للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَقِيَتْ آثَارُ خَبَلٍ يُحْمَلُ مِثْلُهَا مِمَّنْ لَا يَعْتَرِيهِ جُنُونٌ عَلَى حِدَّةِ خُلُقٍ فَفِي عَوْدِ وِلَايَتِهِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَعَلَّ الْأَصَحَّ اسْتِدَامَةُ حُكْمِ الْجُنُونِ إلَى أَنْ يَصْفُوَ مِنْ الْخَبَلِ (لَا الْعَمَى) فَلَا يَنْقُلُهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسَّمَاعِ وَإِنَّمَا وَرَدَتْ شَهَادَةُ الْأَعْمَى لِتَعَذُّرِ التَّحَمُّلِ وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ (وَلَا إغْمَاؤُهُ) وَإِنْ دَامَ أَيَّامًا؛ لِأَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ كَالنَّائِمِ نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ يُخَالِفُهُ، وَكَالْإِغْمَاءِ السُّكْرُ بِلَا تَعَدٍّ (إلَى الْبَعِيدِ) صِلَةُ (نَقَلَا) أَيْ كُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ غَيْرَ الْعَمَى وَالْإِغْمَاءِ نَقَلَ الْوِلَايَةَ إلَى الْأَبْعَدِ

(وَإِنْ يَغِبْ) أَيْ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ (مِقْدَارَ) مَسَافَةِ (قَصْرٍ) وَزَوَّجَ السُّلْطَانُ كَمَا سَيَأْتِي نِيَابَةً عَنْهُ لَا الْأَبْعَدُ لِبَقَاءِ الْأَقْرَبِ عَلَى وِلَايَتِهِ وَالتَّزْوِيجُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ السُّلْطَانُ بِخِلَافِ مَا إذَا غَابَ دُونَ ذَلِكَ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ إذْ الْمَسَافَةُ الْقَصِيرَةُ كَالْإِقَامَةِ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِخَوْفِ الطَّرِيق قَالَ الرُّويَانِيُّ جَازَ إنْ تَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِهِ وَعَضَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّ تَعَذُّرَ الْوُصُولِ إلَى مَالِكِ الْوَدِيعَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْمُودِعُ سَفَرًا بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ مَالِكُهَا مُسَافِرًا وَإِذَا نَابَ عَنْهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَبْعَدِ لِيُزَوِّجَ أَوْ يَسْتَأْذِنَهُ لِيُزَوِّجَ هُوَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَكَانَ الْغَائِبِ زَوَّجَ أَيْضًا مَا لَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ لِتَعَذُّرِ تَزْوِيجِهِ كَالْعَضْلِ وَإِذَا زَوَّجَ ثُمَّ عُلِمَ أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ تَبَيَّنَّا عَدَمَ صِحَّتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ؛ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ الْمَنْصُوصَةَ أَوْلَى مِنْ الشَّرْعِيَّةِ وَلَوْ ادَّعَتْ غَيْبَةَ وَلِيِّهَا وَأَنَّهَا خَلِيَّةٌ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ صَدَّقَهَا الْحَاكِمُ وَزَوَّجَهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَهَادَةِ خَبِيرَيْنِ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْعُقُودَ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا وَعِبَارَةُ النَّاظِمِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِسَفَرِ قَصْرٍ لِتَنَاوُلِهَا مَسَافَةِ قَصْرٍ عَصَى فِيهَا الْغَائِبُ بِسَفَرِهِ (أَوْ جَنَى) لِلْوَلِيِّ أَيْ قَدَّرَ لَهُ وَلَوْ مُجْبَرًا (بِالْعَضْلِ) أَيْ بِالْمَنْعِ مِنْ تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ كَمَا فِي الْغَائِبِ وَيَأْثَمُ بِالْعَضْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] الْآيَةَ وَهَلْ تَزْوِيجُهُ حِينَئِذٍ بِالْوِلَايَةِ أَوْ النِّيَابَةِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ فِيهِ وَفِي كُلِّ صُورَةٍ فِيهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ وَصَحَّحَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِلْغَيْبَةِ أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ م ر (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُلِمَ أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ قَرِيبًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَبَانَ الْوَلِيُّ قَرِيبًا مِنْ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُنِيَ بِالْعَضْلِ) فِي الْقَامُوسِ مُنِيَ بِكَذَا كَمَعْنَى اُبْتُلِيَ بِهِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

حَالَ تَقَطُّعٍ) أَيْ فَلَا يُنْتَظَرُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَامَ أَيَّامًا) أَيْ ثَلَاثَةً فَقَطْ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَنْ م ر وَهَذَا بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّ الْإِفَاقَةَ مِنْهُ لَا تُنْتَظَرُ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُ عَلَى الثَّلَاثِ لَكِنْ زَادَتْ عَلَى يَوْمٍ. اهـ. ع ش وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مَنْ شَأْنُهُ أَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ بَلَغَ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ يَوْمًا فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا تُزَوَّجُ وَإِنْ احْتَاجَتْ لِلزَّوَاجِ الْآنَ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ انْتِقَالُهَا لِلْأَبْعَدِ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ كَالْغَيْبَةِ

(قَوْلُهُ: مَسَافَةِ قَصْرٍ) أَيْ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَمُوَلِّيَتِهِ وَقَوْلُهُ: زَوَّجَ السُّلْطَانُ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ) أَيْ فُرِضَ تَعَذُّرُ ذَلِكَ عَلَى السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: جَازَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِحَلِفِهِ م ر (قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهَا الْحَاكِمُ) وَتَحْلِفُ نَدْبًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْحَاكِمِ لَهَا مِنْ إثْبَاتِ طَلَاقِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَاكِمِ. اهـ. م ر وق ل وَقَوْلُهُمَا مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ أَيْ مُعَيَّنٌ كَمَا يَأْتِي بَعْدُ وَهُوَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: صَدَّقَهَا الْحَاكِمُ وَزَوَّجَهَا) فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَرْعٌ قَالَتْ لِلْقَاضِي وَلِيِّي غَابَ وَأَنَا خَلِيَّةٌ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا وَالْأَحْوَطُ إثْبَاتُ ذَلِكَ أَوْ طَلَّقَنِي زَوْجِي أَوْ مَاتَ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ. اهـ. عُبَابٌ وَهَذَا إذَا عَيَّنَتْ الزَّوْجَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَزْوِيجُهُ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَتْ لِحَاكِمٍ آخَرَ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَالْوَلِيُّ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَلِيُّ فِيهِ أَيْ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ بَلَدَ الْوَلِيِّ. اهـ. مِنْهُ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ وَمِنْهَا لَوْ ثَبَتَ الْعَضْلُ بِالْبَيِّنَةِ فَزَوَّجَ الْقَاضِي ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَتُهُ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ إنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ خَرَجَ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِزَالِ الْقَاضِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ وَقَدْ مَشَى الشَّارِحُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّيَابَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا. اهـ.

سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ إنَّ فُرُوعًا تَقْتَضِي أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>