للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ التَّحْرِيمُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْأَمْرَدِ أَنْ يَكُونَ جَمِيلَ الْوَجْهِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهَا تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالِاحْتِجَابِ كَالْمَرْأَةِ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِ غَضُّ الْبَصَرِ.

وَلَمْ يَعْتَبِرُوا جَمَالَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَمِيلُ إلَيْهَا فَضُبِطَ بِالْأُنُوثَةِ أَمَّا النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَلْتَذَّ بِهِ أَوْ بِدُونِهَا لَكِنْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَحَرَامٌ قَطْعًا فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِي وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إلَى الْمُلْتَحِي أَيْضًا وَلَوْ مَحْرَمًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَذَلِكَ (لَا) إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ الْمَمْسُوحِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى شَيْءٍ (مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ) فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ نَعَمْ الطِّفْلُ الَّذِي لَا يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ (كَلِلنِّسَا) أَيْ كَمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ مِنْ النِّسَاءِ إلَى شَيْءٍ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ الرِّجَالِ مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْ النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَالرِّجَالِ مَعَ الرِّجَالِ وَلَا مِنْ الرِّجَالِ أَصْلًا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ» وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ التَّحْرِيمَ كَنَظَرِهِمْ إلَيْهِنَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١] وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ «أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا قَالَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» .

وَأَجَابَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ خَبَرِ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى وُجُوهِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَإِنَّمَا نَظَرَتْ إلَى لَعِبِهِمْ وَحِرَابِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَى الْبَدَنِ وَإِنْ وَقَعَ بِلَا قَصْدٍ صَرَفَتْهُ فِي الْحَالِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ حِلَّ نَظَرِ الْكَافِرَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مَمْلُوكَتِهَا وَمَحْرَمِهَا وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ حِلَّهُ أَيْضًا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ الْأَقْيَسُ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَانِ تَحْرِيمَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] وَالْكَافِرَةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ وَمَا الَّذِي تَرَاهُ مِنْهَا قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ هِيَ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَشْبَهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهَا تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْيَدُ إلَى الْمَرْفِقِ، وَالرِّجْلُ إلَى الرُّكْبَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا غَرِيبٌ لَمْ أَرَهُ نَصًّا بَلْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى.

وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا لَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا عَلَى الْأَشْبَهِ عِنْدَهُ كَالرَّافِعِيِّ فَمُشْكِلٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَحْرُمُ كَشْفُ وَجْهِهَا لَهَا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا وِفَاقًا لِلْآيَةِ كَمَا مَرَّ إذْ الْمُرَادُ بِالزِّينَةِ فِيهَا الْخَفِيَّةُ وَهِيَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ بِقَرِينَةِ اسْتِثْنَائِهِمَا فِي قَوْلِهِ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ جَوَازُ (وَ) لَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ الرِّجَالِ إلَى شَيْءٍ (مِنْ رِجَالٍ) مِنْ سُرَّةٍ إلَى رُكْبَةٍ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَفِي نَسْخِ بَدَلِ رِجَالٍ إمَاءً وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ وَلَا يُوَافِقُ الْأَصْلَ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ

(وَ) لَا إلَى شَيْءٍ مِنْ الصَّغِيرَةِ (الَّتِي

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْضًا كَمَا يَأْتِي آنِفًا (قَوْلُهُ: يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ) فَعُلِمَ أَنَّ لِلطِّفْلِ حَالَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ نَظَرُ النِّسَاءِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَمَحْرَمُهَا) أَيْ مَمْلُوكَةٌ وَمَحْرَمُ الْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَشْبَهِ السَّابِقِ عَنْ الشَّيْخَيْنِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَمُعَلِّمُهُ عَدْلَيْنِ وَفِي تَعْلِيمِ الْأُنْثَى أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ فَقْدُ الْجِنْسِ وَالْمَحْرَمُ الصَّالِحُ لِلتَّعْلِيمِ وَأَنْ لَا يُمْكِنَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَنْ لَا يَلْزَمَ عَلَيْهِ خَلْوَةٌ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ. اهـ. وَلَا يَخْفَى اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ السُّكُوتِ عَنْهُ؟ حَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: إلَى الْمُلْتَحِي) قَالَ ع ش بَلْ إلَى الْجَمَادِ (قَوْله نَعَمْ الطِّفْلُ الَّذِي إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَيَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ. اهـ. وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ إنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَهُوَ مَا مَرَّ وَإِلَّا فَهُوَ هَذَا وَإِنَّ مَنْ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ فَهُوَ الْمُرَاهِقُ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَضَبَطَ حَجَرٌ الْمُرَاهِقَ بِابْنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدْ مَرَّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمَحْرَمِ أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ أَوْ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ فَكَالْعَدَمِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ ل ق ل فَحَرِّرْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَانِ تَحْرِيمَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ ل م ر وَاسْتَشْكَلَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّ تَكْلِيفَهُمْ بِالْفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ تَعْيِينَ وَاحِدٍ مِنْهَا تَحَكُّمٌ مُمْتَنِعٌ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يُكَلَّفُونَ إلَّا بِالْفُرُوعِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ فَأَيُّ مُسَوِّغٍ لِقَوْلِهِمْ هُنَا يَحْرُمُ نَظَرُ كَافِرَةٍ لِمُسْلِمَةٍ مَعَ أَنَّ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>