للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَظْمٍ وَقِيلَ: بِلَحْمٍ يَنْبُتُ فِيهِ وَفِي الثَّانِي بِلَحْمٍ، فَالْعُيُوبُ سَبْعَةٌ ثَلَاثَةٌ عَامَّةٌ: فِيهِمَا الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَأَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ: اثْنَانِ بِهِ الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ، وَاثْنَانِ بِهَا الرَّتْقُ وَالْقَرْنُ، وَالْأَصْلُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَرَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا وَفِي رِوَايَةٍ وَضَحًا أَيْ: بَرَصًا فَقَالَ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ وَقَالَ لِأَهْلِهَا: دَلَّسْتُمْ عَلَيَّ» وَالْخَبَرُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مَجْبُورٌ بِمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ فِي تَخْيِيرِ الزَّوْجِ إذَا وَجَدَ بِزَوْجَتِهِ جُنُونًا أَوْ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا وَقِيسَ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ الْعُيُوبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَخِلُّ بِالتَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ، بَلْ بَعْضُهَا يُفَوِّتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَخَرَجَ بِهَا مَا سِوَاهَا مِنْ بَهَقٍ وَإِغْمَاءٍ وَبَخَرٍ وَصُنَانٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَعَمًى وَزَمَانَةٍ وَبَلَهٍ وَخَصْيٍ وَخُنُوثَةٍ وَاضِحَةٍ وَإِفْضَاءٍ وَعَذْيَطَةٍ، وَهِيَ التَّغَوُّطُ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَعُيُوبٌ تَجْتَمِعُ فَتُنَفِّرُ تَنْفِيرَ الْبَرَصِ وَتَكْسِرُ شَهْوَةَ التَّائِقِ كَقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ، فَلَا تُثْبِتُ الْخِيَارَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ وَجَعَلَ الْغَزَالِيُّ مِنْ الْعُيُوبِ ضِيقَ الْمَنْفَذِ بِحَيْثُ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ إلَّا بِالْإِفْضَاءِ، وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ خِلَافُهُ ثُمَّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنَّهَا إنْ احْتَمَلَتْ وَطْءَ نَحِيفٍ مِثْلِهَا، فَلَا فَسْخَ، وَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ وَطْءَ أَحَدٍ فَكَالرَّتْقِ وَيُنَزَّلُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ عَلَى الثَّانِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا التَّوَسُّطُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَرْأَةِ يَأْتِي فِي كِبَرِ آلَةِ الرَّجُلِ وَأَثْبَتَ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِيَارَ بِوُجُودِ الزَّوْجَةِ مُؤَجَّرَةً إجَارَةَ عَيْنٍ لِفَوَاتِ تَمَتُّعِهِ نَهَارًا قَالَ: وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِرِضَى الْمُسْتَأْجِرِ بِتَمَتُّعِهِ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَقَدْ يَرْجِعُ عَنْهُ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ فِي النَّفَقَاتِ، وَمِثْلُهُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا

(وَإِنْ طَرَا) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ أَيْ: كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، سَوَاءٌ طَرَأَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ إلَّا الْعُنَّةَ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ. (لَا مَا اقْتَرَنْ بِالْعَقْدِ عِلْمُهُ) أَيْ: خُيِّرَ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْعُيُوبِ لَا بِعَيْبٍ اقْتَرَنَ الْعِلْمُ بِهِ بِالْعَقْدِ كَمَا فِي الْمُشْتَرِي، وَإِنْ زَادَ الْعَيْبُ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ رِضًى بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ بِالْمُنْتَشِرِ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْحَادِثِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَمَا لَوْ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَقَالَ الْحَقِي بِأَهْلِكِ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا إطْلَاقٌ فَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ جَوَازُ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَإِغْمَاءٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ أَيْ: لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّهُ فِيمَا تَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا الدَّائِمُ الْمَيْئُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي اهـ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا بَعْدَهُ أَيْ: لَا إنْ بَقِيَ الْإِغْمَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَالْجُنُونِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِحَاضَةٍ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ إذْ لَمْ تَحْفَظْ عَادَتَهَا، وَحَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِ اسْتِحَاضَتِهَا. (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ فِي النَّفَقَاتِ) وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: لَا بِعَيْبٍ مِنْهَا) أَيْ: الْعُيُوبُ لَا يُقَالُ: لَا بِعَيْبٍ مِنْهَا ثُمَّ قَوْلُهُ: لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْبِهَا فَلْيُنْظَرْ لِمَ خَصَّ الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(فَرْعٌ)

نَكَحَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ الْقَائِمِ بِالْآخَرِ غَيْرِ الْعُنَّةِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ اهـ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ كَوْنُ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي مِنْهَا لِلْعُيُوبِ لَا الْمَرْأَةِ فَلَمْ يُصَوَّرْ بِعَيْبِهَا

(قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِهِ) خَرَجَ الْجَهْلُ بِهِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ وَاسْتَشْكَلَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ حِينَئِذٍ لِلْمَرْأَةِ مَعَ جَهْلِهَا بِأَنَّ التَّنَقِّيَ مِنْ الْعُيُوبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا أَذِنَتْ فِي مُعَيَّنٍ فَبَانَ مَعِيبًا فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، وَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ وَحِينَئِذٍ تَتَخَيَّرُ الْمَرْأَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَتْ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ كُفُؤٍ يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَإِنْ جَهِلَ الْوَلِيُّ وَمَا نُقِلَ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

اللُّغَةِ بِإِسْكَانِهَا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِحَاضَةٍ) ، وَلَوْ مَعَ تَحَيُّرٍ، وَإِنْ حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْإِفْضَاءِ) أَيْ: إزَالَةِ مَا بَيْنَ قُبُلِهَا وَدُبُرِهَا وَقِيلَ: مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَدْخَلِ الذَّكَرِ. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: يَأْتِي فِي كِبَرِ آلَةِ الرَّجُلِ) فَيُقَالُ: إنْ أَطَاقَتْهُ مِنْ بَدَنِهَا كَبَدَنِهِ لَمْ يَثْبُتْ لِزَوْجَتِهِ خِيَارٌ، وَإِلَّا ثَبَتَ قَالَ الرَّاشِدِيُّ عَلَى م ر: قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ فَالْعِبْرَةُ بِحَالِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ فَلَا وَجْهَ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتَقَاعَدُ عَنُّ الْعِنِّينِ لَكِنَّ قِيَاسَهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهِ يُفْضِيهَا أَوْ لَا يُفْضِيهَا بِخُصُوصِهَا نَظِيرَ مَا لَوْ كَانَ يَعِنُّ عَنْهَا بِخُصُوصِهَا. اهـ وَقَدْ يُقَالُ: نَخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ وَيَكُونُ كَالْعِنِّينِ فِي الْفَسْخِ فَقَطْ دُونَ اعْتِبَارِ خُصُوصِهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِهِ بِدُونِ عَيْبٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْتُ سم نَقَلَ عَنْ م ر فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا أَطَاقَهُ الْبَعْضُ فَلَا خِيَارَ وَبَيْنَ مَا إذَا عَنَّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى فَلَهَا الْخِيَارُ مَا نَصُّهُ " وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَانِعَ فِي الْعُنَّةِ مِنْ جِهَتِهِ وَهُنَا مِنْ جِهَتِهَا إذْ لَا عَجْزَ فِيهِ " فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَا مَا اقْتَرَنْ بِالْعَقْدِ عِلْمُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا فِي الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِامْرَأَةٍ دُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>