للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّارِحُ تَقْيِيدُ حِلِّ نَظَرِ الْمَمْسُوحِ إلَى الْمَرْأَةِ بِعِفَّتِهِمَا كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْقِنِّ (وَمَحْرَمٍ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ مَحْرَمٍ إلَى مَحْرَمَةٍ فَلَا يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: ٣١] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَعْنًى يَمْنَعُ الْمُنَاكَحَةَ أَبَدًا فَكَانَا كَالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِنَسَبٍ أَمْ رَضَاعٍ أَمْ مُصَاهَرَةٍ (وَقِنْ لَهَا) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ قِنِّ الْمَرْأَةِ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] وَيُعْتَبَرُ عِفَّتُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُكَاتَبَ وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي فِيهِ بِالْمَنْعِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ وَأَقَرَّهُ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ لِخَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ «إذَا كَانَ مَعَ مُكَاتَبِ إحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ فَلْتُحْتَجَبْ مِنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِزَوْجَاتِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ لَهُنَّ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِنَّ.

وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِجَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى مُكَاتَبَتِهِ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْقِنِّ الْمُبَعَّضُ وَبِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَهَا الْمُشْتَرَكُ فَكَالْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُشْتَرَكَةَ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا مَعَ مَا فِيهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ فَأُبِيحَ لِلْمَالِكِ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمَمْلُوكِ (وَطِفْلٍ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ طِفْلٍ إلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١] (لَا مُرَاهِقٍ) لِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِهِنَّ فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْنَعَهُ الزِّنَا وَسَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَلْزَمُهُنَّ الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَمَا يَلْزَمُهُنَّ الِاحْتِجَابُ مِنْ الْمَجْنُونِ (وَ) لَا إنْ كَانَ النَّظَرُ إلَى شَيْءٍ (مِنْ أَمْرَدَ وَ) مِنْ (الْإِمَا) لِغَيْرِ النَّاظِرِ (بِغَيْرِ إرْبَةٍ) يَعْنِي شَهْوَةً كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (بِالْأَمْنِ) أَيْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلِلنَّاظِرِ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهُمَا وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَمْرَدِ وَصَحَّحَهُ فِي الْأَمَةِ وَاَلَّذِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ امْتِنَاعُ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ السَّيِّدِ وَمُكَاتَبَتِهِ إلَى مَا بَيْنَ سُرَّةِ الْآخَرِ وَرُكْبَتِهِ وَحِلُّ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: الْمُبَعَّضَ) بِخِلَافِ الْمُبَعَّضَةِ يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ كَمَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمُشْتَرَكَةِ النَّظَرُ إلَى سَيِّدِهَا وَأَنْ يَجُوزَ لِلسَّيِّدَةِ النَّظَرُ إلَى الْمُشْتَرَكِ وَكَلَامُهُمْ دَالٌّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَنْعَ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَطِفْلٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْمُرَاهِقَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) فَيَنْظُرُ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةُ إلَّا إنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ فَيَنْظُرُ مَا بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالْآيَةِ الْمُغَفَّلُونَ الَّذِينَ لَا يَشْتَهُونَ النِّسَاءَ قَالَ عَمِيرَةُ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حِلِّ نَظَرِهِمْ وَمَا الْمُرَادُ بِهِمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: عِفَّتُهُمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُوَ عَفِيفًا دُونَهَا امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ يَحِلُّ نَظَرُ الْعَفِيفِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ الْعَفِيفِ مِنْ النَّظَرِ مَعَ كَوْنِ غَيْرُهُ غَيْرَ نَاظِرٍ. اهـ. مُخَالِفًا ل ق ل وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنَّ الْأَمَةَ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ دُونَ عَبْدِ الْمَرْأَةِ فَكَانَ نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى أَمَتِهِ أَقْوَى مِنْ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى عَبْدِهَا فَأَثَّرَتْ الْكِتَابَةُ فِي الثَّانِي لِضَعْفِهِ دُونَ الْأَوَّلِ لِقُوَّتِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْمُبَعَّضَ وَالْمُشْتَرَكَ مَعَ سَيِّدَتِهِمْ كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ مَعَ سَيِّدِهِنَّ فَكَالْمَحْرَمِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَلْقَمِيُّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَكَةُ) وَمَلَكَ غَيْرُهَا كَزَوْجِهَا فَيَحْرُمُ نَظَرُ عَبْدِهِ إلَى زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ إلَخْ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ التَّمَتُّعُ أَصَالَةً وَهُوَ السَّيِّدُ فَلَا يَرِدُ حُرْمَةُ نَظَرِ السَّيِّدَةِ إلَى الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ وَالْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ وَقَوْلُهُ: مَا لَا يُبَاحُ لِلْمَمْلُوكِ أَيْ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ التَّمَتُّعُ أَصَالَةً فَلَا يُرَدُّ لِمَمْلُوكِ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ وَالْمُشْتَرَكِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَطِفْلٌ لَا مُرَاهِقٌ) الطِّفْلُ هُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْقُدْرَةَ عَلَى حِكَايَةِ مَا يَرَاهُ مِنْ النِّسَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ إنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَكَالْمَحْرَمِ وَإِلَّا فَكَالصَّغِيرِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النور: ٣١] فَسَّرُوا الظُّهُورَ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِحِكَايَةِ مَا يَرَاهُ فَيَكُونُ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِكَايَتِهَا لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ هُوَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ فَلَعَلَّهُ فَسَّرَ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَةِ النِّسَاءِ بِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِكَايَتِهَا بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى حِكَايَتِهَا بِلَا شَهْوَةٍ فَإِنَّهُ كَالْمَحْرَمِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ م ر وَفِي ق ل أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِكَايَةِ الْعَوْرَةِ إنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَكَالْمَحْرَمِ وَإِلَّا فَكَالصَّغِيرِ وَهَذَا أَوْفَقُ بِالشَّرْحِ هُنَا دُونَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ تَدَبَّرْ وَحَرِّرْ فَلَا يَخْفَى مُخَالَفَةُ مَا فِي ق ل لِمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: لَا مُرَاهِقٌ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي حَوَاشِي شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْمُرَاهِقُ مَنْ قَارَبَ الْبُلُوغَ أَيْ بِالسِّنِّ بِأَنْ يَكُونَ ابْنَ نَحْوِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا الْبُلُوغُ بِالِاحْتِلَامِ وَهُوَ نَحْوُ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا أَنْ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ (قَوْلُهُ: مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الْأَمَةِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ أَمْرَدَ) فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيمِ الْأَمْرَدِ شَرْطٌ وَاحِدٌ أَنْ يَكُونَ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>