للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَك يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخَذَ عَمُّهُمَا مَالَهُ وَوَاللَّهِ لَا تُنْكَحَانِ وَلَا مَالَ لَهُمَا فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: ١١] فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمِّهِمَا أَعْطِ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَالْمَرْأَةَ الثُّمُنَ وَخُذْ الْبَاقِيَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبِنْتَيْنِ وَيُقَاسُ بِهِمَا بِنْتَا الِابْنِ وَبِالْأَخَوَاتِ الْبَنَاتُ كَبَنَاتِ الِابْنِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَالثُّلُثَيْنِ كَثِيرَهُنَّ لِأَنَّ اسْمَ الْكَثْرَةِ لَا يَقَعُ عَلَى الثِّنْتَيْنِ.

(وَ) مَنْ مُسْتَحِقُّ (الرُّبْعِ) وَهُوَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا (الزَّوْجُ بِفَرْعٍ) لِزَوْجَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْعًا لَهُ سَوَاءٌ فِيهِ (ذَكَرُ وَغَيْرُهُ) قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ} [النساء: ١٢] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ (وَ) ثَانِيهِمَا (زَوْجَةٌ وَأَكْثَرُ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ فَرْعٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الثُّمُنِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ، وَقَدْ تَرِثُ الْأُمُّ الرُّبُعَ فَرْضًا فِي حَالٍ يَأْتِي فَيَكُونُ مُسْتَحِقُّ الرُّبُعِ ثَلَاثَةً.

(وَ) مَنْ مُسْتَحِقُّ (الثُّمُنِ) وَهُوَ وَاحِدٌ (الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجَاتُ مَعْ فَرْعِ مَنْ تُدْرِكُهُ) أَيْ فَرْعِ زَوْجٍ أَدْرَكَتْهُ (الْوَفَاةُ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: ١٢] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ.

(وَ) مَنْ مُسْتَحِقُّ (الثُّلُثِ) وَهُوَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا (الْأُمُّ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ فَرْعٌ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْأُخُوَّةِ وَالْأَخَوَاتِ وَلَا أَبٌ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ بِمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِخْوَةِ عَدَدٌ مِمَّنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَوْ مِنْ الْإِنَاثِ عَلَى التَّغْلِيبِ الشَّائِعِ وَعَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ كَمَا عَلَيْهِ جَمْعٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لَكِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الِاثْنَيْنِ مَجَازًا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُمَا كَالثَّلَاثَةِ هُنَا وَلِأَنَّهُ حَجْبٌ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ فِيهِ كَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي حَجْبِ الْبَنَاتِ لِبَنَاتِ الِابْنِ (وَ) ثَانِيهِمَا (الِاثْنَانِ فَمَا مِنْ وُلْدِهَا) أَيْ فَمَا (زَادَ) مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] .

وَالْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَتَوَاتَرْ لَكِنَّهَا كَالْخَبَرِ فِي الْعَمَلِ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ تَوْقِيفِيًّا وَسَوَاءٌ كَانَ الِابْنَانِ ذَكَرَيْنِ أَمْ أُنْثَيَيْنِ أَمْ خُنْثَيَيْنِ أَمْ مُخْتَلِفَيْنِ مِنْ ذَلِكَ (وَشَرِّكْ) أَنْتَ (مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الِاثْنَيْنِ فَمَا زَادَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ (عَصَبَةً لِلْأَبَوَيْنِ) مِنْ الْإِخْوَةِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ مَعَ أُنْثَى (بَعْدَهْ) أَيْ الْعَصَبَةِ بِمَعْنَى مَعَهُ (الزَّوْجُ، وَالْأُمُّ وَإِلَّا الْجَدَّهْ) بَدَلَ الْأُمِّ لِمُشَارَكَتِهَا إيَّاهَا فِي الْحُكْمِ وَإِلَّا فَاَلَّتِي وَقَعَتْ لِلصَّحَابَةِ إنَّمَا كَانَ فِيهَا أُمٌّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ مَعَ الْعَصَبَةِ الثُّلُثُ وَإِنَّمَا شَارَكَهُمَا فِيهِ لِمُشَارَكَتِهِ إيَّاهُمَا فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ شَارَكَهُمَا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَإِنْ سَقَطَتْ عُصُوبَتُهُ فَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْلَى وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَسْقَطَهُ فِي الْعَامِ الْمَاضِي عَلَى الْأَصْلِ فِي إسْقَاطِ الْعَصَبَةِ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي.

وَتُسَمَّى هَذِهِ بِالْمُشَرَّكَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ الْمُشَرَّكِ فِيهَا وَبِكَسْرِهَا عَلَى نِسْبَةِ التَّشْرِيكِ إلَيْهَا مَجَازًا وَيُقَالُ لَهَا الْمُشْتَرَكَةُ بِتَاءٍ بَعْدَ الشِّينِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلتَّشْرِيكِ فِيهَا بَيْنَ أَوْلَادِ الْأُمِّ وَأَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ وَتُسَمَّى أَيْضًا بِالْمِنْبَرِيَّةِ لِأَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ

ــ

[حاشية العبادي]

اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيسَ بِالْأُخْتَيْنِ الْبِنْتَانِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ قِيلَ إنَّ فَوْقَهُ صِلَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اسْمَ الْكَثْرَةِ إلَخْ) ذَكَرَ الْقُونَوِيُّ أَنَّ الْكَثْرَةَ ضِدُّ الْوَحْدَةِ لَا الزِّيَادَةِ عَلَى اثْنَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَاتُ) لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ ثَمَانِ زَوْجَاتٍ اشْتَرَكْنَ فِي الثُّمُنِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا فِي الْمَرَضِ فِرَارًا مِنْ الْإِرْثِ ثُمَّ نَكَحَ أَرْبَعًا وَفَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَوْرِيثِ طَلَاقِ الْفَارِّ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الرُّبْعَ وَالثُّمُنَ يُقْسَمُ بَيْنَ الثَّمَانِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ فَرْعِ زَوْجٍ أَدْرَكَتْهُ) لَوْ قُلْنَا بِتَوْرِيثِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَبِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَةَ الْبَنَاتِ فَهَلْ يَرُدُّونَ الزَّوْجَةَ إلَى الثُّمُنِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ هُنَا ثُمَّ اسْتَنْبَطَ عَدَمَ الْحَجْبِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِرّ. .

(قَوْلُهُ: عَلَى التَّغْلِيبِ الشَّائِعِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: قَدْ يُقَالُ: التَّغْلِيبُ صَحِيحٌ إذَا كَانَ مَعَ الْأُمِّ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَإِنْ كَانَ مَعَهَا ذَكَرَانِ أَوْ أُنْثَيَانِ فَلَا تَغْلِيبَ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَكْفِي فِي التَّغْلِيبِ مُصَاحَبَةُ بَعْضِ الْأَقْسَامِ لِبَعْضٍ فِي الْإِرَادَةِ بِاللَّفْظِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُصَاحَبَةُ فِي الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ إلَخْ) هَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْعِبَارَةِ مَعَ إرَادَةِ التَّقْيِيدِ لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ أُنْثَى) إذَا كَانَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِيهِمْ فِي الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَأْخُذُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ ثُمَّ حَكَاهُ عَنْ صَاحِبِ التَّعْجِيزِ وَإِنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا تَقَاسَمُوا الثُّلُثَ بِالسَّوِيَّةِ يُؤْخَذُ مَا يَخُصُّ الْأَشِقَّاءَ وَيُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا فِي الْمُعَادَةِ وَأَفَادَ كَلَامُ الرَّوْضِ الْأَوَّلَ حَيْثُ قَالَ: وَيَتَسَاوُونَ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ ذَكَرُهُمْ كَأُنْثَاهُمْ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَقَطَتْ عُصُوبَتُهُ) أَيْ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ هُنَا (قَوْلُهُ: لِلتَّشْرِيكِ فِيهَا) أَيْ فَكَانَ التَّقْدِيرُ الْمُشْتَرَكُ الْوَرَثَةَ فِيهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَرْضًا فِي حَالٍ) وَهُوَ إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الِابْنِ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَوَلَدُ الْوَلَدِ لِشُمُولِهِ وَلَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>