للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَافٍ فَفِي مُسْلِمٍ «عَنْ عَائِشَةَ كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ» (وَ) سُنَّ (التَّرْتِيبُ) لِلسُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ يَبْتَدِئَ بِإِزَالَةِ الْقَذَرِ؛ ثُمَّ الْوُضُوءِ؛ ثُمَّ التَّعَهُّدِ وَالدَّلْكِ وَالتَّخْلِيلِ؛ ثُمَّ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا؛ ثُمَّ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ كَذَلِكَ مُبْتَدِئًا بِالْأَيْمَنِ وَالْأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخَّرْت إفَاضَةَ الْمَاءِ عَمَّا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ فِيهِ وَأَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِهِ (وَسُنَّ لِلْحَوَائِضِ) وَالنَّفْسِ وَلَوْ أَبْكَارًا أَوْ خَلِيَّاتٍ (التَّطْيِيبُ) لِلْقُبُلِ بَعْدَ الْغُسْلِ بِأَنْ تَجْعَلَ الْمِسْكَ مَثَلًا عَلَى قُطْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَتُدْخِلَهَا فِيهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ تَطْيِيبًا لِلْمَحَلِّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ شَكَلٍ وَصَوَابُهُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ سَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ فَقَالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطْهُرُ بِهَا» وَالْفِرْصَةُ قِطْعَةُ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالتَّطَهُّرُ الْأَوَّلُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّهُ التَّطَهُّرُ مِنْ النَّجَسِ وَمَا مَسَّهَا مِنْ الدَّمِ وَالنَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْوُضُوءُ كَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ غُسْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَالْمِسْكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا؛ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؛ فَالْمَاءُ كَافٍ كَذَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَكِلَا التَّعْبِيرَيْنِ صَحِيحٌ لَكِنَّ الثَّانِيَ أَحْسَنُ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَمُرَادُ الْمُعَبِّرِينَ بِالْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ فَإِذَا عَدِمَتْ الطِّيبَ فَلَا كَرَاهَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

تُغْسَلُ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ بَعْدَهُ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنَّ الرَّأْسَ تُغْسَلُ مَرَّةً أُخْرَى ثَالِثَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُمْسَحُ فِي الْوُضُوءِ وَلَا تُغْسَلُ فَهِيَ تُمْسَحُ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ تُغْسَلُ مَعَ أَعْضَائِهِ ثُمَّ تُغْسَلُ أَيْضًا هَذَا مُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ.

(قَوْلُهُ: التَّعَهُّدِ وَالتَّدَلُّكِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَيَتَعَهَّدُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُدَلِّكُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ بَاقِيَ جَسَدِهِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَغْسِلَ وَيُدَلِّكَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقَدَّمَ ثُمَّ الْمُؤَخَّرَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ مَرَّةً ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ إلْحَاقُهُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَنْتَقِلَ إلَى الْمُؤَخَّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدَّمِ رُدَّ لِسُهُولَةِ مَا ذُكِرَ هُنَا عَلَى الْحَيِّ بِخِلَافِهِ فِي الْمَيِّتِ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ

اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ بَاقِيَ جَسَدِهِ إلَخْ قَدْ لَا يَشْمَلُ لِحْيَتَهُ وَوَجْهَهُ وَعُنُقَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقَدَّمَ إلَخْ فَهَلَّا قَالُوا ثُمَّ يَغْسِلَ رَأْسَهُ وَيُدَلِّكَ ثَلَاثًا ثُمَّ لِحْيَتَهُ وَوَجْهَهُ وَعُنُقَهُ ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ غَسْلَ رَأْسِهِ يُفْضِي إلَى غَسْلِ الْمَذْكُورَاتِ لِاتِّصَالِهَا بِهَا وَقُرْبِهَا مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَإِنَّ قَوْلَهُ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ إلَخْ وَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُحْتَاجُ لِتَحْرِيفِهِ لِغَسْلِ مُؤَخَّرِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ تَحْرِيفِهِ لِغَسْلِ مُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ وَاعْلَمْ أَيْضًا عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ تَقْتَضِي تَقَدُّمَ دَلْكِ رَأْسِهِ عَلَى غَسْلِ بَاقِي جَسَدِهِ وَعِبَارَةُ هَذَا الشَّرْحِ غَيْرُ وَاضِحَةٍ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: الْآتِي فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتُدَلِّكُ يُوَافِقُ شَرْحَ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَتْ إفَاضَةَ الْمَاءِ عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ: الَّذِي مِنْهُ التَّخْلِيلُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الثَّانِيَ أَحْسَنُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ الْأَحْسَنِيَّةِ إيهَامُ الْأَوَّلِ عَدَمَ كِفَايَةِ الْمَاءِ عَنْ الْحَدَثِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِهَذَا بَطَلَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ لَيْسَتْ صَحِيحَةً وَمَعْنَاهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ عَنْ الْحَدَثِ مَعَ الْخُلُوِّ عَنْ سُنَّةِ الِاتِّبَاعِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَافٍ عَنْ السُّنَّةِ

اهـ (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَدِمَتْ الطِّيبَ فَلَا كَرَاهَةَ لِلْعُذْرِ) اقْتَضَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ عَجْزَهَا الْمَذْكُورَ غَايَةُ إفَادَتِهِ نَفْيُ الْعَتَبِ وَالْكَرَاهَةِ لَا حُصُولُ ثَوَابِ -

ــ

[حاشية الشربيني]

النُّفَسُ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ كَصُرَدٍ أَوْ ضَمِّهَا كَكُتُبٍ جَمْعُ نُفَسَاءَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْغُسْلِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلْحَدِيثِ الْآتِي وَرَأْيِ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ: إنَّهُ قَبْلَ الْغُسْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ أَنَّهُ أَسْرَعُ لِلْعُلُوقِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: بِنْتَ شَكَلٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْكَافِ وَقِيلَ بِإِسْكَانِ الْكَافِ مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ تَصْوِيبًا قَالَ وَهِيَ خَطِيبَةُ النِّسَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِرْصَةً) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ وَفِي الزَّنْكَلُونِيِّ عَلَى التَّنْبِيهِ الْفِرْصَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ. اهـ. مَجْمُوعٌ، ثُمَّ قَالَ أَيْ قِطْعَةُ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مُطَيَّبَةٌ بِالْمِسْكِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْمَاءُ كَافٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ الْحَدَثِ وَالطِّيبُ وَمَا بَعْدَهُ تَكْمِيلٌ

(قَوْلُهُ: كَذَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ كَفَى أَيْ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ كَفَى فِي إزَالَةِ اللَّوْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ لَا أَنَّهُ كَافٍ فِي حُصُولِهَا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَدِمْت الطِّيبَ) لَمْ يَقُلْ فَإِذَا عَدِمْت الطِّينَ بِالنُّونِ؛ لِأَنَّ الْمُهَذَّبَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ لَمْ يَذْكُرْ الطِّينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>