للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: لَا تَصِحُّ بِمِلْكِ غَيْرِهِ عَلَى النَّصِّ الْمَعْمُولِ بِهِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ وَصَحَّحَ فِيهَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ حَذَفَ النَّاظِمُ الْبَاءَ أَوْ ذَكَرَ بَدَلَهَا الْكَافَ كَانَ أَنْسَبُ (وَذِي صَلَاحِ) أَيْ وَكَالصَّالِحِ (مِنْ نَحْوِ طَبْلِ اللَّهْوِ) وَغَيْرِهِ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي (لِلْمُبَاحِ) كَحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ بِهَيْئَتِهِ أَوْ بِتَغْيِيرٍ يَبْقَى مَعَهُ اسْمُ الْآلَةِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ أَوْ يَصْلُحُ لَهُ بِتَغْيِيرٍ لَا يَبْقَى مَعَهُ الِاسْمُ وَلَا نَظَرَ لِمَا يُتَرَقَّبُ مِنْ مَنَافِعَ بَعْدَ زَوَالِ الطَّبْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِطَبْلٍ وَلَفْظُهُ نَحْوٌ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) مِثْلُ (الزِّبْلِ، وَالْخَمْرَةِ حَيْثُ تُحْتَرَمُ، وَالْكَلْبِ) إذَا صَلُحَ وَلَوْ مَآلًا (لِلصَّيْدِ وَ) لِحِرَاسَةِ (زَرْعٍ وَنَعَمْ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (إنْ كَانَ) حَاصِلًا (لِلْمُوصِي) عِنْدَ مَوْتِهِ لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَإِنْ اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرَةُ وَأَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ آدَمِيٍّ فَالْأَشْبَهُ فِيمَا نَظُنُّهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَا يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ مِنْ نَحْوِ إطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوصَى لَهُ صَاحِبَ صَيْدٍ وَلَا زَرْعٍ وَلَا نَعَمٍ فَفِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ اقْتِنَاؤُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِ النَّظْمِ وَزَرْعٍ وَنَعَمٍ بِمَعْنَى أَوْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لِلْمُوصِي مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِتَعَذُّرِ شِرَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ مُتَبَرِّعٌ وَأَرَادَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ جَازَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ

(وَثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ مَا ذُكِرَ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ مِمَّنْ لَمْ يَمْلِكْ مُمَوَّلًا (اعْتُبِرْ بِفَرْضِ قِيمَةٍ) لَهُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَفْوِيتُ جَمِيعِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ كَالْأَمْوَالِ هَذَا إنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُ فَإِنْ اتَّحَدَ وَتَعَدَّدَتْ أَفْرَادُهُ فَالْعِبْرَةُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِكَلْبٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَكْلُبٍ فِي وَاحِدٍ وَلَا نَظَرَ إلَى فَرْضِ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْصَى بِاثْنَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ نَفَذَتْ فِي وَاحِدٍ وَثُلُثٍ وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ نَفَذَتْ فِي ثُلُثِهِ (وَكُلُّهُ) أَيْ كُلُّ الْمُوصَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ (أُقِرْ) أَيْ نَفَذَ (مِنْ مَالِكٍ مُمَوَّلًا) وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا لَيْسَ بِمُمَوَّلٍ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ نَعَمْ إنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِثُلُثِ الْمُمَوَّلِ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ الْكُلُّ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ حَظُّهُمْ بِسَبَبِ الثُّلُثِ الَّذِي نَفَذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فِي وَصِيَّةِ غَيْرِ الْمُمَوَّلِ وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِمُمَوَّلٍ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِمَالٍ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنَّ لَهُ قِيمَةً بِخِلَافِ الْمَالِ

ثُمَّ ذَكَرَ ضَابِطَ مَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ فَقَالَ: (وَإِنْ بَدَا تَفْوِيتُهُ مَمْلُوكَ مَالٍ) أَيْ وَإِنْ ظَهَرَ تَفْوِيتُ الْمُتَبَرِّعِ مَالًا مَمْلُوكًا (أَوْ يَدَا) فِي مَالِ كَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةِ بِتَأْجِيلِ الدَّيْنِ، وَالْبَيْعِ نَسِيئَةً وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ فِي غَيْرِهِ كَالزِّبْلِ، وَالْكَلْبِ وَكَانَ التَّفْوِيتُ (بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ غَيْرِ عِوَضْ) وَقَدْ (أَضَافَهُ) أَيْ التَّفْوِيتَ (لِمَوْتِهِ) وَإِنْ صَدَرَ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ) صَدَرَ (فِي مَرَضْ مَوْتٍ) لَهُ سَوَاءٌ كَانَ (مُضَافًا) لِمَوْتِهِ (أَوْ مُنَجَّزًا حُسِبْ مِنْ ثُلُثِهِ) فَخَرَجَ بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْآدَمِيِّ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ مَا بَاعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا أَوْ بِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يُتَسَامَحُ بِهِ غَالِبًا أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقَ امْرَأَتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ أَضَافَهُ لِمَوْتِهِ مَا لَوْ قَالَ صَحِيحٌ لِعَبْدِهِ: إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِي بِلَحْظَةٍ إنْ مِتّ بِمَرَضٍ أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِلَحْظَةٍ إنْ مِتّ فَجْأَةً فَمَاتَ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِأَكْثَرَ مِنْ لَحْظَةٍ فَجَمِيعُ ذَلِكَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ وَصَحَّ فِيهَا) قَدْ تُؤَيِّدُ الْأُولَى لِتَصْحِيحِهِ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ مُقَدَّرٌ فِيهَا، وَالْمُقَدَّرُ كَالْمَوْجُودِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَ النَّاظِمُ) الْبَاءَ مِنْ بِمَنَافِعَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّتِهَا) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ صِحَّتَهَا قَالَ بَلْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِلَّا نَقَلَهُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَاحِبَ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ كَأَنْ كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ فَقَطْ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَا يَصْلُحُ لَهُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ فِي هَذَا الْمِثَالِ

(قَوْلُهُ بِفَرْضِ قِيمَتِهِ) بِأَنْ يُقَدَّرَ الْخَمْرُ خَلًّا مَثَلًا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً بِرّ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِهَذَا الْمِثَالِ فَلَوْ كَانَ الْإِيصَاءُ بِدُونِ الثُّلُثِ مِنْ الْمَالِ نَفَذَ الْإِيصَاءُ فِي جَمِيعِ الِاخْتِصَاصَاتِ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ فِي نَظِيرِ مُوصًى بِهِ وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ قُلْت ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ مَعْنَى كَلَامِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ بِرّ

(قَوْلُهُ: كَالْعَارِيَّةِ) الْمَحْسُوبُ مِنْ الثُّلُثِ أُجْرَةُ الْمُعَارِ كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ) عُطِفَ عَلَى فِي مَالٍ (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ لَحْظَةٍ) كَانَ وَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِيَّةِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَحْصُلُ قَبْلَ اللَّحْظَةِ وَبَعْدَ التَّعْلِيقِ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى اللَّحْظَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَوْتَ دُونَ مَا سَبَقَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّتِهَا) الْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ نَقْلِ يَدِهِ لِمَنْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ م ر

(قَوْلُهُ: مَمْلُوكٌ) قِيلَ إنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ قَالَ الْقُونَوِيُّ، وَفِيهِ تَعَسُّفٌ، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَالٍ.

(قَوْلُهُ: كَالْعَارِيَّةِ) ، وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَقَبَضَ الْعَيْنَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) ، وَلَوْ بِأَضْعَافِ ثَمَنِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْيَدِ كَتَفْوِيتِ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُوصِي مُمَوَّلًا، وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>