وَأُلْحِقَ تَفْوِيتُ الْيَدِ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ، لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالْحَيْلُولَةِ كَمَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَجَمْعُهُ كَأَصْلِهِ بَيْنَ الْمَمْلُوكِ، وَالْمَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ أَيْضًا لِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَقَوْلُهُ (بَعْدَ قَضَا دَيْنٍ يَجِبْ) بِقَصْرِ قَضَا لِلْوَزْنِ حَالٌ مِنْ ثُلُثِهِ أَوْ صِلَةٌ لِحُسِبَ فَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَالِهِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَلَوْ مِنْ مُتَبَرِّعٍ وَفِي مَعْنَاهُ الْإِبْرَاءُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَاوِي وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ بَلْ وَمِنْ تَقْدِيمِهِمَا فِي الْفَرَائِضِ أَدَاءَ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ
ــ
[حاشية العبادي]
بَعْدَ التَّعْلِيقِ تَحْصُلُ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ) أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِذِكْرِ التَّفْوِيتِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْلُومٌ إلَخْ) فِي عِلْمِهِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ
[حاشية الشربيني]
ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ سم؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّتَ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ غَيْرُ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ، وَمِنْ تَقْدِيمِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَتَى بِهِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ لِيُفِيدَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ حَتَّى لَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ الْمُسْتَغْرِقِ مُتَبَرِّعٌ نَفَذَتْ الْوَصَايَا. اهـ. وَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ أَوْ وَهَبَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْأَوَّلِ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَفِي الثَّانِي وَقْتَ التَّنْجِيزِ ثُمَّ يُقَوَّمُ مَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ، وَالدَّيْنِ إنْ كَانَ، وَيُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَمَا نَقَصَ قَبْلُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُوصَى بِهِ مَثَلًا مِائَةً، وَقِيمَةُ مَا بَقِيَ مِائَةٌ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَمِائَتَيْنِ وَقْتَ الْقَبْضِ أَوْ عَكْسِهِ اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ لِمَا تَقَدَّمَ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ مَثَلًا بِحَسَبِهِ أَفَادَهُ م ر، وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَرَشِيدِيٌّ، وَفِي الشَّيْخِ عِوَضٍ عَلَى قَوْلِ الْخَطِيبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ إلَخْ مَا نَصُّهُ حَاصِلُهُ أَنَّ التَّبَرُّعَ إنْ كَانَ مُنَجَّزًا فَيُعْتَبَرُ مَا يَفُوتُ، وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ بِوَقْتِ الْإِعْطَاءِ لَا بِوَقْتِ الْمَوْتِ، وَمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ يُعْتَبَرُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُضَافًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا يَفُوتُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ فَقَطْ، وَمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ يُعْتَبَرُ بِأَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ فَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَفِيمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِي لَا لَهُ مَعَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُهُ لَهُمَا، وَيَكُونُ سَكَتَ عَنْ قِيمَةِ مَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ فِي الْمُنَجَّزِ. اهـ.، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ قَوْلُ م ر: إنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ وَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ ثُمَّ إنْ وَفَّى بِجَمِيعِهِ ثُلُثُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَفِيمَا يَفِي بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ إلَى قَوْلِهِ، وَفِيمَا بَقِيَ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ حُسِبَ ثُلُثُهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ، وَثُلُثَاهُ بِأَكْثَرِهِمَا، وَقُسِمَ مَالُ الْمَيِّتِ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا فَمَا خَصَّ الثُّلُثَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَمَا خَصَّ الثُّلُثَيْنِ فَهُوَ لِلْوَارِثِ فَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ مِائَةٌ، وَوَقْتَ الْقَبْضِ خَمْسُونَ فَخُذْ ثُلُثَ الْخَمْسِينَ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَثُلُثَيْ الْمِائَةِ، وَهُمَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ قَسِّمْ الْخَمْسِينَ عَلَيْهَا فَمَا خَصَّ السِّتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ السِّتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ خُمْسُ الثَّلَاثَةِ وَالثَّمَانِينَ وَثُلُثٍ، وَالْعَشَرَةُ خُمْسُ الْخَمْسِينَ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَمَا خَصَّ السِّتَّةَ وَالسِّتِّينَ وَثُلُثَيْنِ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ يَكُونُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ السِّتَّةَ وَالسِّتِّينَ وَثُلُثَيْنِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّلَاثَةِ وَالثَّمَانِينَ وَثُلُثٍ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ أَخَذَ عَشَرَةً هِيَ وَقْتَ الْمَوْتِ مُقَوَّمَةٌ بِعِشْرِينَ، وَالْوَارِثُ أَخَذَ أَرْبَعِينَ مُقَوَّمَةً بِقِيمَةِ وَقْتِ الْقَبْضِ فَكَأَنَّ الْمُوصَى لَهُ أَخَذَ عِشْرِينَ مِنْ سِتِّينَ هِيَ الثُّلُثُ، وَالْوَارِثُ أَخَذَ أَرْبَعِينَ هِيَ ثُلُثَانِ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا السَّقَّا عَنْ شَيْخِهِ الْقُوَيْسِنِيُّ.
وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ فَوَافَقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ إنَّهُ مُطَرِّدٌ فِي جَمِيعِ الْأَمْثِلَةِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ عِنْدَ الْمَوْتِ ثَلَاثَمِائَةٍ فَصَارَ عِنْدَ الْقَبْضِ يُسَاوِي مِائَةً، وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مَا يَخُصُّ الْمُوصَى لَهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ خَمْسُونَ، وَمَا يَخُصُّ الْوَارِثَ بِأَكْثَرِهِمَا، وَهُوَ مِائَتَانِ، وَيُقْسَمُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَالْخَمْسُونَ خُمُسُ الْمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَخُصُّهَا خُمُسُ الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ كَانَتْ تُسَاوِي عِنْدَ الْمَوْتِ سِتِّينَ، وَهِيَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ، وَيَبْقَى مِائَةٌ وَعِشْرُونَ بِقِيمَةِ وَقْتِ الْقَبْضِ هِيَ نَصِيبُ الْوَارِثِ، وَمِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ وَقْتَ الْمَوْتِ ثَلَاثَمِائَةٍ، وَوَقْتَ الْقَبْضِ مِائَتَيْنِ فَنَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ يُحْسَبُ بِسِتَّةٍ وَثُلُثَيْنِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ، وَنَصِيبُ الْوَارِثِ يُحْسَبُ بِمِائَتَيْنِ ثُلُثَيْ الثَّلَاثِمِائَةِ، وَالْمَجْمُوعُ مِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ يُقْسَمُ عَلَيْهَا مِائَتَانِ فَيَخُصُّ السِّتَّةَ وَالسِّتِّينَ وَثُلُثَيْنِ رُبُعُ الْمِائَتَيْنِ، وَهُوَ خَمْسُونَ لِأَنَّهَا رُبُعُ الْمَجْمُوعِ كَمَا أَنَّ الْخَمْسِينَ رُبُعُ الْمِائَتَيْنِ، وَكُلُّ خَمْسِينَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ قَدْ نَقَصَتْ الثُّلُثَ بِتَوْزِيعِ الْمِائَةِ النَّاقِصَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ خَمْسِينَاتٍ فَالْخَمْسُونَ تُسَاوِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute