أَوْ رُطُوبَةٍ فَيَزُولُ فِي الْخَرِيفِ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يُصِبْ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِأَمْرٍ جِبِلِّيٍّ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَالرَّضَاعَ وَسَاغَ لَهَا الْحَلِفُ لِإِمْكَانِ اطِّلَاعِهَا عَلَى عُنَّتِهِ بِالْقَرَائِنِ كَمَا تَحْلِفُ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِالْكِنَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِهَا إذْ لَا يَعْرِفُ الشُّهُودُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَعْرِفُهُ هِيَ، وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ وَقْتٍ ضَرْبِ الْقَاضِي لَهَا لَا مِنْ وَقْتِ إقْرَارِهِ أَوْ حَلِفِهَا؛ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ لِلنَّصِّ وَاعْتُبِرَ فِيهِ طَلَبُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا؛ نَعَمْ إنْ سَكَتَتْ لِدَهْشَةٍ أَوْ جَهْلٍ، فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ يَعْتَرِفُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ دَعْوَاهَا عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عُنَّتَهُ كَمَا قَدَّمْتُهُ وَمِنْ إطْلَاقِهِ طَلَبُهَا الِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهَا: إنِّي طَالِبَةُ حَقِّي عَلَى مُوجِبِ الشَّرْعِ، وَإِنْ جَهِلَتْ تَفْصِيلَ الْحُكْمِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْأَمَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ عُنَّتَهُ لِلُزُومِ الدَّوْرِ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ خَوْفِ الْعَنَتِ، وَبُطْلَانُ خَوْفِهِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ، وَبُطْلَانُهُ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا ادَّعَتْ عُنَّةً مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ، وَإِلَّا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِانْتِفَاءِ الدَّوْرِ (فَإِنْ لِنَفْيٍ عُنَّةٍ يَحْلِفْ) زَوْجُهَا حَيْثُ ادَّعَتْهَا (فَلَا يُطْلَبُ) بِتَحْقِيقِ ذَلِكَ. (بِالْوَطْءِ) إذْ التَّمَتُّعُ حَقُّهُ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلْ) هِيَ عَنْهُ فِي السَّنَةِ، وَقَدْ مَضَتْ بِلَا وَطْءٍ. (تَرْفَعْ) أَمْرَهَا ثَانِيًا. (لِقَاضٍ) ، فَلَا تَفْسَخُ بِلَا رَفْعٍ، إذْ مَدَارُ الْبَابِ عَلَى الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ وَالْيَمِينِ فَيُحْتَاجُ إلَى نَظَرِ الْقَاضِي وَاجْتِهَادِهِ، وَكَذَا سَائِرُ مُثَبِّتَاتِ خِيَارِ النِّكَاحِ لَا يَسْتَقِلُّ ذُو الْخِيَارِ بِالْفَسْخِ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِالْفَسْخِ بِالْعِتْقِ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ، بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الرَّفْعَ ثَانِيًا بَعْدَ السَّنَةِ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِهِ. (وَبِفَسْخٍ تَسْتَقِلْ) هِيَ بَعْدَ رَفْعِ أَمْرِهَا إلَى الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنِهِ لَهَا فِيهِ كَمَا فِي عَيْبِ الْمَبِيعِ، نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي اسْتِقْلَالِهَا قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ الْعُنَّةُ أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ وَزَادَ السُّبْكِيُّ وَحَكَمْتُ إذَا قُلْنَا: الثُّبُوتُ لَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا هُوَ رَأْيُ الشَّيْخَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَلَوْ ادَّعَى امْتِنَاعَهَا عَنْهُ وَأَنْكَرَتْ، وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَإِذَا حَلَفَ ضَرَبَ الْقَاضِي الْمُدَّةَ ثَانِيًا وَأَسْكَنَهُمَا بِجِوَارِ ثِقَاتٍ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَمَّا لَوْ اعْتَزَلَتْهُ، وَلَوْ بِعُذْرٍ كَحَبْسٍ أَوْ مَرِضَتْ، فَلَا تُحْتَسَبُ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّ أَثَرَ الْمُهْمَلَةِ إنَّمَا يَظْهَرُ مَعَ عَدَمِ اعْتِزَالِهَا عَنْهُ، وَلَوْ عَرَضَ مَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ فِي أَثْنَائِهَا وَزَالَ، فَالْقِيَاسُ فِي الرَّافِعِيِّ اسْتِئْنَافُهَا أَوْ مُضِيُّ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
مِمَّا سَبَقَ عَلَى مَا سَبَقَ.
(قَوْلُهُ: ثَانِيًا) أَخْرَجَ الرَّفْعَ ابْتِدَاءً قَبْلَ الْبَيِّنَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: قُلْتُ الرِّضَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَحَبْسٍ) هَلْ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْحَابِسُ لَهَا بِحَقٍّ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِهِ
[حاشية الشربيني]
امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى، وَلَوْ كَانَ لِلْفِعْلِ أَثَرٌ لَأَثَّرَ مُطْلَقًا وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ، وَهُوَ كَافٍ وَلَا يُنَافِي التَّخَلُّفَ وَانْظُرْ لَوْ أَخْبَرَ مَعْصُومٌ ابْتِدَاءً بِأَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ هَلْ يَسْقُطُ ضَرْبُ السَّنَةِ؟ . اهـ. سم وَاسْتَقْرَبَ ع ش السُّقُوطَ (قَوْلُهُ: عَجْزٌ خِلْقِيٌّ) أَيْ: لَيْسَ لِاسْتِحْيَاءٍ أَوْ كَرَاهَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ إلَخْ. اهـ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: عَجْزٌ خِلْقِيٌّ) أَيْ: مُطْلَقًا أَوْ بِخُصُوصِ امْرَأَةٍ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ. اهـ. ق ل وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ بِالْبَعْضِ ابْنَ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: يَخْدِشُهُ إلَى آخَرِ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا تَحْلِفُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا تُصَدَّقُ حِينَئِذٍ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: مُجْتَهَدٍ فِيهَا) أَيْ: ثَبَتَ ضَرْبُ السَّنَةِ بِاجْتِهَادِ سَيِّدِنَا عُمَرَ وَقَدْ ابْتَدَأَهَا هُوَ مِنْ وَقْتِ ضَرْبِهَا وَأَجْمَعُوا عَلَى مَا فَعَلَهُ. (لَا تُسْمَعُ إلَخْ) أَيْ: فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ أَوْ بُلُوغُهُ. . اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْفَسْخِ بِالْعِتْقِ) مِثْلُهُ الْفَسْخُ بِخُلْفِ الشَّرْطِ كَمَا نَقَلَهُ سم وَتَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الثُّبُوتِ وَقَدْ وُجِدَ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَوْ ادَّعَى إلَخْ) وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ حَلَفَ وَلَا حَاجَةَ لِمُرَاجَعَتِهَا، نَعَمْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا غَيْرَ غَوْرَاءَ حَلَفَتْ هِيَ لَا هُوَ، وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةٍ بِعُذْرَتِهَا وَكَيْفِيَّةِ حَلِفِهَا أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا وَأَنَّ بَكَارَتَهَا أَصْلِيَّةٌ وَيُتَوَقَّفُ حَلِفُهَا عَلَى طَلَبِ الزَّوْجِ لَهُ، وَإِنَّمَا حَلَفَتْ أَنَّ بَكَارَتَهَا أَصْلِيَّةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَصَابَهَا بَعْضَ إصَابَةٍ ثُمَّ عَادَتْ بَكَارَتُهَا فَصُدِّقَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا إصَابَةً تَامَّةً، وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي الْحَلِفِ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ اهـ
ق ل وم ر مَعَ زِيَادَةٍ وَسَيَأْتِي بَعْضُ هَذَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ فِي الرَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ: الْقِيَاسُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ لَهَا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ أَوْ عَلَى الزَّانِي إذَا عَادَ أَثْنَاءَ سَنَةِ التَّغْرِيبِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ فَعَلَى هَذَا إذَا ضُرِبَتْ لَهَا سَنَةٌ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَاعْتَزَلَتْهُ رَمَضَانَ اسْتَأْنَفَتْ سَنَةً مِنْ شَوَّالٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الِانْتِظَارِ فَتُكْمِلُ سَنَتَهَا الْأُولَى وَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ مِنْ الْقَابِلَةِ حَسِبَتْهُ بَدَلَ الَّذِي اعْتَزَلَتْهُ فِيهِ مِنْ الْأُولَى فَلَا تَنْفَسِخُ حَتَّى يَتِمَّ رَمَضَانُ الْقَابِلَةِ وَأَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الِاسْتِئْنَافُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute