للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ. (تَعْزِيرٌ) كَمَا فِي ارْتِكَابِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، وَهُوَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْفَرْعِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَخَرَجَ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدُّ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ مُوسِرًا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَفِي خَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنْتَ وَمَالِكُ لِأَبِيكَ» وَلِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَ مَالَهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ رَقِيقًا أَوْ حُرًّا وَالْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةَ فَرْعِهِ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي مَوَاضِعَ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّهُمَا نَقَلَا فِيهَا هُنَا عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ

(وَيَثْبُتُ النَّسَبْ) لِلْوَلَدِ مِنْ الْوَاطِئِ. (وَضِدُّ رِقِّ وَلَدٍ) أَيْ: وَحُرِّيَّتِهِ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِمَا رَقِيقًا كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ، وَثُبُوتُ حُرِّيَّتِهِ فِي صُورَةِ الرَّقِيقِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ، لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ رَقِيقٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الرَّاجِحُ (لَا قِيمَتُهْ) أَيْ: الْوَلَدِ، فَلَا تَلْزَمُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ أُمِّهِ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْهَا فَانْدَرَجَ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ انْعَقَدَ فِي مِلْكِهِ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الْأُمِّ إمَّا مَعَ الْعُلُوقِ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّاظِمِ الْآتِي وَالنَّوَوِيِّ فِي تَنْقِيحِهِ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةُ نَقْلِ الْمِلْكِ، وَالْمَعْلُولُ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ بِالزَّمَانِ وَيَتَأَخَّرُ عَنْهَا بِالرُّتْبَةِ أَوْ قُبَيْلَهُ لِيَسْقُطَ مَاؤُهُ فِي مِلْكِهِ صِيَانَةً لِحُرْمَتِهِ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِي عَدَمَ لُزُومِ قِيمَةِ الْوَلَدِ لُزُومُهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ

وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَا الْأَصْلُ الرَّقِيقُ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى قَوْلِ الْقَفَّالِ يُطَالَبُ بِهَا إذَا عَتَقَ، وَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي. (وَثَبَتَتْ) بِجِمَاعِهَا، وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُزَوَّجَةً أَوْ مُوصًى بِهَا. (لِأَصْلِهِ) الْحُرِّ، وَلَوْ مُعْسِرًا. (أُمِّيَّتُهْ) أَيْ: أُمَيَّةُ الْوَلَدِ عِنْدَ الْعُلُوقِ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي نَفَتْ الْحَدَّ وَأَوْجَبَتْ الْمَهْرَ. (بِالْمِلْكِ) أَيْ: مَعَ مِلْكِهِ لِلْأُمِّ بِالْعُلُوقِ لِوُجُوبِ اقْتِرَانِ الْعِلَّةِ بِمَعْلُولِهَا زَمَانًا كَمَا تَقَدَّمَ. (بِالْقِيمَةِ) أَيْ: مَعَ وُجُوبِ قِيمَةِ الْأُمِّ عَلَيْهِ لِفَرْعِهِ لِصَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَمَا فِي الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا، وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ قَوْلُ الْوَاطِئِ؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ. (لَا إنْ تُسْتَحَقْ) أَيْ: أُمَيَّةَ الْوَلَدِ. (لِلِابْنِ مِنْ قَبْلُ أَوْ الْوَالِدُ رِقّ) أَيْ: أَوْ كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا، وَلَوْ مُكَاتَبًا، فَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِيهِمَا لِلْأَصْلِ لِتَعَذُّرِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَى فَرْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ الْمِلْكَ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: الْحَدُّ، فَلَا يَجِبُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَهَا فِي الْقُبُلِ، أَمَّا إذَا وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ فِي دُبُرِهَا، بَلْ هُوَ أَوْلَى شَرْحُ رَوْضٍ، وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ إلَخْ فِي نَفْسِ هَذَا نِزَاعٌ يَأْتِي فِي بَابِ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ قَطْعًا) بَيَّنَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدُ لَا يَأْتِي فِي الرَّقِيقِ، فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيمَةُ بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا وَسَيَأْتِي وَلَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ فَتَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قُبَيْلَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يَكْفِي فِي هَذَا الْمُقَارَنَةُ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَصْلُ الرَّقِيقُ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْقِيمَةُ أَيْ: لِلْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرِّيَّتِهِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ: ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ إلَّا أَنَّ الْمُبَعَّضَ يُطَالَبُ بِالْبَعْضِ أَيْ: بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ، وَأَمَّا الْمَهْرُ أَيْ: مَهْرُ الْمَوْطُوءَةِ، فَإِنْ أَكْرَهَهَا الرَّقِيقُ فَفِي رَقَبَتِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ اهـ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ كَمَا بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَالرَّقِيقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ الْمُعَارَةِ وَيَنْبَغِي حَيْثُ تَعَلَّقَ الْمَهْرُ بِرَقَبَةِ الرَّقِيقِ تَعَلَّقَ مَا يُقَابِلُ الْبَعْضَ الرَّقِيقَ مِنْ الْمُبَعَّضِ بِذَلِكَ الْبَعْضِ

(قَوْلُهُ: لِأَصْلِهِ الْحُرِّ) خَرَجَ غَيْرُ الْحُرِّ حَتَّى الْمُبَعَّضِ فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضِ. (فَرْعٌ)

فَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا أَوْ مُبَعَّضًا، وَلَوْ مُكَاتَبًا أَيْ: وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا فَلَا اسْتِيلَادَ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ وَالْمُبَعَّضَ وَالْمُكَاتَبَ لَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ بِإِيلَادِهِمَا أَمَتَهُمَا فَبِإِيلَادِ أَمَةِ وَلَدِهِمَا بِالْأَوْلَى اهـ لَكِنَّ قَوْلَهُ: لَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ بِإِيلَادِهِمَا أَمَتَهُمَا مَمْنُوعٌ فِي الْمُبَعَّضِ، بَلْ الرَّاجِحُ فِيهِ ثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ بِإِيلَادِ أَمَتِهِ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ بِإِيلَادِ الْمُبَعَّضِ أَمَةَ فَرْعِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِإِيلَادِهِ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ فَرْعِهِ وَغَيْرِهِ، بَلْ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى م ر. (قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ) ، وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ لَهَا مُدَّةً وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا وَلَا يَعْلَمُ مَتَى عَلِقَتْ بِالْوَلَدِ فَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْقَفَّالِ اعْتِبَارُ قِيمَتِهَا فِي آخِرِ زَمَنٍ يُمْكِنُ عُلُوقُهَا بِهِ فِيهِ، وَذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ وِلَادَتِهَا ثُمَّ قَالَ: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا قَبْلَ زَمَنِ الْعُلُوقِ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيمَتِهَا مِنْ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا إلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ: أَمَةَ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ) ، فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ قُلْتُ: بَلْ يَأْتِي؛ لِأَنَّ انْتِقَالَ هَذَا لَا سَبَبَ لَهُ إلَّا ثُبُوتُ الْأُمِّيَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِي الْمُكَاتَبِ فَصَحَّ أَنَّ انْتِقَالَ الْمِلْكِ إلَيْهِ هُنَا مُتَعَذِّرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْوَالِدِ لَا يَكُونُ إلَّا شُبْهَةً وَوَلَدُ الشُّبْهَةِ حُرٌّ. اهـ. م ر سم

(قَوْلُهُ: أَوْ قُبَيْلَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر تَبَعًا لِابْنِ الْمُقْرِي وَقَالَ: كَمَا يَقْتَضِيهِ تَرْجِيحُهُمْ عَدَمَ وُجُوبِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>