِ أَنَّ الْبَالِغَ يَثْبُتُ رِقُّهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى إذَا سَكَتَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ حَجَرٌ د وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْجَحْدِ وَأَقَرَّ بِالرِّقِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ بِجَحْدِهِ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهَا، ثُمَّ رَأَيْت قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَا بِحُرِّيَّتِهِ التَّصْرِيحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَفْصِيلَ الرَّوْضَةِ فِيهَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حُكِمَ بِهِ شَرْعًا بِدَعْوَاهُ مَعَ يَمِينِهِ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ م ر

(قَوْلُهُ: أَوْ حُجَّةٍ مَعَ سَبَبِ الْمِلْكِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ اشْتِرَاطُ بَيَانِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ أَيْضًا وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَقَالَ: وَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِمُلْتَقِطٍ أَوْ غَيْرِهِ بِمِلْكِ صَغِيرٍ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهَا حَتَّى تُبَيِّنَ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهِمَا لِئَلَّا يَكُونَ اعْتِمَادُهَا عَلَى ظَاهِرِ الْيَدِ وَتَكُونَ يَدَ الْتِقَاطٍ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَا لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ سَبَبُ الْمِلْكِ فِي الدَّعْوَى بِذَلِكَ اهـ وَقَدْ يُقَالُ مَا عَلَّلَ بِهِ يُنَافِي تَصْرِيحَهُ الْمَذْكُورَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ عَدَمَ الْتِقَاطِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِبَيَانِ السَّبَبِ. (قَوْلُهُ: مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِبَيَانِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمِلْكِ أَصْلًا بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي الدَّعْوَى) فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ آخَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَانَ الْمُرَادُ مَجْهُولَ الْحَالِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ النَّاشِرِيِّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَقِيطًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَقِيطًا أَوْ لَا وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ حَيْثُ لَا تَكُونُ إلَخْ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ كَانَ لَقِيطًا ثُمَّ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ ثُمَّ ادَّعَى رِقَّهُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا تَكُونُ إلَخْ) بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ لَقِيطٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ الْيَدُ عَنْ الْتِقَاطٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُدَّعِي لِخَطَرِ الْحُرِّيَّةِ ش الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ حَصَلَ دَعْوَاهُ إلَخْ) فَصُورَةُ الْجَحْدِ هِيَ أَنْ نَرَى بَالِغًا فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ وَلَمْ نَعْلَمْ سَبْقَ حُكْمٍ عَلَيْهِ بِالرِّقِّ فِي صِغَرِهِ فَجَحَدَ الرِّقَّ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَيَقْبَلُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ بِمِصْرَ ع ش وَقَالَ: أَيْضًا وَلَيْسَ دَعْوَاهُمْ الْإِسْلَامَ بِبِلَادِهِمْ وَلَا ثُبُوتُهُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِمْ مَانِعًا لِجَوَازِ كَوْنِهِمْ وُلِدُوا مِنْ إمَاءٍ فَحُكِمَ بِرِقِّهِمْ تَبَعًا لِأُمَّهَاتِهِمْ.

(قَوْلُهُ وَتَكُونُ الْيَدُ يَدَ الْتِقَاطٍ) فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ بَيِّنَةَ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ لَا تَحْتَاجُ لِلتَّعَرُّضِ لِلسَّبَبِ وَفِي ش الرَّوْضِ خِلَافُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر بَقِيَ أَنَّ الْكَلَامَ عَامٌّ لِلَّقِيطِ كَمَا سَبَقَ فِي الشَّارِحِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ نَحْوُ إرْثٍ وَشِرَاءٍ وَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ حَتَّى تَتَعَرَّضَ لَهُ الْبَيِّنَةُ وَأَجَابَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ بِأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>