للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصَّرْفَ فِي عَلَفِهَا وَلَمْ يَنْوِهِ بِأَنْ قَصَدَ تَمْلِيكهَا أَوْ أَطْلَقَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ لِلدَّابَّةِ وَهِيَ لَا تَمْلِكُ وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ يُخَاطَبُ وَيَتَأَتَّى قَبُولُهُ وَقَدْ يَعْتِقُ بِخِلَافِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ مَالِكَهَا صَحَّتْ مُطْلَقًا

(وَ) مِثْلُ (مَسْجِدٍ) وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّرْفِ فِي عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَصْرِفُهُ قِيمَةً فِي أَهَمِّهَا بِاجْتِهَادِهِ وَسَوَاءٌ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ أَمْ لَا لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا (وَ) مِثْلُ (قَاتِلٍ) وَلَوْ تَعَدِّيًا بِأَنْ أَوْصَى لِجَارِحِهِ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ أَوْ لِإِنْسَانِ فَقَتَلَهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِصِيغَةٍ كَالْهِبَةِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ وَأَمَّا خَبَرُ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ» فَضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى وَصِيَّتِهِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْقَائِلِ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَصِيَّةٌ لِمَالِكِهِ وَتَسْمِيَةُ الْوَصِيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ وَصِيَّةً لِقَاتِلٍ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ يَصِيرُ قَاتِلًا أَوْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَتْ إذْ ذَاكَ وَصِيَّةً لِقَاتِلٍ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ

(وَ) مِثْلُ (نَاكِثٍ لِلدِّينِ) أَيْ مُرْتَدٍّ (أَوْ مُحَارِبٍ) أَيْ حَرْبِيٍّ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَالذِّمِّيِّ وَيُخَالِفُ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَاعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّوَامُ وَلِأَنَّ مَعْنَى التَّمْلِيكِ هُنَا أَظْهَرُ وَمَحَلُّ صِحَّتِهَا لِلْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَافِرٍ بِمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ، وَالْكَلَامُ فِي الْمُرْتَدِّ، وَالْحَرْبِيِّ الْمُعَيَّنَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَرَّرَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ، وَالْحَرْبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ

(أَوْ وَارِثِ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ (لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُجِيزُوا) أَيْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ لَهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِدُونِ الثُّلُثِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ» قَالَ الذَّهَبِيُّ: إنَّهُ صَالِحُ الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ عَطَاءً غَيْرَ قَوِيٍّ وَلَمْ يُدْرِكْ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا إذَا رَدُّوا فَلَا تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ.

وَقَوْلُهُ (بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ) أَيْ الْمُوصِي تَنَازَعَهُ وَارِثٌ وَيُجِيزُوا فَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثٍ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ حُجِبَ لَمْ يُفْتَقَرْ إلَى الْإِجَازَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ افْتَقَرَ إلَيْهَا وَلَوْ أَجَازُوا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَهُمْ الرَّدُّ بَعْدَهُ وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا حَقَّ قَبْلَهُ لِلْمُوصَى لَهُ (كَالزَّائِدِ) أَيْ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّة لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِالزَّائِدِ (عَنْ ثُلْثٍ) أَيْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ بِشَرْطِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: صَحَّتْ مُطْلَقًا) قَصَدَ تَمْلِيكَهُ أَوْ لَا

(قَوْلُهُ: لِمَنْ يَقْتُلُهُ) كَأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي تَعَدِّيًا

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ) لَكِنْ لَوْ لَمْ يُسْلَمْ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَنْبَغِي وَقْفُ الْمِلْكِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ مَعَ وَقْفِ الْمِلْكِ فِي أَمْوَالِهِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ، وَالْحَرْبِ) وَلَا لِمَنْ يُحَارِبُ أَوْ يَرْتَدُّ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِهَذَا الْمُرْتَدِّ أَوْ الْمُحَارِبِ بِكَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْمِلْكُ فَيَنُوبُ عَنْهُ السَّيِّدُ فِيهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ مِلْكٍ مُعَيَّنٍ لِنَفَقَتِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمِلْكُ حَتَّى يَنْتَقِلَ عَنْهَا لِلسَّيِّدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ فِي نَفَقَتِهِ، وَلَوْ قَصَدَ الْمُوصِي الصَّرْفَ فِيهَا فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي النَّاشِرِيِّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ حَيْثُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفٌ إلَيْهِ، وَبَيْنَ الدَّابَّةِ حَيْثُ يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَى عَلَفِهَا أَنَّ الْعَبْدَ مُتَأَهِّلٌ لِلْإِضَافَةِ إلَيْهِ، وَسَبَبُ الْمِلْكِ جَارٍ فِي حَقِّهِ، وَإِنَّمَا السَّيِّدُ يَتَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ لِامْتِنَاعِهِ قَرَارَهُ عَلَيْهِ بِالرِّقِّ فَإِذَا تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ تَخَيَّرَ فِيهِ عَلَى حَسَبِ إرَادَتِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ أَصْلًا اهـ، وَهُوَ مَا قُلْنَاهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يُخَاطِبُ) أَيْ فَعِنْدَ رُجُوعِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ حَالَةَ عَدَمِ قَصْدِ الْمَالِكِ يَكُونُ الْمَحَلُّ قَابِلًا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ مَسْجِدٍ) حَاصِلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر وع ش وَالرَّشِيدِيُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمَصَالِحِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهَا التَّرْمِيمُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ إلَّا تَبَعًا كَالْوَقْفِ ثُمَّ إذَا حَصَلَ التَّرْمِيمُ، وَالْبِنَاءُ لَمْ تَجِبْ صِيغَةٌ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ إنْشَاءً فَلَا بُدَّ بَعْدَ شِرَاءِ قِطْعَةِ أَرْضٍ، وَبِنَائِهَا مِنْ صِيغَةِ وَقْفٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ رَاجِعْهُ تَكُنْ عَلَى بَصِيرَةٍ قَالَ ع ش، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ الصَّرْفُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَدْفَعُهُ لِلنَّاظِرِ أَوْ لِمَنْ أَقَامَهُ النَّاظِرُ فَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِمَا أَوْصَى بِهِ حَالًّا حُفِظَ إلَى الِاحْتِيَاجِ فَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ كَأَنْ كَانَ مُحْكَمَ الْبِنَاءِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّرْمِيمِ بَطَلَتْ، وَرَجَعَتْ لِلْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ لِمَصَالِحِهِ فَتُصْرَفُ لِمَنْ ذُكِرَ لِيَصْرِفَهَا فِي الْأَهَمِّ، وَالْأَصْلَحِ، وَمِنْهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهَا طَعَامًا لِلْخَدَمَةِ. اهـ. بِتَصَرُّفٍ

(قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَالذِّمِّيِّ) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ اسْمَ هَؤُلَاءِ فَقَطْ فَإِنْ ذَكَرَ مَعَهُ أَوْصَافَهُمْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ الذِّمِّيِّ أَوْ الْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُرْتَدِّ قَالَ ق ل تَصِحُّ، وَضَعَّفَهُ ع ش؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ فَهُوَ كَأَوْصَيْتُ لِلذِّمِّيِّينَ أَوْ الْحَرْبِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ، وَبِهَامِشٍ أَنَّهُ إنْ لَاحَظَ أَنَّ الْوَصْفَ هُوَ الْحَامِلُ لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ. اهـ. وَهُوَ مُتَّجَهٌ

(قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ) ، وَالْمُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ قَلِيلًا عَنْ الثُّلُثِ سم عَلَى التُّحْفَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>