للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُظُوظِهِمْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ فِي الْأَصَحِّ (مُهْمَلُ) مُؤَكِّدٌ لِلَّغْوِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِكُلِّ مَقْصُودٍ) لِلِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا مِنْ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الْوَصِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فَمَا لَا يُقْصَدُ لِذَلِكَ كَدَمٍ وَكَلْبٍ عَقُورٍ وَخِنْزِيرٍ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ (لِنَقْلٍ يُقْبَلُ) أَيْ مَقْصُودٍ يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يَقْبَلْهُ كَأُمِّ وَلَدٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ وَخِيَارٍ وَكَحَدِّ قَذْفٍ وَقِصَاصٍ كَمَا ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا حَدِّ) أَيْ لَا بِحَدِّ (قَذْفٍ وَ) لَا (قِصَاصٍ) وَإِنْ قَبِلَا الِانْتِقَالَ بِالْإِرْثِ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ وَلِأَنَّهُمَا شُرِعَا لِلتَّشَفِّي وَلَيْسَ الْمُوصَى لَهُ فِيهِ كَالْوَارِثِ نَعَمْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْقِصَاصِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ فِي الْفَرْضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمُكَاتَبِ كَالْوَصِيَّةِ بِمَالِ الْغَيْرِ وَسَيَأْتِي

(وَاحْتَمَلْ) فِي الْوَصِيَّةِ (إبْهَامَهُ) أَيْ الْمَقْصُودِ الْقَابِلِ لِلنَّقْلِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ مُحْتَمَلٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى الْعَبْدَ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَقَدْ لَا يُعْرَفُ حِينَئِذٍ ثُلُثُ مَالِهِ لِكَثْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْوَصِيَّةِ بِالْمُبْهَمِ وَمَثَّلَ لِلْمَقْصُودِ بِأَمْثِلَةٍ فَقَالَ: (كَالْحَمْلِ قَبْلَ أَنْ حَصَلْ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا جُوِّزَتْ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا وُجُوهٌ مِنْ الْغَرَرِ ثُمَّ إنْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ هَذَا الْعَامَ أَوْ كُلَّ عَامٍ فَذَاكَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: أَوْصَيْت بِمَا تَحْمِلُهُ فَهَلْ يَعُمُّ كُلَّ عَامٍ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الظَّاهِرُ الْعُمُومُ وَإِذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ الْمَعْدُومِ فَبِمَا لِمَوْجُودٍ أَوْلَى لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا أَوْ يَنْفَصِلَ حَمْلُ الْأَمَةِ مَضْمُونًا بِجِنَايَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ فَانْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَمَا يَغْرَمُهُ الضَّارِبُ لِلْوَارِثِ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَنِينِهَا بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَمَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ بَدَلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ

(وَ) كَالْوَصِيَّةِ (بِمَنَافِعَ) مُؤَقَّتَةٍ وَمُؤَبَّدَةٍ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَإِطْلَاقُ الْوَصِيَّةِ بِهَا يَقْتَضِي تَأْبِيدَهَا وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ بِهِ إنْ مَلَكَهُ صَحَّتْ عَلَى الْأَفْقَهِ فِي الرَّوْضَةِ كَالْمَعْدُومِ بَلْ أَوْلَى وَقِيلَ لَا إذْ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ مَحَلًّا لِتَصَرُّفِ اثْنَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ فِيهِمَا وَالرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ فِي الْأُولَى وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّصِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْضًا وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَعْلُومِ، وَالْمُعَيَّنِ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا يُعْرَفُ قَدْرُ التَّرِكَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ فَائِدَةٌ) فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي لَوْ أَوْصَى بِالشِّقْصِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِهِ كَانَ الشِّقْصُ لِلْمُوصَى لَهُ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْوَرَثَةِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ إبْهَامُهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا مِنْ الْجَهَالَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ فَتَصِحُّ بِحَمْلٍ سَيُوجَدُ وَلَا تَصِحُّ لِحَمْلٍ سَيُوجَدُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ) أَيْ دُونَ الْوَصِيِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْطُوا هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُ بَحَثَهُ الشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً فِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ وَذَكَرَ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا يُعَيِّنُ الْوَارِثُ، وَالثَّانِي يُقْرِعُ، وَالثَّالِثُ يُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا. اهـ. بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِلْمَقْصُودِ) أَيْ لَا لِلْمُبْهَمِ كَمَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: أَوْ كُلَّ عَامٍ) وَلَوْ أَوْصَى بِدِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ صَحَّتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لَا فِيمَا بَعْدَهَا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الْمُوصَى بِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ عب قُلْت قَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْحَمْلِ قَبْلُ أَنْ حَصَلَ إنْ قَالَ: كُلَّ عَامٍ أَوْ أَطْلَقَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْعُمُومِ إنْ اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الْوَصِيَّةَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَلَا إشْكَالَ وَحِينَئِذٍ يُفَرَّقُ بَيْنَ الدِّينَارِ فَإِنَّهُ مَالٌ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْفَصِلُ حَمْلُ الْأَمَةِ إلَخْ) أَيْ لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَبِنْتًا فَإِنْ رَضِيَ الِابْنُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْبِنْتِ إلَّا نِصْفُ مَا لِلِابْنِ فَلَهُمَا إبْطَالُ الْوَقْفِ فِي الرُّبُعِ إذْ لِلِابْنِ إبْطَالُ السُّدُسِ لِأَنَّهُ تَمَامُ حَقِّهِ، وَيَبْقَى النِّصْفُ وَقْفًا عَلَيْهِ، وَلَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ثُلُثِهَا، وَيَبْقَى الثُّلُثُ، وَقْفًا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ بِقَدْرِ إرْثِهَا هَذَا إنْ أَجَازَتْ، وَإِلَّا بَقِيَ لَهَا الرُّبُعُ فَقَطْ، وَلَهَا إبْطَالُ نِصْفِ السُّدُسِ فَتَأْخُذُهُ إرْثًا، وَيَصِيرُ مَا أَبْطَلَاهُ مِلْكًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَالْبَاقِي وَقْفًا عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ. اهـ. رَوْضٌ

(قَوْلُهُ: كَالْحَمْلِ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فِي بَابِ الْبَيْعِ فِي مَبْحَثِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ، وَوَلَدِهَا بِالْوَصِيَّةِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَيْ التَّمْيِيزِ، وَقَبْلَ الْمُوصَى لَهُ بِأَحَدِهِمَا الْوَصِيَّةُ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ يُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ هُنَا لِأَنَّهُ فِي الدَّوَامِ، وَأَنْ يُقَالَ يُبَاعَانِ مَعًا كَمَا فِي الرَّهْنِ لَكِنْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَرْهُونَ ثَمَّ مَبِيعٌ فَلَوْ جَوَّزْنَا تَفْرِيقَهُ، وَحْدَهُ لَكَانَ فِيهِ تَفْرِيقٌ ابْتِدَاءً بِخِلَافِهِ هُنَا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ هُوَ الْأَوَّلُ. اهـ. وَمَالَ م ر إلَى تَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ كَانَ بِالْأُمِّ جُنُونٌ مُطْلَقٌ، وَأُيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَبِيعَ الْوَلَدُ ثُمَّ زَالَ الْجُنُونُ قَبْلَ سَنِّ التَّمْيِيزِ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَتَبِعَهُ م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: بَدَلَ مَا نَقَصَ) فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ لَمْ يَلْزَمْ الْجَانِي شَيْءٌ. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: إذْ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ إلَخْ) قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْوَصِيَّةِ مُنْتَظَرٌ فَلَا يَمْنَعُهُ إلَّا مَا يُقَارِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>