بَاقِيهَا إرْثًا عَلَى مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَمَصْلَحَةً عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لِمَا مَرَّ فِي ذَوِي الرَّدِّ.
(فَائِدَةٌ)
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إذَا جَارَ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ فَظَفِرَ بِهِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْمَصَارِفَ أَخَذَهُ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ (وَهْوَ) أَيْ ذُو الرَّحِمِ (كَمَنْ يُدْلِي) هُوَ (بِهِ) إلَى الْمَيِّتِ (فِيمَا قُسِمْ) مِنْ التَّرِكَةِ بِأَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَيُعْرَفُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ لِذَلِكَ وَيُقَدِّمُونَ الْأَقْرَبَ إلَى الْوَارِثِ، وَأَهْلُ الْقَرَابَةِ يُوَرِّثُونَ الْأَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ كَالْعَصَبَاتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَالْأَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ فَإِنْ اسْتَوَوْا وَرِثُوا جَمِيعًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَإِرْثِ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ أَوْ بِالْعُصُوبَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ الْقَاضِي: تَوْرِيثُهُمْ تَوْرِيثٌ بِالْعُصُوبَةِ لِأَنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْقُرْبُ وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ وَيَحُوزُ الْمُنْفَرِدُ الْجَمِيعَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ وَذُو الرَّحِمِ لُغَةً كُلُّ قَرِيبٍ وَاصْطِلَاحًا مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ ذَا عُصُوبَهْ وَلَيْسَ ذَا فَرِيضَةٍ مَكْتُوبَهْ) بِزِيَادَةِ مَكْتُوبَةٍ تَكْمِلَةً، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ قَوْلُهُ (وَاجْعَلْ خُئُولَةً كَمَا الْأُمُومَهْ وَاجْعَلْ كَمَا الْأُبُوَّةِ الْعُمُومَهْ) بِزِيَادَةِ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ إذْ الْمَعْنَى إنَّ ذَا الرَّحِمِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الَّذِي يُدْلِي بِهِ إلَّا الْخَالَ وَالْخَالَةَ فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ وَإِلَّا الْعَمَّ لِلْأُمِّ وَالْعَمَّةَ فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَعَبَّرَ بِالْخُؤُولَةِ وَالْعُمُومَةِ وَالْأُمُومَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِمَنْ يُدْلِي) مِثَالُهُ بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ فَالْأُولَى فِي مَنْزِلَةِ الْبِنْتِ فَلَهَا النِّصْفُ وَالثَّانِيَةُ فِي مَنْزِلَةِ بِنْتِ الِابْنِ فَلَهَا السُّدُسُ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِمَا مَا بَقِيَ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَرْجِعُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَمِثَالُهُ أَيْضًا لَمْ يُخَلِّفْ الْمَيِّتُ سِوَى بِنْتِ أَخٍ فَلَهَا كُلُّ الْمَالِ وَهَكَذَا بِرّ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ التَّنْزِيلِ مَنْزِلَتَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ إمَّا بِالْفَرْضِ أَوْ بِالْعُصُوبَةِ) هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ كَإِرْثِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَنَّ الْمُدْلَى بِهِمْ كَمَا أَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْفَرْضِ أَوْ الْعُصُوبَةِ فَكَذَلِكَ الْمُدْلِي نَزَلَ مَنْزِلَتَهُمْ فِي أَنَّ إرْثَهُ بِالْفَرْضِ أَوْ بِالْعُصُوبَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْآتِي أَنَّهُمْ يُقَدَّرُونَ وَارِثِينَ لِلْمُدْلِي بِهِمْ بِحَيْثُ تَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَإِرْثِهِ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ (قَوْلُهُ: فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ) فَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا خَالًا أَوْ خَالَةً فَلَهُ الثُّلُثُ بِرّ (قَوْلُهُ: فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ) فَلَوْ لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا عَمًّا لِأُمٍّ أَوْ عَمَّةً فَلَهُ الْكُلُّ بِرّ
[حاشية الشربيني]
عُصُوبَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبَيْنِ كَمَا فِي خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَمَصْلَحَةً إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ وَإِلَّا صُرِفَ إلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَصَالِحِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمَالِ مِنْ حَاكِمِ الزَّمَانِ صُرِفَ إلَى الْأَصْلَحِ بِقَوْلِ مُفْتِي الْبَلْدَةِ اهـ مِنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) قَدْ عَرَفْت سَابِقًا أَنَّ مَا مَرَّ لَا يَأْتِي هُنَا وَعَلَّلَ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ لِحَدِيثِ «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يُصْرَفُ لَهُ التَّرِكَةُ وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّرِكَةَ إلَخْ، وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ) مِثْلُهُ وُقُوفُ مَسَاجِدِ الْقُرَى يَصْرِفُهُ صُلَحَاءُ الْقَرْيَةِ فِي عُمَارَةِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ وَإِنَّمَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِرْثُ فَيَأْخُذُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَخَرَجَ بِالْإِرْثِ الْحَجْبُ أَيْ حَجْبُ ذِي الْفَرْضِ الْمُتَأَصِّلِ فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا الْمُتَأَصِّلِ غَيْرُهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَحْجُبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَمَا فِي بِنْتَيْ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ فَإِنَّ الْمَالَ لِلْأَوَّلِينَ فَرْضًا وَرَدًّا اهـ ق ل بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُونَ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ التَّنْزِيلِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ) فَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْأُولَى وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا فَرْضًا وَرَدًّا. اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَرِثُوا جَمِيعًا) بِأَنْ يُقْسَمَ الْمَالُ بَيْنَ أُصُولِهِمْ ثُمَّ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ لِفُرُوعِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: تَفْرِيعٌ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ رُوعِيَ فِيهِ الْقُرْبُ لِلْمَيِّتِ أَمَّا تَفْضِيلُ الذَّكَرِ وَحَوْزُ الْجَمِيعِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَهُوَ آتٍ عَلَى أَنَّهُ تَارَةً بِالْفَرْضِ وَتَارَةً بِالْعُصُوبَةِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: كُلُّ قَرِيبٍ إلَخْ) هُمْ أَصْنَافٌ عَشَرَةٌ أَرْجَعَهَا ابْنُ الْعِمَادِ إلَى أَرْبَعَةٍ، أَحَدُهَا يَنْتَمِي إلَى الْمَيِّتِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ، وَالثَّانِي يَنْتَمِي إلَيْهِمْ الْمَيِّتُ وَهُمْ الْأَجْدَادُ السَّاقِطُونَ، وَالْجَدَّاتُ كَذَلِكَ وَالثَّالِثُ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ الْمَيِّتِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَالرَّابِعُ يَنْتَمِي إلَى جَدِّ الْمَيِّتِ أَوْ جَدَّتِهِ وَهُمْ الْعَمَّاتُ وَالْأَعْمَامُ لِلْأُمِّ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يُدْلِي بِشَيْءٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ، فَالصِّنْفُ الْأَوَّلُ يُنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ الْبَنَاتِ أَوْ مَنْزِلَةَ بَنَاتِ الِابْنِ، وَالثَّانِي يُنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ أَوْلَادِهِمْ كَتَنْزِيلِ ابْنِ الْأُمِّ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ وَأَبِي أُمِّ الْأَبِ مَنْزِلَةَ الْأَبِ، وَالثَّالِثُ يُنَزَّلُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ أَبِيهِ، وَالرَّابِعُ يُنَزَّلُ الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ اهـ. وَلَعَلَّ فِي النُّسْخَةِ سَقَمًا فَإِنَّهُ أَسْقَطَ الْأَعْمَامَ لِلْأُمِّ وَالْعَمَّاتِ وَفِي الرَّوْضِ إنَّ الْعَمَّاتِ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ وَالْأَعْمَامَ مِنْ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ كَمَا فِي الشَّارِحِ اهـ فَيَأْخُذُونَ مَا يَأْخُذُهُ الْأَبُ وَيَقْسِمُونَهُ عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِمْ مِنْهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ: إلَّا الْخَالَ وَالْخَالَةَ إلَخْ) فَلَوْ مَاتَ عَنْ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ كَانَ لِلْعَمَّاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute