للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ فِيهَا الْخِلَافُ وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْقَطْعُ بِالْحِلِّ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَحَكَوْا فِيهِ الِاتِّفَاقَ وَزَادَ قَوْلُهُ (قِيلَ وَ) بِحُرْمَةِ أَكْلِ (ثُومٍ وَبَصَلْ) وَكُرَّاثٍ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا تَرَكَ أَكْلَهَا لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ بِرَائِحَتِهَا وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ «أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَنَعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ وَفِي رِوَايَةٍ أَرْسَلَ إلَيْهِ بِطَعَامٍ مِنْ خَضِرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ أَوْ كُرَّاثٌ فَرَدَّهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ» .

وَخُصَّ بِحُرْمَةِ مَدِّ الْعَيْنِ إلَى مَا مُتِّعَ بِهِ النَّاسُ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: ١٣١] الْآيَةَ وَبِحُرْمَةِ الْخَطِّ وَالشِّعْرِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: ٤٨] وَقَالَ {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: ٦٩] قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهِمَا مِمَّنْ يَقُولُ إنَّهُ كَانَ يُحْسِنُهُمَا لَكِنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَانَ لَا يُحْسِنُهُمَا زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت لَا يَمْتَنِعُ تَحْرِيمُهُمَا وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُمَا وَالْمُرَادُ تَحْرِيمُ التَّوَصُّلِ إلَيْهِمَا (قُلْتُ وَ) بِحُرْمَةِ (أَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ مَنْ سُمِّي مُحَمَّدًا) غَيْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَوْ) فِي (هَذَا الزَّمَنْ) بِخِلَافِ التَّكَنِّي بِهِ لِمَنْ لَيْسَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا لِخَبَرِ «مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يُكْتَنَى بِكُنْيَتِي وَمَنْ تَكَنَّى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» وَرَجَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَالرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ بَعْدَ نَقْلِهِمَا النَّصَّ الْمَذْكُورَ وَمَا رَجَّحَاهُ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ بِخِلَافِ النَّصِّ وَأَمَّا تَكْنِيَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَدَهُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ فَرُخْصَةٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ.

قَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ وَلَدْت غُلَامًا فَسَمَّيْته مُحَمَّدًا وَكَنَيْتُهُ أَبَا الْقَاسِمِ فَذُكِرَ لِي أَنَّك تَكْرَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا الَّذِي أَحَلَّ اسْمِي وَحَرَّمَ كُنْيَتِي أَوْ مَا الَّذِي حَرَّمَ كُنْيَتِي وَأَحَلَّ اسْمِي» فَيُشْبِهُ إنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ أَصَحُّ. اهـ. وَلَوْ قَالَ وَلِأَنَّ بِالْوَاوِ كَانَ حَسَنًا وَضَعَّفَ النَّوَوِيُّ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ: ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ وَالثَّانِي مَذْهَبُ مَالِكٍ وَهُوَ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ يَجُوزُ لِمَنْ لَيْسَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا دُونَ غَيْرِهِ وَمَنْ جَوَّزَ مُطْلَقًا جَعَلَ النَّهْيَ مُخْتَصًّا بِحَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ سَبَبِ النَّهْيِ وَهُوَ أَنَّ الْيَهُودَ تَكَنَّوْا بِهِ وَكَانُوا يُنَادُونَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَإِذَا الْتَفَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا لَمْ نُعْنِكْ إظْهَارًا لِلْإِيذَاءِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْرَبُ. اهـ.

وَمَا قَالَ إنَّهُ أَقْرَبُ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْهَ عَنْ التَّسْمِيَةِ بِاسْمِهِ مَعَ وُجُودِ الْإِيذَاءِ بِالنِّدَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُنَادَى بِهِ غَالِبًا وَلَوْ نُودِيَ بِهِ لَمْ يَجِبْ إلَّا لِضَرُورَةٍ ثُمَّ ثَلَّثَ بِالْمُبَاحَاتِ فَقَالَ (وَ) خُصَّ (بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ صَائِمَا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْوِصَالِ فَقِيلَ إنَّك تُوَاصِلُ فَقَالَ إنِّي لَسْت مِثْلَكُمْ إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى» أَيْ أُعْطَى قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ (وَ) بِإِبَاحَةِ (أَخْذِهِ الصَّفِيَّ مِنْ مَغَانِمَا أَيْ الَّذِي يَخْتَارُ) مِنْهَا (قَبْلَ الْقَسْمِ) مِنْ جَارِيَةٍ وَغَيْرِهَا وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) بِإِبَاحَةِ (خُمُسِ خُمْسِ فَيْئِهِ وَالْغُنْمِ) كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْفِقُ مِنْهُ فِي مَصَالِحِهِ وَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ هُنَا مَا يَأْخُذُهُ لَهُ وَلِأَهْلِهِ وَهُنَاكَ مَا كَانَ لَهُ لَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَأْثِرْ بِهِ (وَ) بِإِبَاحَةِ (جَعْلِهِ الْمِيرَاثَ عَنْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهِيَ أَيْ الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ تَحْرِيمُ مَنْكُوحَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مُطَلَّقَاتٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ بِاخْتِيَارِهِنَّ لِفِرَا قِه وِفَاقًا لِلْجُمْهُورِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

وَسَوَاءٌ كُنَّ مَوْطُوآتٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَبِحُرْمَةِ الْخَطِّ) وَبِحُرْمَةِ تَعَلُّمِ الْخَطِّ وَالْقِرَاءَةِ مِنْ الْكِتَابِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَانَ حَسَنًا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: وَبِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ صَائِمًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ هُنَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَلْ مَا لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أُعْطِيَ قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ) فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ يُطْعَمُ وَيُسْقَى فَلَا وِصَالَ فَلَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ خَصَّ بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَرَضَ الْحَمْلَ عَلَى الظَّاهِرِ وَأَنَّهُ يُطْعَمُ وَيُسْقَى حَقِيقَةً لَمْ يَرِدْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ طَعَامِ وَشَرَابِ الْجَنَّةِ وَهُوَ غَيْرُ مُفْطِرٍ وَأَقُولُ فِي الْحَدِيثِ إشَارَةٌ قَوِيَّةٌ إلَى وُقُوعِ الْوِصَالِ حَقِيقَةً مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ قَوْلِهِمْ إنَّك تُوَاصِلُ إنِّي لَسْت مِثْلَكُمْ دُونَ أَنْ يَقُولَ إنِّي لَا أُوَاصِلُ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِرَدِّ قَوْلِهِمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ يُوَاصِلُ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: خُمُسُ خُمُسِ فَيْئِهِ وَالْمَغْنَمُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَهُ أَيْضًا مَعَ خُمُسِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ سَهْمٌ كَسِهَامِ الْغَانِمِينَ (قَوْلُهُ: وَجَعْلُهُ الْمِيرَاثَ عَنْهُ صَدَقَةً) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا فَضَلَ مِنْ التَّرِكَةِ عَنْ نَحْوِ الدَّيْنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْكَرَاهَةُ) أَيْ وَلَوْ مَطْبُوخًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَبِحُرْمَةِ أَنْ يُكَنَّى إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ ع ش أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِهِ أَوْ لَا وَلَوْ سُمِّيَ شَخْصٌ ابْتِدَاءً بِأَبِي الْقَاسِمِ حَرُمَ مُطْلَقًا أَيْ فِي زَمَنِهِ أَوْ لَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: جَمَعَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ) فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي عِنْدَ تَسْمِيَتِكُمْ بِاسْمِي (قَوْلُهُ: بِالْمُبَاحَاتِ) الْمُرَادُ بِهَا مَا لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ لَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ) أَيْ اسْتِحْبَابِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِإِبَاحَةِ جَعْلِ الْمِيرَاثِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرَ فِيهِ فَجَعَلَهُ صَدَقَةً فَوَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهِ وَعِبَارَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>