الْأَهْلِيَّةَ بَاقِيَةٌ وَشِدَّةُ الْأَلَمِ الْمَانِعَةُ مِنْ النَّظَرِ كَالْغَيْبَةِ وَأَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لِلْإِغْمَاءِ أَمَدًا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَجُعِلَ مَرَدًّا بِخِلَافِ سُكُونِ الْأَلَمِ وَإِنْ احْتَمَلَ زَوَالُهُ وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ وَلَيْسَ كَالْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا وَلَا كَذَلِكَ مَعَ دَوَامِ الْآلَامِ الْمَذْكُورَةِ (وَسَفَهٌ) يَنْقُلُهَا؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَمُجَلِّي وَغَيْرِهِ مِنْهُمَا زَوَالَهَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَكَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ عَلَى عُمُومِهِ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يَلِي لِكَمَالِ نَظَرِهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ (وَفِسْقُ) فِي الْعَلَانِيَةِ أَوْ السِّرِّ يَنْقُلُهَا؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إنْ كَانَ الْفَاسِقُ بِحَيْثُ لَوْ سَلَبْنَاهُ الْوِلَايَةَ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ يَرْتَكِبُ مَا نُفَسِّقُهُ بِهِ وَلِيَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَيُسْتَثْنَى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَقْدَحُ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ فَعَلَيْهِ إنَّمَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَبَنَاتِ غَيْرِهِ وَحَيْثُ نَقْلنَا الْوِلَايَةَ عَنْ الْفَاسِقِ قَالَ الْبَغَوِيّ: إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي نَحْوَهُ فِي الْعَضْلِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْقِيَاسُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الشَّهَادَاتِ اعْتِبَارُ الِاسْتِبْرَاءِ لِعَوْدِ الْوِلَايَةِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَالَةُ الَّتِي هِيَ مَلَكَةٌ تُحْمَلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى، وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَأُجِيبَ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاسِقِ بِالْعَضْلِ بِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ زَالَ مَا لِأَجْلِهِ عَصَى وَفَسَقَ قَطْعًا بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ عَنْ فِسْقٍ آخَرَ لِجَوَازِ بَقَائِهِ عَلَيْهِ بَاطِنًا فَافْتَقَرَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَبَانَ فِسْقُهُ بِالْعَضْلِ فِسْقٌ مَخْصُوصٌ فَتَوْبَتُهُ مَخْصُوصَةٌ كَمَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَفِسْقٌ) خَرَجَ غَيْرُ الْفَاسِقِ فَيُزَوَّجُ وَلَوْ كَانَ ذَا حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ مَانِعَةً مِنْ الْعَدَالَةِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: لَانْتَقَلَتْ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ مِنْ النَّسَبِ إذْ الْوَلِيُّ غَيْرُ ذَلِكَ الْفَاسِقِ بِرّ (قَوْلُهُ: فِسْقٌ مَخْصُوصٌ) قَدْ يُشْكِلُ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِمَخْصُوصِيَّةٍ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِ الْعَضْلِ
[حاشية الشربيني]
لَمْ تَذْكُرْ كُفْئًا وَلَا أَكْفَاءً لَمْ تَكُنْ مُخَالَفَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذْرَعِيِّ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ الْعِبَارَةِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا) أَيْ لِمَنْ مَعَهُ لَا لِمَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْهَا بِكِتَابَةٍ إذْ لَا يَصِحُّ التَّزْوِيجُ بِالْكِتَابَةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ. اهـ. ع ش مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ إلَخْ) بِأَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يَمْضِيَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ زَمَنٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُنَافِي الرُّشْدَ تَقْضِي الْعَادَةُ بِرُشْدِ مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَاطِي مَا يَحْصُلُ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ لَمْ يَتَعَاطَ مُنَافِيًا وَقْتَ الْبُلُوغِ بِخُصُوصِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ وَلَا يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إلَخْ) ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ
لِلضَّرُورَةِ
وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ فِسْقَهُ نَقَلَ الْوِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ أَنْ يُزَوِّجَ بِالْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ فَنَقَلَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ أَثَرَ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ بَاقٍ وَهُوَ الْإِجْبَارُ (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ كَأَخٍ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ وَإِلَّا فَالْوِلَايَةُ لَهُ وَهَلْ يُجْبَرُ الْإِمَامُ إذَا زَوَّجَ بَنَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ جَازَ لَهُ التَّزْوِيجُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ؟ مَالَ م ر لِلْأَوَّلِ سم عَلَى حَجَرٍ لَكِنْ مُقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ وَلِيِّ خَاصِّ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي تَزْوِيجِهِ فَقْدَ الْقَرِيبِ الْعَدْلِ فَتَمَحَّضَ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي الْإِجْبَارَ بَلْ عَدَمُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا فِي ح ل أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فَقْدُ الْخَاصِّ وَلَا كَوْنُهُ مُجْبَرًا. اهـ. تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) أَيْ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ بِدَلِيلِ إجْبَارِهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ م ر وَخَالَفَ ز ي فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِنَّ لَهُ نُطْقًا وَنَظَرَ فِيهِ ق ل (قَوْلُهُ: زُوِّجَ فِي الْحَالِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وَأَتْبَاعِهِ. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا زُوِّجَ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ وَلَا فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ مَثَلًا حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُ التَّوْبَةِ بِأَنْ عَزَمَ عَزْمًا مُصَمَّمًا عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ. اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِعَزْمِهِ عَلَى وَفَاءِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيب بِالنِّسْبَةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَضْلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute