لِلْعُذْرِ وَتُسْتَثْنَى الْمُحِدَّةُ فَلَا تُطَيِّبُ الْمَحَلَّ إلَّا بِقَلِيلِ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِدَدِ؛ وَيُحْتَمَلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ إلْحَاقُ الْمُحْرِمَةِ بِهَا بَلْ أَوْلَى لِجَوَازِ اسْتِدَامَتِهَا الطِّيبَ بِخِلَافِ الْمُحِدَّةِ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُهَا مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا لِقِصَرِ زَمَنِ الْإِحْرَامِ غَالِبًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ
(وَإِنْ نَوَى) الْجُنُبُ (الْإِجْنَابَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الْجَنَابَةِ أَيْ رَفْعَهَا وَحْدَهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ حَصَلَ الْمَنْوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِهِ التَّنْظِيفُ وَقَدْ حَصَلَ وَالْقَوِيُّ يَسْتَتْبِعُ الضَّعِيفَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَنَقَلَ فِي الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ وَصَحَّحَهُ فِي غَيْرِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ فَلَمْ تَنْدَرِجْ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّةَ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ وَقَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ (أَوْ) نَوَى الْإِجْنَابَ (وَالْعِيدَا أَوْ جُمُعَةً) حَصَلَا عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ بِخِلَافِ نَحْوِ الظُّهْرِ مَعَ سُنَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا صَحَّ فِي التَّحِيَّةِ مَعَ غَيْرِهَا لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ كَمَا مَرَّ
(أَوْ) نَوَى (ذَيْنِ) أَيْ: الْعِيدَ وَالْجُمُعَةَ (أَوْ فَرِيدًا مِنْ ذَيْنِ) حَصَلَا عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي الْأُولَى وَبِنَاءً عَلَى تَدَاخُلِ الطِّهَارَاتِ فِي الثَّانِيَةِ لَا سِيَّمَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: (يَحْصُلَا) أَيْ: الْغُسْلَانِ الْمَنْوِيَّانِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ وَالْمَنْوِيُّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فِي بَعْضِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَا يَحْصُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَالضَّعِيفُ لَا يَسْتَتْبِعُ الْقَوِيَّ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ مَعَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ دُونَهُمَا حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ (وَإِنْ نَوَى) الْجُنُبُ (غَلَطْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ رَفْعَ حَدَثٍ (أَصْغَرَ
ــ
[حاشية العبادي]
السُّنَّةِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي أَنَّ الْمَاءَ كَافٍ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ عَنْ الْعَجْزِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَإِنْ أُرِيدَ تَحْصِيلُ سُنَّةِ تَطْهِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ فِي الْجُمْلَةِ فَوَاضِحٌ أَوْ تَطْهِيرِهِ بِنَحْوِ الْمِسْكِ فَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ: دُونَ التَّحِيَّةِ) أَيْ: لَمْ يَنْوِ التَّحِيَّةَ لَا أَنَّهُ صَرَفَ صَلَاتَهُ عَنْهَا وَإِلَّا انْصَرَفَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى ذَيْنِ) هَلَّا عَطَفَهُ عَلَى الْعِيدِ وَصَوَّرَهُ بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِجْنَابَ وَذَيْنِ وَلَعَلَّ الْمَانِعَ عِنْدَهُ لُزُومُ التَّكْرَارِ بِقَوْلِهِ أَوْ فَرِيدًا مِنْ ذَيْنِ سم (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ أَعَمُّ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَأَنَّ التَّدَاخُلَ لَا يَخْتَصُّ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ اخْتِصَاصُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا سِيَّمَا الْجِنْسُ الْوَاحِدُ كَمَا فِي مُدَّعَانَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَصْحِيحِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ) الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ أَوْ ذَيْنِ أَوْ فَرِيدًا مِنْ ذَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ دُونَهُمَا إلَخْ) وَهَذِهِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْأُولَى أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ نَوَى الْإِجْنَابَ؛ لِأَنَّ صُورَةَ تِلْكَ أَنَّهُ نَوَى الْإِجْنَابَ وَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ بِدَلِيلٍ، أَوْ جُمُعَةٍ وَالتَّثْنِيَةُ فِي يَجْعَلَا وَصُورَةُ هَذِهِ أَنَّهُ نَوَى الْإِجْنَابَ وَقَدْ طُلِبَا مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: رَفْعَ حَدَثٍ) فِي هَذَا التَّقْدِيرِ مُنَاقَشَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَعَلَ حِينَئِذٍ قَوْلَهُ أَصْغَرَ تَابِعًا لِرَفْعٍ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَيْسَ الْمَوْصُوفُ بِالْأَصْغَرِ الرَّفْعَ بَلْ الْحَدَثَ أَوْ الْحَدَثَ اقْتَضَى ذَلِكَ جَرَّ أَصْغَرَ مَعَ أَنَّهُ فِي
ــ
[حاشية الشربيني]
وَإِنَّمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الشَّارِحُ) أَيْ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُحِدَّةِ) فَيَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ الطِّيبِ إذَا تَطَيَّبَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدُ
(قَوْلُهُ: حَصَلَ الْمَنْوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ) أُخِذَ هَذَا مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ حَصَلَا جَوَابًا لِهَذَا أَيْضًا وَقَالَ أَوْ الْعِيدُ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. اهـ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ فَقَطْ) فَلَهُ فِعْلُ غَيْرِهَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: تَحْصُلُ) فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْفَرْضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إشْغَالُ) كَأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ شَغْلٌ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) فَإِنَّهُ أَشَدُّ فِي التَّدَاخُلِ مِنْ الْجِنْسَيْنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى وَحْدَةِ الطَّهَارَةِ وَالْجِنْسِيَّةِ بِخِلَافِ الْجِنْسَيْنِ فَإِنَّ فِيهِمَا الْجِهَةَ الْأُولَى فَقَطْ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الَّتِي سَلَكَهَا الْمُصَنِّفُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً عِنْدَ الشَّارِحِ إذْ لَا يَشْرَحُهُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقَتِهِ فَلَا يَرِدُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَجَوَابُ الشَّرْطِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ حَصَلَ الْمَنْوِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى آخِرِ الشَّرْحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ نَوَاهُ مَعَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ حَصَلَتْ) وَجْهُ إفْهَامِ هَذَا قِيَاسُهُ عَلَى نِيَّتِهِ مَعَ أَحَدِهِمَا إذْ لَا فَرْقَ كَمَا أَنَّ وَجْهَ إفْهَامِ مَا بَعْدَهُ قِيَاسُهُ عَلَى نِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ أَحَدِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ هَذَا الْإِفْهَامُ إنَّمَا يَسْلَمُ مُقْتَضَاهُ عَلَى قَوْمِهِ. اهـ.