للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِئْنَافَ أَيْضًا قَالَ: فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِئْنَافِ (هَذَا) أَيْ: اسْتِقْلَالُهَا بِالْفَسْخِ ثَابِتٌ

(وَلَوْ سَافَرَ) الزَّوْجُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ لِئَلَّا يَتَّخِذَ السَّفَرَ دَافِعًا، وَمِثْلُهُ حَبْسُهُ وَمَرَضُهُ وَحَيْضُهَا. (وَ) كَذَا لَوْ (اسْتَقْضَى) يَعْنِي وَطِئَهَا. (فِي غَيْرِ ذَا النِّكَاحِ) ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِيمَا إذَا وَجَدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا؛ لِأَنَّهَا نَكَحَتْهُ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِعُنَّتِهِ. (لَا إنْ تَرْضَى) بِعُنَّتِهِ، فَلَا تُخَيِّرْهَا كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ وَقَصْدِ الْمُضَارَّةِ وَتَجَدُّدِ النَّفَقَةِ كُلَّ يَوْمٍ

وَالْعُنَّةُ عَيْبٌ وَاحِدٌ لَا يُتَوَقَّعُ زَوَالُهَا غَالِبًا. (قُلْتُ) هَذَا فِي الرِّضَى بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ أَمَّا (الرِّضَى) بِهَا. (أَثْنَاءَهَا وَقَبْلَهَا) فَهُوَ. (عَلَى الْأَصَحِّ غَيْرُ مُسْقِطٍ لَهَا) أَيْ: لِحَقِّهَا مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ السَّنَةِ لِسَبْقِهِ ثُبُوتَ الْحَقِّ. (كَالْحُكْمِ) فِيمَا. (لَوْ أُسْقِطَ الِاسْتِشْفَاعُ) أَيْ: الشُّفْعَةَ بِأَنْ أَسْقَطَهَا الشَّفِيعُ. (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْرِيَ الِابْتِيَاعُ) ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ لِمَا قُلْنَاهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَسْقُطُ حَقُّهَا لِرِضَاهَا. (وَلَوْ بِطَلَّقْتُكِ) أَيْ: لَا تُخَيِّرْهَا إذَا رَضِيَتْ بِالْعُنَّةِ بَعْدَ السَّنَةِ، وَلَوْ مَعَ طَلَاقِهِ لَهَا رَجْعِيًّا. (ثُمَّ رَاجَعَا) لِرِضَاهَا بِعُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ، وَالرَّجْعَةُ فِي حُكْمِ الِاسْتِدَامَةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ كَمَا سَيَأْتِي وَاعْتَرَضَ الْمُزَنِيّ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ طَلَاقُهُ الرَّجْعِيُّ مَعَ الْعُنَّةِ، فَإِنَّ الرَّجْعَةَ تَعْتَمِدُ الْوَطْءَ الْمُزِيلَ لِلْعُنَّةِ، وَأُجِيب عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: (صَوَّرْ بِمَا وَغَيْرِ مَأْتًى وَاقَعَا) أَيْ: صَوِّرْهُ بِاسْتِدْخَالِهَا مَاءَهُ أَيْ: مَنِيَّهُ وَبِوِقَاعِهِ لَهَا فِي غَيْرِ الْمَأْتِيِّ وَهُوَ الدُّبُرُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ، وَلَا يُزِيلُ الْعُنَّةَ وَمَأْتِيٌّ بِوَزْنِ مَعْنِيٍّ يُقَالُ: أَتَيْتُ الْأَمْرَ مِنْ مَأْتَاهُ أَيْ: مِنْ وَجْهِهِ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ. (لَا إنْ) تَبِنْ مِنْهُ ثُمَّ (يُجَدِّدْهُ) أَيْ: نِكَاحَهَا فَخَيَّرَهَا بِعُنَّةٍ بَعْدَ ضَرْبِ الْمُدَّةِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ جَدِيدٌ، وَكَذَا لَوْ نَكَحَ ابْتِدَاءً وَأَعْلَمَهَا بِأَنَّهُ عِنِّينٌ أَوْ، وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّهُ حُكِمَ بِعُنَّتِهِ وَقِيلَ لَا خِيَارَ لَهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِعُنَّتِهِ

. (وَصَدِّقْ) أَنْتَ (مَنْ جَحَدْ) مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ (جِمَاعَهَا) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَلَوْ ادَّعَى جِمَاعَهَا بِتَمْكِينِهَا وَطَلَبَ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ فَجَحَدَتْ وَامْتَنَعَتْ لِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ صُدِّقَتْ أَوْ ادَّعَتْ جِمَاعَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَطَلَبَتْ جَمِيعَ الْمَهْرِ فَجَحَدَهُ صُدِّقَ. (لَا إنْ أَتَتْهُ) بَعْدَ دَعْوَاهَا الْجِمَاعَ لِيَكْمُلَ لَهَا الْمَهْرُ وَجَحَدَهُ إيَّاهُ. (بِوَلَدْ) يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ.

(وَلَمْ يُلَاعِنْهَا) لِنَفْيِهِ، فَلَا يُصَدَّقُ الْجَاحِدُ بَلْ الْمُثْبِتُ بِيَمِينِهِ، وَهُوَ الزَّوْجَةُ لِتَرَجُّحِ جَانِبَهَا بِذَلِكَ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَتَقَرَّرُ جَمِيعُ الْمَهْرِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَا يُفِيدُ تَحَقُّقَ الْإِيلَاجِ، فَإِنْ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ (وَلَا) إنْ ادَّعَى جِمَاعَهَا (وَلَا فِي الْعُنَّةِ، وَلَا فِي الْإِيلَاءِ) وَجَحَدَتْهُ. (فَقَوْلُ الْمُثْبِتِ) لَهُ، وَهُوَ الزَّوْجُ صَدِّقْهُ بِيَمِينِهِ لِعُسْرِ إقَامَةِ بَيِّنَةِ الْجِمَاعِ وَأَصْلِ دَوَامِ النِّكَاحِ فِيهِمَا وَلِأَصْلِ السَّلَامَةِ فِي الْأُولَى، وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ كَامِلِ الذَّكَرِ وَمَقْطُوعِهِ إذَا أَمْكَنَ الْوَطْءُ بِالْبَاقِي، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ الْوَطْءِ بِالْبَاقِي فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ لِزَوَالِ أَصْلِ السَّلَامَةِ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ جَبَّهُ وَأَنْكَرَ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا ذَكَرَ مَا إذَا ادَّعَتْ الْبَكَارَةَ الْمَشْرُوطَةَ وَأَنَّهَا زَالَتْ بِوَطْئِهِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ

ــ

[حاشية العبادي]

الِاسْتِئْنَافَ أَيْضًا) قَدْ يُقَالُ: إنْ أُرِيدَ بِالِاسْتِئْنَافِ ابْتِدَاءُ سَنَةٍ مِنْ زَوَالِ الْعَارِضِ

(قَوْلُهُ: وَحَيْضُهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الْآتِي) فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ثُبُوتِ الْفَسْخِ بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: هُنَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ اسْتَقْضَى. (قَوْلُهُ: قُلْتُ: هَذَا فِي الرِّضَى بِهَا) أَيْ: الْعُنَّةِ بَعْدَ السَّنَةِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ وَالْمُرَاجَعَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ بِطَلَّقْتُكِ إلَخْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهَا أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْمُرَاجَعَةَ قَبْلَ الرَّفْعِ مَعَ أَنَّهُمْ مَنَعُوا خِيَارَهَا فِيهَا بِرِضَاهَا بَعْدَ السَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِطَلَّقْتُكِ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ. (قَوْلُهُ: بِمَا) هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: بِاسْتِدْخَالِ مَاءً، وَقَوْلُهُ: غَيْرَ مَأْتِيٍّ هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا، وَهُوَ أَيْضًا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: وَوَقَعَ غَيْرَ مَأْتِيٍّ، وَقَوْلُهُ: وَاقِعًا نَعْتُ مَأْتِيٍّ. (قَوْلُهُ: لَا أَنْ يُجَدِّدَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِذَا بَانَتْ وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُنَّتِهِ لَمْ تَسْقُطْ مُطَالَبَتُهَا. اهـ.

. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اخْتَلَفَا إلَخْ) عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ، وَإِنْ جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ وَبَقِيَ مَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ فَقَدْ قِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ: أَيْ: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الْبَاقِي هَلْ يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرٌ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ مِمَّا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: إلَخْ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ مُرَاجَعَةُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ رُوجِعُوا، وَإِلَّا صُدِّقَتْ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْكَلَامَانِ حَجَرٌ وَم ر

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ وَارِدٌ، وَلَوْ كَانَ الِاعْتِزَالُ أَوَّلَ السَّنَةِ كَالْمُحَرَّمِ إذْ لَا تُفْسَخُ إلَّا بِمُضِيِّ نَظِيرِهِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَوَقْتُ الْفَسْخِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي انْعِزَالِهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ نَظِيرِ الَّذِي اعْتَزَلَتْهُ فِيهِ، فَعَلَى قَوْلِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ وَعَلَى الِاسْتِئْنَافِ يَمْتَنِعُ، وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ لَا تُوجَدُ فِيمَا لَوْ اعْتَزَلَتْهُ أَوَّلَ السَّنَةِ الْمَضْرُوبَةِ فَتَأَمَّلْهُ تَعْرِفُ مَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْعُ اللُّزُومِ ظَاهِرٌ خُصُوصًا إنْ كَانَتْ اعْتَزَلَتْهُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الْمَضْرُوبَةِ. اهـ فَإِنَّ هَذَا أَوْلَى بِالْإِيرَادِ، وَقَوْلُنَا لَا تُوجَدُ إلَخْ وَلِذَا جَعَلَ الشَّارِحُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ مَا إذَا عَرَضَ فِي أَثْنَائِهَا دُونَ مَا إذَا عَرَضَ فِي أَوَّلِهَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِهِ الِاسْتِئْنَافَ) أَيْ: الشُّرُوعَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَضْرُوبِ أَوْ لَا بِأَنْ كَانَ الِاعْتِزَالُ فِي غَيْرِ الْفَصْلِ الْأَخِيرِ أَوْ لَا بِأَنْ كَانَ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَافَرَ إلَخْ) اعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي مَرَضِهِ وَحَبْسِهِ وَسَفَرِهِ كُرْهًا عَدَمَ حُسْبَانِهَا لِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>