الْأَوَّلَ أَوْجَهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِكَتْبِ مَنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ ظَاهِرٌ إنْ نَوَتْ بِهِ الْإِذْنَ كَمَا قَالُوا كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ (وَاكْتُفِيَ بِالصَّمْتِ فِي) إذْنِ (الْبِكْرِ) بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا فِي التَّزْوِيجِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ إذْنُهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» سَوَاءٌ ضَحِكَتْ أَمْ بَكَتْ إلَّا إذَا بَكَتْ مَعَ صِيَاحٍ وَضَرْبِ خَدٍّ فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا وَأَفْهَمَ اعْتِبَارُ الْإِذْنِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ وَالْمَجْنُونَةَ إذْ لَا إذْنَ لَهُمَا.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ قَدْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ أَمَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهِمَا إذْنٌ إلَّا فِي الثَّيِّبِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِصَمْتِ الْبِكْرِ وَلَوْ فِي تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأُولَى دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمَالِ كَبَيْعِ مَالِهَا
(وَيَلْزَمُ الْوَلِيّ) الْمُجْبِرَ وَغَيْرَهُ (إجَابَةُ الْمُلْتَمِسَاتِ) لِلتَّزْوِيجِ مِنْ الْأَكْفَاءِ (الْعَقْلِ) الْبَالِغَاتِ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْوَلِيُّ كَالْأَبِ أَمْ لَا كَأَحَدِ الْإِخْوَةِ تَحْصِينَا لَهُنَّ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الطِّفْلِ إذَا اسْتَطْعَمَ فَإِنْ امْتَنَعَ أَثِمَ وَزَوَّجَهَا السُّلْطَانُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَأَرَادَ الْوَلِيُّ تَزْوِيجَهَا مِنْ آخَرَ فَسَيَأْتِي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْوَسِيطِ لُزُومُ إجَابَتِهَا وَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ كُفُؤًا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا إذَا لَمْ تُعَيِّنْهُ وَلَهُ وَجْهٌ بَيِّنٌ إذْ طَلَبُ ذَلِكَ مَعَرَّةٌ فِي الْعُرْفِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ تَعْيِينَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ لَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءُ فَالْتَمَسَتْ مِنْهُ التَّزْوِيجَ بِلَا تَعْيِينٍ لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ أَمَّا لُزُومُهَا وَلَا خَاطَبَ فَبَعِيدٌ نَعَمْ لَوْ سَأَلَتْهُ وَلَا خَاطَبَ ثُمَّ خَطَبَهَا كُفُؤٌ لَزِمَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ. اهـ. وَالتَّصْرِيحُ بِالْعَقْلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
ثُمَّ بَيَّنَ مَوَانِعَ الْوِلَايَةِ الَّتِي تَنْقُلُهَا لِلْأَبْعَدِ فَقَالَ (وَعَتَهٌ) وَهُوَ اخْتِلَالُ النَّظَرِ بِهِرِمٍ أَوْ خَبَلٍ أَصْلِيٍّ أَوْ عَارِضٍ يَنْقُلُ الْوِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ لِلْعَجْزِ مَعَهُ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَة الْكُفُؤِ مِنْهُمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْآلَامُ وَالْأَسْقَامُ الشَّاغِلَةُ عَنْ النَّظَرِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاقِع الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّ سُكُونَ الْأَلَمِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا الْإِفَاقَةَ فِي الْإِغْمَاءِ وَجَبَ أَنْ نَنْتَظِرَ السُّكُونَ هُنَا وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي صُورَةِ الْغَيْبَةِ.
؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية العبادي]
وَلَعَلَّ التَّقْدِيرَ كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ زِيَادَةِ اللَّامِ
(قَوْلُهُ: إنْ طَلَبَ ذَلِكَ) أَيْ طَلَبَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
كُلَّ أَحَدٍ فَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَلَا بَلْ يُوَكِّلُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ وَلَا يَصِحُّ بِهَا النِّكَاحُ وَإِنْ صَحَّ بِهَا التَّوْكِيلُ فِيهِ. اهـ. ق ل عَنْ الْمَجْمُوعِ.
وَلَا يَصِحُّ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النِّيَّةِ كِنَايَةٌ وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي النِّكَاحِ بِالْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الثَّيِّبِ) أَيْ الْعَاقِلَة كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ) أَيْ بِأَنْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَسَكَتَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ اسْتَأْذَنُوا بِكْرًا لِكُفْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَسَكَتَتْ كَفَى ثُمَّ قَالَ (فَرْعٌ)
لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ بِكْرٌ فِي التَّزْوِيجِ بِدُونِ الْمَهْرِ أَيْ بِدُونِهِ أَصْلًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ النَّقْدِ فَسَكَتَتْ لَمْ يَكْفِ أَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ بِرَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَفَى. اهـ. وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي نِكَاحِ مُعَيَّنٍ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ وَهُوَ غَيْرُ كُفْءٍ صَحَّ فَإِنْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْأَظْهَرِ سَوَاءٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلِمَ الْوَلِيُّ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ أَوْ جَهِلَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأُولَى) وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا نُطْقًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْكُفْءِ وَبِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِهِ عَدُوًّا أَوْ غَيْرَ مُوسِرٍ بِحَالِ الصَّدَاقِ. اهـ. أَيْ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ فَيَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ عَنْ الشَّيْخِ عَطِيَّةَ وَالشَّيْخِ السَّجِينِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ فِي انْتِفَاءِ شُرُوطِ الْإِجْبَارِ السَّبْعَةِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ سُكُوتُهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُزَوِّجُ الْمُجْبِرُ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ صَرِيحًا بَطَلَ عَقْدُ النِّكَاحِ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَعَقْدُ الصَّدَاقِ عِنْدَ انْتِفَاءِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ إلَخْ) أَيْ إذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا أَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءٌ وَرَضِيَتْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا. اهـ. س ل (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَكْفَاءِ) أَيْ جِنْسِهِمْ بِأَنْ عَيَّنَتْ كُفْئًا أَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي مِنْ الْأَكْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا إذَا قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ الْأَكْفَاءِ لَزِمَ إجَابَتُهَا وَإِنْ لَمْ تَقُلْ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ كُفْءٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُعَيِّنْهُ) أَيْ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ مِنْ الْأَكْفَاءِ فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا