للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ تُعْتَبَرُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْعِتْقِ تُعْتَبَرُ بِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا فِي الْمَرَضِ قِيمَةَ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَفِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ قِيمَةَ يَوْمِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ جَازَ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ

وَإِذَا وَهَبَ فِي مَرَضِهِ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَأَقْبَضَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ (يَغْرَمُ مَنْ يُوهَبُ) لَهُ لِلْوَارِثِ (مَا زَادَ) عَلَى الثُّلُثِ (إذَا أَتْلَفَ) ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً فَإِنْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ ضَمِنَهُ الْغَيْرُ وَعَلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَاقِيًا يَرُدُّهُ (وَاَلَّذِي دَفَعْنَا) لِلْمَوْهُوبِ لَهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ (نَفَذَا) كُلُّهُ (حَيْثُ دَفِينُ الْمَيْتِ ذُو ظُهُورِ) أَيْ حَيْثُ ظَهَرَ لَهُ دَفِينٌ مَثَلًا يُبَيِّنُ بِهِ أَنَّ مَا دَفَعْنَاهُ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ بِهِ ذَلِكَ نَفَّذْنَا مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ وَهَبَهُ ثَلَاثِينَ وَمَالُهُ سِتُّونَ غَرِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَشَرَةً فَلَوْ ظَهَرَ دَفِينٌ ثَلَاثُونَ نَفَذَتْ الثَّلَاثُونَ الْمَوْهُوبَةُ أَوْ اثْنَا عَشَرَ فَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا وَيَغْرَمُ سِتَّةً

ثُمَّ ذَكَرَ لِلتَّفْوِيتِ الْمَحْسُوبِ مِنْ الثُّلُثِ أَمْثِلَةً فَقَالَ: (كَالْقَبْضِ) فِي مَرَضِ الْوَاهِبِ (لِلْمَوْهُوبِ) وَإِنْ وَهَبَهُ فِي الصِّحَّةِ إذْ الْهِبَةُ إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ نَعَمْ الْهِبَةُ الضِّمْنِيَّةُ كَالْمُحَابَاةِ فِي الْبَيْعِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَبْضٍ لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ (وَ) مِثْلُ (التَّدْبِيرِ) وَلَوْ فِي الصِّحَّةِ لِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَوْتِ (وَ) مِثْلُ (زَائِدِ الْعِتْقِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ تَأَخَّرَ الصَّرْفُ عَنْ الْمَوْتِ كَأعْطُوا هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ وَتَأَخَّرَ الْإِعْطَاءُ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ قِيمَةُ يَوْمِ الْمَوْتِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الْإِعْتَاقُ عَنْ الْمَوْتِ

(قَوْلُهُ: كَالْقَبْضِ) أَيْ الْإِقْبَاضِ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلتَّفْوِيتِ بِرّ (قَوْلُهُ: لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَبْضٍ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ إقْبَاضُهَا فِي الْمَرَضِ إذَا وَقَّتَ فِي الصِّحَّةِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَرَضِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي أَوْصَى بِهِ) أَوْ فَعَلَهُ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَقَدْ نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي عَدَمَ اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ فَرْضًا قَالَا وَهَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اهـ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ خَمْسَةً، وَسَبْعِينَ، وَهِيَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ يَبْقَى مِائَةٌ، وَخَمْسُونَ، وَهُمَا الثُّلُثَانِ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَخُصُّ نَصِيبَ الْوَرَثَةِ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ مِنْ النَّقْصِ عَنْ قِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْقَبْضِ، وَمَا يَخُصُّ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ النَّقْصِ عَنْ ذَلِكَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ ثُلُثِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْقَبْضِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَهُ مِنْهُ نَاقِصًا ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ مِثْلَيْ مَجْمُوعِ مَا أَخَذَ، وَمَا حُسِبَ عَلَيْهِ فَلِذَا حُسِبَ ثُلُثُ الْمُوصَى لَهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ، وَثُلُثَا الْوَرَثَةِ بِأَكْثَرِهِمَا لِيَسْقُطَ مَا يَخُصُّ ثُلُثَهُ مِنْ النَّقْصِ مَعَ حُسْبَانِهِ عَلَيْهِ، وَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ مِثْلَيْ مَجْمُوعِ مَا أُخِذَ، وَمَا حُسِبَ عَلَيْهِ عِنْدَ قِسْمَةِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْقَبْضِ عَلَى مَجْمُوعِ مَا حُسِبَ بِهِ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ، وَمَا حُسِبَ بِهِ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَوْصَى بِثُلُثٍ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَنَقَصَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ عِنْدَ الْقَبْضِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ مُعَيَّنًا مِنْ ثَلَاثَةٍ قِيمَةُ كُلٍّ عِنْدَ الْمَوْتِ مِائَةٌ ثُمَّ عِنْدَ الْقَبْضِ صَارَتْ قِيمَةُ غَيْرِ الْمُوصَى بِهِ مِائَةً، وَبَقِيَتْ قِيمَتُهُ هُوَ مِائَةً فَالظَّاهِرُ، وَرُبَّمَا أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ فِي ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْصٌ فِي الْمُوصَى بِهِ حَتَّى يُحْسَبَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلِيُرَاجَعْ.

ثُمَّ رَأَيْت السِّجَاعِيَّ عَلَى الْخَطِيبِ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ مَا قُلْتُ إنَّهُ الظَّاهِرُ، وَقَوْلُنَا فِيمَا مَرَّ فَلِذَا حُسِبَ إلَخْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ إذَا نَقَصَتْ النِّصْفَ مَثَلًا كَانَتْ قِيمَةُ الثُّلُثِ مِنْهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَقِيمَةُ الثُّلُثَيْنِ مَحْسُوبَةٌ بِمَا لَا نَقْصَ فِيهِ فَإِذَا وُزِّعَ الْأَقَلُّ عَلَى الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ خَصَّ ثُلُثَ الْمُوصَى لَهُ نِصْفُ قِيمَةِ ثُلُثِ الْوَرَثَةِ تَدَبَّرْ، وَهُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ ثُلُثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْأَقَلِّ مُعْتَبَرًا بِقِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ، وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْكُلِّ عِنْدَ الْقَبْضِ النِّصْفَ مَثَلًا كَانَ نِسْبَةُ النَّقْصِ إلَى ثُلُثِ الْمُوصَى لَهُ كَنِسْبَتِهِ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْأَقَلِّ نِصْفُ ثُلُثٍ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ ثُلُثًا بِقِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَيُجْعَلُ الْأَقَلُّ أَنْصَافَ ثُلُثٍ مِنْ جِنْسِ مَا يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ، وَيُعْطَى مِنْهُ ثُلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَنِصْفٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ عِنْدَ الْمَوْتِ ثَلَاثِينَ، وَعِنْدَ الْقَبْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ قُسِمَتْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى خَمْسَةِ أَنْصَافٍ وَثُلُثٍ فَيَخُصُّ النِّصْفُ ثَلَاثَةً فَيَكُونُ الثُّلُثَانِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَالنِّصْفُ ثَلَاثَةً، وَهُوَ مَحْسُوبٌ بِسِتَّةٍ، وَهَكَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ) فِي الْمُنَجَّزِ ثُمَّ إنْ وَفَّى بِجَمْعِهِ ثُلُثَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَفِيمَا يَفِي بِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ) قَالَ ع ش فَيَنْفُذُ فِي ثُلُثِ الْمَوْجُودِ، وَيَرُدُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا ثُمَّ إنْ تَغَيَّرَ الْحَالُ عُمِلَ بِمَا صَارَ إلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَفَّى إلَخْ (قَوْلُهُ، وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَقَلُّ قِيمَةً) الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ هُنَا، وَفِيمَا قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ أَقَلُّ قِيمَةً) إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُ قِيمَةً لَزَادَتْ قِيمَةُ ثُلُثِ الْمَجْمُوعِ مِنْهُ، وَمِنْ الثُّلُثِ الْمُوصَى بِهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ دُخُولُ الْمَضْمُونِ فِي يَدِ الضَّامِنِ، وَهِيَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ تَدْخُلْ فِي أَيْدِيهِمْ. اهـ. عَوَضٌ

(قَوْلُهُ: الَّذِي أَوْصَى بِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>