للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» فَقَوْلُهُ: (بِالظَّنِّ) صِلَةُ ارْفَعْ كَمَا تَقَرَّرَ (لَا شَكٍّ) يَعْنِي لَا تَرْفَعْ يَقِينَ الْحَدَثِ وَلَا يَقِينَ الطُّهْرِ بِالشَّكِّ اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الشَّكَّ يَرْفَعُ يَقِينَ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا تَرْفَعْ يَقِينَ الْحَدَثِ لَا ضِدَّهُ بِالشَّكِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَهُ بَلْ مُرَادُهُ مَا قَدَّمْتُهُ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ يَقِينَ الطُّهْرِ لَا يُرْفَعُ بِظَنِّ الْحَدَثِ فَبِشَكِّهِ أَوْلَى.

وَزَادَ قَوْلَهُ (طَرَا مِنْ بَعْدِهِ) أَيْ: بَعْدَ يَقِينِ الْحَدَثِ أَوْ ضِدِّهِ إيضَاحًا وَتَكْمِلَةً وَسَكَّنَ هَمْزَ طَرَا مَعَ الْإِبْدَالِ وَدُونَهُ إجْرَاءً لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ (وَإِنْ تُيُقِّنَا) أَيْ: الطُّهْرَ وَضِدَّهُ بِأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ مَثَلًا (وَشُكَّ مِنْهُمَا فِي سَابِقٍ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) يَأْخُذُ بِهِ إنْ تَذَكَّرَ فَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ سَوَاءٌ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ؛ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِ مِنْ لَا يَعْتَادُهُ كَمَا قَالَ: (لَا ضِدُّ طُهْرٍ لِلَّذِي مَا اعْتَادَ أَنْ يُجَدِّدَ) الْوُضُوءَ فَلَا يَأْخُذُ بِهِ بَلْ بِالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ عَنْ حَدَثِهِ بِخِلَافِ مَنْ اعْتَادَهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ أَوْ لَيْسَ لَهُ عَادَةٌ مُطَّرِدَةٌ وَمَا قَالَهُ دَاخِلٌ فِيمَا قَالُوهُ لِصِدْقِ الْعَادَةِ بِالْمُطَّرِدَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا وَمُحْدِثًا أُخِذَ بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ عَكْسُ

ــ

[حاشية العبادي]

يَقِينِهِ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ يَقِينُ الطُّهْرِ بِظَنِّ الْحَدَثِ فَلَأَنْ لَا يَرْتَفِعَ بِالشَّكِّ أَوْلَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ أَيْضًا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ لِقُوَّةِ جَانِبِ الطُّهْرِ بِتَحَقُّقِ رَفْعِهِ الْحَدَثَ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ أَيْضًا تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِذَلِكَ عَارَضَهُ إذْ الظَّاهِرُ وُقُوعُ إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ بِيَقِينِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَأْخُذُ بِهِ) أَيْ: عِنْدَ الطُّهْرِ (قَوْلُهُ أَخَذَ بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ بِمِثْلِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا شَكَّ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْأُصُولِ، أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيُطْلِقُونَهُ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ وَلَوْ مَعَ رُجْحَانٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْمَشْكُوكِ ظَنٌّ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا تَرْفَعَ يَقِينَ الْحَدَثِ إلَخْ) قَيَّدَ بِالْحَدَثِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ مُطْلَقًا قَدْ يُرْفَعُ بِالشَّكِّ كَمَا إذَا شَكَّ فِي انْقِضَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَكَمَا إذَا شَكَّ فِي انْقِضَاءِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالِانْقِضَاءِ وَكَمَا إذَا شَكَّ الْمُسَافِرُ أَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَظَنَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ وَكَمَا إذَا شَكَّ هَلْ نَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِتَوَهُّمِ الْمَاءِ بِلَا مَانِعٍ وَقَدْ يُقَالُ التَّيَمُّمُ لَيْسَ طَهَارَةً حَقِيقِيَّةً. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي.

(قَوْلُهُ: اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ) أَيْ عَمَلًا بِظَنِّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَصْحَبْ الْيَقِينُ فِي رَفْعِ يَقِينِ الْحَدَثِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ لِوُجُودِ الْمُعْتَبَرِ فِي الطُّهْرِ وَهُوَ الظَّنُّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: كَأَصْلِهِ) عِبَارَتُهُ وَيَقِينُ الْحَدَثِ لَا الطُّهْرِ يُرْفَعُ بِالظَّنِّ لَا بِالشَّكِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَيَقَّنَّا وَشَكَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَبْلَهُمَا مُحْدِثٌ أَوْ مُتَطَهِّرٌ وَعَلَى كُلٍّ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ أَوْ يَذْكُرُ أَنَّهُ قَبْلَهُمَا مُحْدِثٌ وَمُتَطَهِّرٌ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا يَتَذَكَّرُ شَيْئًا سَوَاءٌ اعْتِمَادُ التَّجْدِيدِ أَوْ لَا فَالْمَسَائِلُ سِتٌّ بِإِرْجَاعِ مَا تَقَدَّمَ لِمَا قَبْلَهُ فَإِنْ اُعْتُبِرَ مُسْتَقِلًّا فَثَمَانِيَةٌ لِاعْتِبَارِ التَّجْدِيدِ وَعَدَمِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ جَعَلَهَا ابْنُ الْقَاصّ مُسْتَثْنَاةً مِنْ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ وَرَدَّهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِمَا ذُكِرَ يَأْتِي عَلَى الْيَقِينِ لَا عَلَى الشَّكِّ اهـ وَتَأَمَّلْهُ فِي الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اعْتَادَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا طَهَارَةَ يُجَدِّدُهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ) ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّ الْحَدَثَ قَبْلَهُمَا وَرَدَ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ فَأَزَالَتْهُ وَهُوَ يَشُكُّ هَلْ ارْتَفَعَتْ هَذِهِ الطَّهَارَةُ بِحَدَثٍ بَعْدَهَا أَمْ لَا؟ وَلَا يُزَالُ يَقِينُ الطَّهَارَةِ بِالشَّكِّ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ قَبْلَهُمَا وَرَدَ عَلَيْهَا حَدَثٌ فَأَزَالَهَا وَهُوَ يَشُكُّ هَلْ ارْتَفَعَ هَذَا الْحَدَثُ بِطَهَارَةٍ بَعْدَهُ أَمْ لَا؟ فَلَا يُزَالُ يَقِينُ الْحَدَثِ بِالشَّكِّ. اهـ. مُهَذَّبٌ

(قَوْلُهُ: مَا اعْتَادَ أَنْ يُجَدِّدَ) هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا صَلَّى بِالطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ صَلَاةً حَتَّى يَتَحَقَّقَ شَرْطُ التَّجْدِيدِ فَيَصِحَّ الْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَادَةٍ لَهُ يَنْتَفِي بِهَا ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ الظَّاهِرِ الثَّانِي وَرَأَيْت لِبَعْضٍ اسْتِظْهَارَ الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ الْعَادَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَثْبُتُ هُنَا بِمَرَّةٍ كَغَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. اهـ.

ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ وَتَثْبُتُ عَادَةُ التَّجْدِيدِ وَلَوْ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا وَمُحْدِثًا) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْ اللَّاحِقِ أَوْ هَذِهِ حَالٌ ثَانِيَةٌ وَالثَّالِثَةُ عَدَمُ التَّذَكُّرِ وَسَيَأْتِي وَأَحْوَالُ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا وَطَهُرَ أَوْ جَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَيُنْظَرُ مَا قَبْلَهُمَا فَإِنْ تَذَكَّرَ طُهْرًا فَقَطْ أَوْ حَدَثًا كَذَلِكَ أَخَذَ بِمِثْلِهِ أَوْ ضِدِّهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا فِيهِ أَيْضًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا أَخَذَ بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا إنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فِيهِ وَهَكَذَا يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِضِدِّهِ إذَا ذَكَرَهُ فِي الْوِتْرِ وَيَأْخُذُ فِي الشَّفْعِ الَّذِي فِيهِ الِاشْتِبَاهُ بِمِثْلِ الْفَرْدِ الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ اعْتِبَارِ عَادَةِ تَجْدِيدِهِ وَعَدَمِهَا فَإِذَا تَيَقَّنَهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَهُ وَقَبْلَ الْعِشَاءِ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>