لَمْ يُرْفَعْ) أَيْ: الْإِجْنَابُ (عَنْ الرَّأْسِ فَقَطْ مِنْ بَيْنِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) أَيْ: ارْتَفَعَ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ سِوَى الرَّأْسِ وَعَلَّلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (عُلِّلَا) أَيْ: عَدَمُ ارْتِفَاعِهِ عَنْ الرَّأْسِ (بِأَنَّ غَسْلَ الرَّأْسِ كَانَ بَدَلَا) عَنْ مَسْحِهِ الَّذِي هُوَ فَرْضُهُ فِي الْأَصْغَرِ وَهُوَ إنَّمَا نَوَى الْمَسْحَ وَالْمَسْحُ لَا يُغْنِي عَنْ الْغُسْلِ وَأَمَّا ارْتِفَاعُهُ عَنْ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلِأَنَّ غُسْلَهَا وَاجِبٌ فِي الْحَدَثَيْنِ وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ وَأَمَّا عَدَمُ ارْتِفَاعِهِ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ وَخَرَجَ بِالْغَلَطِ الْعَمْدُ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمَتْنِ مَنْصُوبٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجُوزَ التَّخَالُفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمَزْجِ كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ نُخْبَتِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُرْفَعْ إلَخْ) أَقُولُ إنْ كَانَ الْفَرْضُ أَنْ لَا أَصْغَرَ عَلَيْهِ فَمَا تَقَرَّرَ وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ أَعَمَّ فَهُوَ مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَاهُ فَقَدْ نَوَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ ارْتِفَاعُهُ فَقَطْ دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْجَنَابَةِ سَوَاءً نَوَاهُ عَمْدًا أَمْ غَلَطًا بَلْ لَا يَتَحَقَّقُ غَلَطٌ حِينَئِذٍ كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ تَلَاعُبٌ بِدُونِ قَصْدِ التَّلَاعُبِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى شَيْئًا مُعَيَّنًا هُوَ عَلَيْهِ فَيَرْتَفِعُ إذْ لَا مَانِعَ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ نِيَّةُ مَا هُوَ عَلَيْهِ لِمُجَرَّدِهَا تَلَاعُبًا وَلَا أَنْ تَكُونَ غَلَطًا إلَّا بِمَعْنَى سَبْقِ لِسَانِهِ إلَى غَيْرِ مَا أَرَادَ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ مِنْ الْغَلَطِ هُنَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادَ إذْ مُجَرَّدُ سَبْقِ اللِّسَانِ لَا أَثَرَ لَهُ وَالِاعْتِبَارُ بِمَا فِي الْقَلْبِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا اعْتِقَادُهُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي نَوَاهُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْوَاقِعِ وَلَا تَرْتَفِعُ الْجَنَابَةُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْأَصْغَرِ الْمُطَابَقَةُ لِلْوَاقِعِ لَا تَصْلُحُ لِلْجَنَابَةِ وَلَا تَتَضَمَّنُهُ بَلْ تُصْرَفُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ الْمَوْجُودَيْنِ بِخُصُوصِهِ صَارِفٌ عَنْ قَصْدِ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَعْمِيمَ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لِنَحْوِ الْجَنَابَةِ وَكَانَتْ الْجَنَابَةُ حَاصِلَةً فِي الْوَاقِعِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذَكَرَهَا لَمْ يَقْصِدْ بِالتَّعْمِيمِ إلَّا هِيَ عُدَّ قَصْدُ الْأَصْغَرِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلَطًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْغَلَطِ هُنَا مُجَرَّدَ نِيَّةِ غَيْرِ مَا حَقُّهُ وَشَأْنُهُ أَنْ يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْغَلَطِ أَنْ يَظُنَّ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا نَوَاهُ وَإِنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ بَلْ يَصْدُقُ مَعَ الْغَفْلَةِ مُطْلَقًا عَنْ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ مِمَّا عَلَيْهِ بَقِيَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ نَاوِيًا الْأَصْغَرَ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَتَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ عَمَّا عَدَا الرَّأْسَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ لَا؟ بَلْ يَرْتَفِعُ الْأَصْغَرُ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ: عَنْ الرَّأْسِ) وَيَرْتَفِعُ عَنْهَا الْأَصْغَرُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَسْحِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ وَحِينَئِذٍ تُشْكِلُ الْمَسْأَلَةُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَصْغَرُ وَحِينَئِذٍ تُشْكِلُ الْمَسْأَلَةُ كَمَا بَسَطْنَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: أَيْ ارْتَفَعَ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) وَفِي ارْتِفَاعِهِ عَمَّا غُسِلَ مِنْ مَوْضِعِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ تَرَدُّدٌ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ ارْتِفَاعِهِ عَمَّا عَدَا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ بِارْتِفَاعِهِ إذَا نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ ارْتَفَعَ عَمَّا شَمِلَتْهُ النِّيَّةُ وَالنِّيَّةُ هُنَا لَمْ تَشْمَلْ غَيْرَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا لَا يَتِمُّ غُسْلُهُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) حَتَّى بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر وَيَخْرُجُ مَوْضِعُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ غَسْلِهَا بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ مُعْتَبَرَةٍ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لَمْ يَرْفَعْ) أَيْ الْإِجْنَابَ، أَمَّا الْأَصْغَرُ فَيَرْفَعُ عَنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْمَسْحَ حَيْثُ نَوَى رَفْعَ الْأَصْغَرِ وَالْغُسْلُ يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْفَعْ عَنْ الرَّأْسِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ يَرْفَعُ عَنْهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْفَعْ عَنْ الرَّأْسِ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يَرْفَعْ الْأَكْبَرَ عَنْ الرَّأْسِ، وَأَمَّا الْأَصْغَرُ فَقِيلَ لَا يَرْفَعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْمَسْحُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ اغْتَسَلَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: بِأَنْ غَسَلَ الرَّأْسَ إلَخْ وَنَقَلَ م ر عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ عَنْهَا الْأَصْغَرُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي عَنْ الْمَسْحِ وَعَلَى كُلٍّ يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ إنْ أَرَادَ غَسْلَ بَاقِي الْأَعْضَاءِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ ارْتَفَعَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْجَنَابَةِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ) أَيْ الْغُسْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute