غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ مِنْ عَبْدٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ غَيْرِ كُفُؤٍ لَهَا بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَا تُجْبَرُ وَكَذَا الْمُبَعَّضَةُ (لَا الْعَبْدِ) وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا يُجْبِرُهُ سَيِّدُهُ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَةُ الْمَهْرِ وَغَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ.
وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهِ وَالْأَمَةُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيُورِدُ الْعَقْدَ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ وَقِيلَ يُجْبَرُ الصَّغِيرُ كَالِابْنِ الصَّغِيرِ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِهِ بِخِلَافِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ لَا تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِ عَبْدِهِ فَإِذَا لَمْ يُزَوِّجْهُ بِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَعَ بَقَائِهَا فَكَذَا قَبْلَهُ كَالثَّيِّبِ الْعَاقِلَة (وَالسَّيِّدُ لَيْسَ يُقْهَرُ) أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِ عَبْدِهِ وَلَا أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ مَقَاصِدَ الْمِلْكِ وَفَوَائِدَهُ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَيُفَوِّتُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعَ (وَبِوَلِيٍّ) أَيْ بِإِيجَابِ سَيِّدٍ أَوْ وَلِيِّهِ فِي الْأَمَةِ كَمَا مَرَّ وَبِإِيجَابِ وَلِيٍّ فِي الْحُرَّةِ فَلَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا وَلَا غَيْرَهَا بِإِذْنٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ عَبْدٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ) كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ عَرَبِيَّةً مِنْ عَجَمِيٍّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُنَافِي قَوْلَهُمَا فِيمَا مَرَّ وَالْأَمَةُ الْعَرَبِيَّةُ بِالْحُرِّ الْعَجَمِيِّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْ الْخِلَافِ فِي انْجِبَارِ بَعْضِ الْخِصَالِ بِبَعْضٍ نَظِيرُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ يُزَوِّجُهَا مِنْ عَرَبِيٍّ دَنِيءِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ عَرَبِيَّةً مِنْ عَجَمِيٍّ وَلَوْ حُرًّا وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَاهُ قَالَ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَهُ هُنَا بِتَزْوِيجِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ وَمَا مَرَّ مَحَلُّهُ إذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ سَيِّدِهَا بِإِذْنٍ أَوْ وَلَائِهِ عَلَى مَالِكِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْفِسْقُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ سَيِّدَهُ لَا يَمْلِكُ وَقَوْلُهُ:
[حاشية الشربيني]
عَلَى نِكَاحِ عَبْدٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ فَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ مَرْهُونَةٌ إلَّا لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَا أَمَةُ الْمُفْلِسِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَلَا أَمَةُ قِرَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ لِئَلَّا تَنْقُصَ قِيمَتُهَا فَتَمْتَنِعُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَلَا جَانِيَةٌ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا صَحَّ التَّزْوِيجُ وَكَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ بِأَنَّ فِيهِ فَوَاتَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُزَوِّجُ السَّيِّدُ أَمَةَ مَأْذُونٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَلْ لَوْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ مُطْلَقًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) وَلَوْ عَدَمِ الْعِفَّةِ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا) فِي الْأَنْوَارِ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهَا دُونَ إذْنِهِ بَطَلَ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ سَوَاءٌ صَدَرَ مِنْ مُعْتَقِدِ الْجَوَازِ كَالْحَنَفِيِّ أَوْ التَّحْرِيمِ كَالشَّافِعِيِّ وَيُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ التَّحْرِيمِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ وَلَا يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُحَلِّلِ لَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا. اهـ. الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْمَهْرُ أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ النِّكَاحِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعِيِّ إنَّمَا تَحْرُمُ أُمُّ الزَّوْجَةِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ وَزَوْجَةُ الْأَبِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حِلَّ الْمَنْكُوحَةِ وَحُرْمَةَ غَيْرِهَا فَرْعُ حِلِّهَا. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَلَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا هُنَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا هُنَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ يَعْنِي أَنَّهَا إنْ ثَبَتَتْ هُنَا وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا مَانِعٌ فَلَا سَبَبَ لَهَا إلَّا الْمُصَاهَرَةُ وَهَذَا لَا يُنَافِي ثُبُوتَ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ دُونَهَا كَمَا سَيَأْتِي لِوُجُودِ الْمَانِعِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا. اهـ. مِنْهُ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ هِيَ الْوَصْلَةُ الْمُحَرِّمَةُ لِلنِّكَاحِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ الْقَرَابَةُ وَالرَّضَاعُ وَالْمُصَاهَرَةُ. اهـ. .
فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَا يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ وَفِي الْأُمِّ لَوْ نَكَحَ رَجُلٌ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا لَمْ يَحْرُمْ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِلَا إصَابَةٍ فِيهِ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَكُونُ فِيهِ صَدَاقٌ وَلَا شَيْءٌ مِمَّا يَجِيءُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَجَبَ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ سَوَاءٌ صَدَرَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَوْ إبَاحَتَهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ أَوْ حُسْبَانٍ مُجَرَّدٍ إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ طَلَّقَ فِيهِ لَمْ يَقَعْ فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى مُحَلِّلٍ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَقَعُ وَيَفْتَقِرُ إلَى مُحَلِّلٍ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر وزي وع ش وق ل وَغَيْرُهُمْ فَسَادَ نِكَاحِ الْمُقَلِّدِ وَعَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ وَخَالَفَ حَجَرٌ فَجَرَى عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلِذَا أَفْتَى بِأَنَّ الْوَلَدَ الْحَاصِلَ مِنْهُ لَيْسَ بِوَلَدِ شُبْهَةٍ وَرَدَهُ سم بِمَا نَقَلْنَاهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدِ فَهَذَا الْعَقْدُ لَا يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيهِ فَفِيهِ كَمَا فِي الشَّرْحُ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ فَقِيلَ يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ النَّسَبَ وَيُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَذَا الْمَحْرَمِيَّةُ.
وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِالْمَوْطُوءَةِ فَبِأُمِّهَا وَبِنْتِهَا أَوْلَى وَلَيْسَ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْمَوْطُوءَةِ وَبِنْتَهَا يَدْخُلَانِ عَلَيْهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِجَابُ عَنْ زَوْجِهَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْحَاجَةِ مَفْقُودَةٌ هَاهُنَا وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ كَمَا فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالثَّانِي عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَحَكَوْهُ عَنْ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ. اهـ. قَالَ الْعَلَائِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَرَجَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ وَفِي الْأَنْوَارُ وَالْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ لَا يُوجِبُ الْمَحْرَمِيَّةَ فَلَا يَجُوزُ الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِأُمِّهَا وَبِنْتِهَا فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِهَذَا الْعَقْدِ وَلَا بِالْوَطْءِ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَعْنَى هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَعْمَلُ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي نَفْسِهِ كَأَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ الْمَوْطُوءَةُ فِي هَذَا النِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute