بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفُؤٍ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا كُفُؤَ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ فَنَكَحَتْهُ، وَهُوَ مَوْلًى، وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ حَقُّ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ، وَقَدْ رَضِيَا بِتَرْكِهَا. (لَا الْقَاضِي) حَيْثُ كَانَ وَلِيُّهَا لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفُؤٍ وَإِنْ رَضِيَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ، فَلَا يَتْرُكُ الْحَظَّ وَخَبَرُ فَاطِمَةَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ، إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهَا أُسَامَةَ، بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ، وَلَا يَدْرِي مَنْ زَوَّجَهَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهُمَا. (وَ) لَا.
(بَعْضِ الْأَوْلِيَا) الْمُسْتَوِينَ فِي دَرَجَةٍ لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفُؤٍ وَإِنْ رَضِيَا بِهِ لِعَدَمِ رِضَى بَاقِيهِمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ بِتَرْكِهَا كَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهَا بَعْضُهُمْ بِكُفُؤٍ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمَهْرِ، وَلَا عَارَ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَى الْأَبْعَدِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ. (تَنْبِيهٌ)
زَوَّجَهَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ بِغَيْرِ كُفُؤٍ بِرِضَاهَا وَرِضَاهُمْ فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَى الْبَاقِينَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَقِيلَ يَصِحُّ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِهِ وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَدِيدٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْغَالِبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ مَا يُوَافِقُ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ الصِّحَّةِ
. (وَ) إذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءٌ فِي دَرَجَةٍ وَأَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ (قُدِّمَ) نَدْبًا فِي التَّزْوِيجِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَا بِهِ) أَيْ: هِيَ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ يُنَافِيهِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فِيهَا قَوْلٌ لِظُهُورِ أَنَّ إشَارَتَهُ بِالْقَوْلِ، وَوَاقِعَةُ الْحَالِ إذَا كَانَ فِيهَا قَوْلُهُ: يَعُمُّهَا الِاحْتِمَالُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ (قَوْلُهُ: دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ: الْجَمِيعِ حَتَّى الزَّوْجِ
(قَوْلُهُ: قُدِّمَ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: رَضِيَا) وَيَكْفِي سُكُوتُهَا إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَلَوْ سَفِيهَةً إنْ صَرَّحَ لَهَا بِأَنَّهَا غَيْرُ كُفْءٍ أَوْ عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ لَهَا أَوْ عَيَّنْته لَهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِهَا لَفْظًا، وَعَقْدُ الْوَلِيِّ كَافٍ عَنْ التَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِهَا، نَعَمْ فِي تَعَدُّدِ الْأَوْلِيَاءِ لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ غَيْرِ الْعَاقِدِ لَفْظًا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ ثُمَّ قَالَ. (تَنْبِيهٌ)
ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ عَرَفَ مَعْنَى الْكَفَاءَةِ وَاعْتِبَارَهَا فِي الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَوْلِيَاءِ كَغَالِبِ الْعَوَامّ فَهَلْ سُكُوتُهُ عَنْهَا كَافٍ فِي إسْقَاطِهَا وَصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوْ لَا؟ الَّذِي يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ إنْ وَقَعَ إذْنٌ مِنْ الزَّوْجَةِ فِي التَّزْوِيجِ، وَإِلَّا فَلَا لَكِنَّ ظَاهِرَ إفْتَاءِ وَالِدِ شَيْخِنَا م ر بِوُجُوبِ التَّحْلِيلِ بَعْدَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا فِي أَنْكِحَةِ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ شُرُوطَ الْأَنْكِحَةِ، وَالْغَالِبُ فَسَادُهَا صِحَّةُ الْعَقْدِ مُطْلَقًا. اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إفْتَاءَ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا وَقَعَ وَلَا يُعْلَمُ حَالُهُ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْتُ ع ش كَتَبَ عَلَى قَوْلِ م ر: زَوَّجَهَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ بِرِضَاهَا وَرِضَا الْبَاقِينَ غَيْرَ كُفْءٍ صَحَّ مَا نَصُّهُ أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْكَفَاءَةَ لَا هِيَ وَلَا وَلِيُّهَا؛ لِأَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: زَوَّجَ بَنَاتِهِ إلَخْ) وَلَا يُقَالُ أَنَّهُ زَوَّجَهُنَّ إجْبَارًا لِجَوَازِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُنَّ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لَا الْقَاضِي) إلَّا حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُكَافِئُهَا أَوْ مَنْ يَرْغَبُ فِيهَا مِنْ الْأَكْفَاءِ، وَإِلَّا جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا حِينَئِذٍ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا حَيْثُ خَافَتْ الْعَنَتَ وَلَا حَاكِمَ يَرَى تَزْوِيجَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَلَمْ تَجِدْ عَدْلًا تُحَكِّمُهُ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ، وَإِلَّا قُدِّمَا عَلَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ) أَيْ: إلَّا إنْ رَضِيَتْ بِمَجْبُوبٍ أَوْ عِنِّينٍ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ فِيهِ. اهـ. تُحْفَةٌ بِزِيَادَةِ الْعِلَّةِ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ) ، بَلْ وَالْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَظًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطُ. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِرِضًا الْأَبْعَدِ) مِثْلُهُ الْأَقْرَبُ الْفَاسِقُ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْكُفْءِ، وَكَذَا مَنْ مَاثَلَهُ لِقِيَامِ مَانِعٍ مِنْ تَزْوِيجِهِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ فَلَوْ كَانَ صَغِيرًا صَحَّ بِرِضَاهَا بِغَيْرِ الْكُفْءِ فَإِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ بِغَيْرِ كُفْءٍ حَيْثُ صَحَّ، وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْحَوَاشِي بِعَدَمِ الصِّحَّةِ اهـ مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ) مِثْلُهُ مَا إذَا فَسَخَ النِّكَاحَ أَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا وَأَعَادَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ إلَى رِضَا الْبَاقِينَ. اهـ. م ر وَع ش. (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ) جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِد م ر. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) أَيْ: بِانْفِرَادِهِ أَوْ قَالَتْ: أَذِنَتْ فِي فُلَانٍ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُزَوِّجْنِي مِنْهُ، أَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِأَحَدٍ حِينَئِذٍ فَلَا يُزَوِّجُ غَيْرُهُ، وَلَوْ