وَيُزَوِّجُهَا مِنْ السُّلْطَانِ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْوُلَاةِ أَوْ خَلِيفَتِهِ أَوْ مُسَاوِيهِ
(أَوْ فِي الْإِحْرَامِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا (وَقَعْ) أَيْ الْوَلِيُّ أَيْ تَلَبَّسَ بِهِ (زَوَّجَ سُلْطَانٌ) لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي الْغَيْبَةِ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يَسْلُبُ الْوِلَايَةَ لِبَقَاءِ الرُّشْدِ وَالنَّظَرِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ كَمَا يَمْنَعُهُ إحْرَامُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ» .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ طَوِيلِهَا وَقَصِيرِهَا، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي طَوِيلِهَا دُونَ قَصِيرِهَا كَمَا فِي الْغَيْبَةِ وَيَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ لَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَحْضُرَ وَتَجُوزُ الرَّجْعَةُ فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ كَالْإِمْسَاكِ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ (وَلَيْسَ يَسْتَقِلْ) بِالتَّزْوِيجِ (وَكِيلُ مُحْرِمٍ) مِنْ وَلِيٍّ وَزَوْجٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَأَنَّ الْعَاقِدَ الْمُوَكِّلَ؛ وَلِأَنَّ تَنْفِيذَ تَصَرُّفِهِ مَعَ عَجْزِ أَصْلِهِ بَعِيدٌ وَهَذَا بِخِلَافِ وَكِيلِ الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَلِّي صَحِيحَةٌ حَتَّى لَوْ زَوَّجَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّلَاةُ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُحْرِمِ فَلَا يُزَوِّجُ وَكِيلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْعَزِلْ) مِنْ الْوَكَالَةِ بِإِحْرَامِ مُوَكِّلِهِ كَمَا لَا يَنْعَزِلُ بِإِحْرَامِ نَفْسِهِ، أَوْ الْمَرْأَةُ فَيُزَوِّجُ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْإِحْرَامِ لِيَعْقِدَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَحْرَمَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي فَلِخُلَفَائِهِ أَنْ يُزَوِّجُوا كَمَا ذَكَرَهُ الْخَفَّافُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ وَقِيلَ هَذَا فِي السُّلْطَانِ دُونَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ خُلَفَاءَهُ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالِهِ بِخِلَافِ خُلَفَاءِ الْقَاضِي، وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَالزَّوْجَ) بِنَصْبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَبِرَفْعِهِ بِالِابْتِدَاءِ (فِي وَكَالَةٍ) مِنْ جِهَتِهِ (يُصَرِّحُ) بِبِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ إنْ نَصَبْت الزَّوْجَ وَلِلْمَفْعُولِ إنْ رَفَعْته أَيْ وَيُصَرِّحُ بِالزَّوْجِ فِيمَا إذَا وُكِّلَ فِي تَزْوِيجِهِ كُلٌّ مِنْ وَكِيلِهِ وَالْوَلِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ فَيَقُولُ الْوَلِيُّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا أَوْ يَقُولُ وَكِيلُهُ زَوَّجْت بِنْتَ فُلَانٍ فُلَانًا فَيَقُولُ وَكِيلُ الزَّوْجِ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ هُنَا بِمَثَابَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ ثَمَّةَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا؛ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ يَرُدُّ عَلَى الْمَالِ وَيَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلْمُوَكِّلِ وَالنِّكَاحُ يَرِدُ عَلَى الْبِضْعِ وَلَا يَقْبَلُ النَّقْلَ وَلِهَذَا لَوْ قَبِلَ النِّكَاحَ وَكَالَةً لِغَيْرِهِ فَأَنْكَرَهَا الْغَيْرُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ.
وَلَوْ اشْتَرَى لَهُ وَكَالَةً فَأَنْكَرَهَا وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِوَكَالَةِ الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ وَمَحَلُّهُ إذَا عَلِمَهَا لِشُهُودٍ مَعَ الْوَلِيِّ فِي الْأُولَى وَمَعَ الزَّوْجِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْ عِلْمُهُمْ بِهَا وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْوَكِيلِ شَرْطٌ
(وَلِاحْتِيَاجٍ) إلَى النِّكَاحِ لَا لِلْمَصْلَحَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لِأَجْلِ جَوَازِ ذَلِكَ أَيْ إمْكَانِهِ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّصْرِيحَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الصَّحِيحَ وُقُوعُهُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً فَلْيُرَاجَعْ
ــ
[حاشية الشربيني]
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ غَيْرَ الْكُفْءِ وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ وَالْوَلِيُّ الْمُسَافِرُ سَفَرَ قَصْرٍ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ وَكَّلَهُ إلَخْ) وَلَوْ أَذِنَ الْمُحْرِمُ لِعَبْدِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِبَعْدِ التَّحَلُّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا أَنَّ ذَاكَ مُنْشَؤُهُ الْوِلَايَةُ وَالْمُحْرِمُ غَيْرُ أَهْلٍ لَهَا بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ إذْنٍ وَيُحْتَاطُ لِلْوِلَايَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا. اهـ. م ر بِتَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّحَلُّلِ) أَيْ الثَّانِي. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِحْرَامِ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي إحْرَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَيُصَرِّحُ بِالزَّوْجِ إلَخْ) وَيَنْكِحُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ وَوَكِيلُ الْوَلِيِّ بِهِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ زَادَ الْأَوَّلُ أَوْ نَقَصَ الثَّانِي صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ نَقَصَ عَنْ الْمُقَدَّرِ وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَرْأَةِ لِلْوَكِيلِ أَوْ مَنْ شِئْت أَوْ إحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ مَثَلًا لَا امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى فَرْدٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: لَوْ نَقَصَ عَنْ الْمُقَدَّرِ اُنْظُرْ لَوْ زَادَ هَلْ يَنْعَقِدُ بِالْمُقَدَّرِ وَيَلْغُو الْبَاقِي أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَرَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فُلَانًا) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ النَّسَبَ الزَّوْجُ وَجَبَ رَفْعُ نَسَبِهِ كَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَتَمَيَّزَ بِرَفْعِ الِاشْتِرَاكِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِ وَكِيلِ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُك بِنْتَ فُلَانٍ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: بِنْتَ فُلَانٍ) أَيْ أَوْ فُلَانَةَ وَيَذْكُرُ مُمَيِّزَهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ) فَإِنْ تَرَكَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بَدَلَ فُلَانًا لِعَدَمِ التَّوَافُقِ فَإِنْ تَرَكَ لَهُ فِي هَذِهِ انْعَقَدَ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ نَوَى مُوَكِّلَهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِمَا وَالْمَهْرُ نِحْلَةٌ مِنْ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْ عَلَّمَهُمْ بِهَا إلَخْ) أَيْ اشْتَرَطَ لِجَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مَعَ الْجَهْلِ