بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْعَضْلِ إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ فَإِنْ تَكَرَّرَ مَرَّاتٍ أَقَلُّهَا فِيمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثٌ فَسَقَ الْوَلِيُّ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهَلْ الْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْأَنْكِحَةُ؟ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَرْضِ الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَضْلُ إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَا قِلَةٌ إلَى كُفُؤٍ وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ تَزْوِيجِهِ وَإِنْ كَانَ امْتِنَاعُهُ لِنَقْصِ الْمَهْرِ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَحْضُ حَقِّهَا بِخِلَافِ مَا إذَا دَعَتْ إلَى غَيْرِ كُفُؤٍ فَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ عَضْلًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ دَعَتْهُ إلَى عِنِّينٍ أَوْ مَجْبُوبٍ بِالْبَاءِ فَامْتَنَعَ كَانَ عَاضِلًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ مَعَ الْكَفَاءَةِ أَنْ يَتَبَيَّنَ مَوْضِعَ الصَّلَاحِ لِلْمَرْأَةِ فِي مُنَاكَحَتِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ دَعَتْ إلَى رَجُلٍ وَادَّعَتْ كَفَاءَتَهُ وَقَالَ الْوَلِيُّ لَيْسَ بِكُفُؤٍ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ ثَبَتَ كَفَاءَتُهُ لَزِمَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضِلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ بِأَنْ يَمْتَنِعَ الْوَلِيُّ مِنْ التَّزْوِيجِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ يَسْكُتُ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْخَاطِبُ حَاضِرَانِ أَوْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ أَوْ غَيْبَةٍ كَمَا فِي سَائِرِ الْحَقُوا ق (لَا) إنْ عَضَلَ (الْمُجْبِرُ مِمَّنْ عَيَّنَا) لِلْمَرْأَةِ (مُكَافِئٍ) لَهَا وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا مِنْ كُفُؤٍ آخَرَ فَلَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ بَلْ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا مِمَّنْ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّهَا مُجْبَرَةً فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ وَهُوَ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا.
بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَإِنَّهُ لَوْ عَيَّنَ كُفُؤًا وَعَيَّنَتْ هِيَ آخَرَ زَوَّجَهَا مِنْ مُعَيَّنِهَا؛ لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ فِي أَصْلِ تَزْوِيجِهَا فَاعْتُبِرَ مُعَيَّنُهَا فَإِنْ امْتَنَعَ فَهُوَ عَاضِلٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مُكَافِئٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ إذَا ادَّعَتْ إلَى مُكَافِئٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ فِي الْمَخْرَجِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ
(أَوْ) كَانَ (الْوَلِيُّ) هُوَ (الزَّوْجُ) أَيْ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَابْنِ عَمِّهَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (مَعْ فَقْدِ) الْوَلِيِّ (الْمُسَاوِي) لَهُ فِي الدَّرَجَةِ زَوَّجَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ وَلَا يُزَوِّجُهَا هُوَ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِسْقُ الْوَلِيِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ. اهـ. م ر
[حاشية الشربيني]
تَزْوِيجَ السُّلْطَانِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَفُرُوعًا أُخَرَ تَقْتَضِي أَنَّهُ بِالنِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ فِي نَحْوِ الْغَيْبَةِ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَعِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ وَفِي التُّحْفَةِ لَوْ قَدِمَ الْوَلِيُّ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا لَمْ يُقْبَلْ بِدُونِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ هُنَا وَلِيٌّ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَالْوَلِيُّ الْحَاضِرُ لَوْ زَوَّجَ فَقَدِمَ آخَرُ غَابَ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْت لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ وَالْوَكِيلُ لَوْ بَاعَ فَقَدِمَ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ كُنْت بِعْت مَثَلًا يُقْبَلُ بِيَمِينِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَزْوِيجُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالسُّلْطَانُ هَلْ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَوْ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالنِّيَابَةِ لَمَّا زَوَّجَ مُوَلِّيَةَ الرَّجُلِ مِنْهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ الْغَائِبَةَ الْوَلِيُّ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ غَابَ عَنْهَا وَلِيُّهَا إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ زَوَّجَهُ أَحَدُ نُوَّابِهِ أَوْ قَاضٍ آخَرُ أَوْ بِالنِّيَابَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِهِ بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ صَحَّ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ وَبَعْضُهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بِالنِّيَابَةِ وَأَنَّ فُرُوعَ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ. اهـ. وَبِكَوْنِهَا نِيَابَةً اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ انْدَفَعَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالنِّيَابَةِ لَمَا زَوَّجَ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نِيَابَةٍ خَاصَّةٍ كَالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَلِأَجَلِ كَوْنِهَا اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ امْتَنَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَأْذَنَ لِحَاكِمِ غَيْرِ مَحَلِّهَا لِيُزَوِّجَهَا كَذَلِكَ أَفَادَهُ م ر.
وَلَوْ كَانَ بِمُجَرَّدِ النِّيَابَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ وَجَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَفَادَهُ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَتِهِ وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا مَا لَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ وَالْغَائِبُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ قُدِّمَ الْوَلِيُّ وَإِلَّا بَطَلَا كَوَلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَرَّرَ مَرَّاتٌ) وَلَوْ بِالسُّكُوتِ ق ل (قَوْلُهُ: لِتَعَزُّرٍ) أَيْ امْتِنَاعٍ مِنْ الْخِطْبَةِ مِنْ الْكُفْءِ كَأَنْ بَعُدَ وَلَا يَفِي كُلَّمَا سُئِلَ وَقَوْلُهُ: تَوَارٍ أَيْ اخْتِبَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْبَةٍ أَيْ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي حَتَّى لَا يَكُونَ امْتِنَاعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى امْتِنَاعِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُفْءٍ آخَرَ) وَلَوْ دُونَ مَنْ عَيَّنَتْهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ م ر وَلَوْ كَانَ مَنْ عَيَّنَتْهُ يَبْذُلُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. وَلَوْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى أَكْفَأَ مِمَّنْ ذَكَرَتْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَكْفَأُ حَاضِرًا أُجِيبَ الْوَلِيُّ أَوْ غَائِبًا فَعَاضِلٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا يُوهِمُ التَّنَافِي. اهـ. ق ل مَعْنَى (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ إذَا دَعَتْ إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute