وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الرِّدَّةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رِدَّتِهِ وَرِدَّتِهَا، وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: تَقْيِيدُهُ بِرِدَّتِهَا أَمَّا رِدَّتُهُ فَكَطَلَاقِهِ بِلَا عُذْرٍ بَلْ أَوْلَى
(وَالْعَصَبَاتُ) ، وَإِنْ بَعُدَتْ (قُدِّمَتْ) ، فَلَوْ اجْتَمَعَ أَصْلَانِ مُحْتَاجَانِ وَضَاقَ مَالُ الْفَرْعِ عَنْ إعْفَافِهِمَا جَمِيعًا قُدِّمَ أَبُو أَبِي الْأَبِ عَلَى أَبِي الْأُمِّ فَإِنْ اسْتَوَيَا عُصُوبَةً أَوْ عَدِمَهَا. (فَالْأَدْنَى) أَيْ: الْأَقْرَبُ مُقَدَّمٌ كَأَبِي أَبٍ مَعَ أَبِي أَبِي أَبٍ وَكَأَبِي أُمٍّ مَعَ أَبِي أَبِي أُمٍّ (وَبِاسْتِوَاءٍ) أَيْ: وَمَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْعَصَبَةِ كَأَبِي أَبِي أُمٍّ وَأَبِي أُمِّ أُمٍّ. (إنْ يَضِقْ) مَالُ الْفَرْعِ عَنْ إعْفَافِهِمَا. (أَقْرَعْنَا) بَيْنَهُمَا لِتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ فَقَوْلُهُ: إنْ يَضِقْ قَيْدٌ فِي التَّقْدِيمِ بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَخَرَجَ مَا لَوْ اتَّسَعَ مَالُهُ فَيَعِفُّ الْجَمِيعَ
(وَبِالنَّهَارِ) لَا بِاللَّيْلِ. (اسْتَخْدَمَ) جَوَازًا. (السَّيِّدُ) ، وَلَوْ بِغَيْرِهِ كَأَنْ آجَرَ. (مَنْ) أَيْ: أَمَةً لَهُ (زَوَّجَهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَيْ اسْتِخْدَامِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِهَا، وَقَدْ نَقَلَ الثَّانِيَةَ لِلزَّوْجِ فَتَبْقَى لَهُ الْأُخْرَى يَسْتَوْفِيهَا بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّمَتُّعِ كَمَا فِي عَكْسِهِ فِي إجَارَتِهَا، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ خَلْوَتِهِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُهَا، وَلَا بِتَحْرِيمِ نَظَرِهِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْمُكَاتَبَةَ. (وَالزَّوْجُ لَمْ يُنْفِقْ) أَيْ: لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ (إذَنْ) أَيْ: حِينَ اسْتَخْدَمَهَا سَيِّدُهَا نَهَارًا، وَإِنْ تَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ لَيْلًا؛ لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ التَّامِّ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّهَارِ التَّابِعِ لَهُ اللَّيْلُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهَا لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (وَأَخْذُهَا) جَائِزٌ.
(لِلزَّوْجِ لَيْلًا) أَيْ: وَقْتَ فَرَاغِهَا مِنْ الْخِدْمَةِ عَادَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ تَخْلِيَةِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ الْمُتَزَوِّجَ لِلتَّمَتُّعِ وَفِيمَا قَالُوهُ مِنْ تَخْلِيَةِ الْأَجِيرِ لِلْخِدْمَةِ لِلِاسْتِرَاحَةِ لَيْلًا فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ: أَنَّ وَقْتَ أَخْذِهَا مُضِيُّ ثُلُثِ اللَّيْلِ تَقْرِيبٌ. (لَا فِي غَيْرٍ) أَيْ: غَيْرِ اللَّيْلِ، وَهُوَ
ــ
[حاشية العبادي]
يَحْتَمِلُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ تَمُتْ الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا، وَإِلَّا وَجَبَ التَّجْدِيدُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ وَلَمْ يَعْتِقْ وَجَبَ التَّجْدِيدُ إذَا مَاتَتْ. (قَوْلُهُ: رِدَّتِهِ) وَكَرِدَّتِهِ رِدَّتُهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى م ر
(قَوْلُهُ: وَالْعَصَبَاتُ قُدِّمَتْ) إنْ قُلْتَ: لِمَ قَدَّمَ الْوَارِثَ هُنَا عَلَى الْأَقْرَبِ وَعَكَسَ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ؟ قُلْتُ: أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَارِثُ مِنْ الْفُرُوعِ قَدْ يَكُونُ عَصَبَةً، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَبِنْتِ الِابْنِ اعْتَبَرْنَا الْقُرْبَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الشَّفَقَةِ، وَلَمَّا كَانَ الْوَارِثُ مِنْ الْأُصُولِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُصُوبَةِ اعْتَبَرْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى بِرّ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ أَبُو أَبِي الْأَبِ) ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ. (قَوْلُهُ: بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ: الْعُصُوبَةِ وَالْقُرْبِ وَالْقُرْعَةِ
(قَوْلُهُ: فِي إجَارَتِهَا) فَإِنَّهُ فِيهَا نَقَلَ الْأُولَى فَبَقِيَتْ الثَّانِيَةُ يَسْتَوْفِيهَا بِاللَّيْلِ. (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيمِ خَلْوَتِهِ بِهَا) ، الْمُعْتَمَدُ حِلُّ خَلْوَتِهِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَعَهُ كَالْمَحْرَمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ النِّكَاحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْمُكَاتَبَةَ) أَيْ: كِتَابَةً صَحِيحَةً فَتُسَلَّمُ لَيْلًا وَنَهَارًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قِيلَ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ ذَلِكَ عَلَيْهَا تَحْصِيلَ النُّجُومِ، وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْ النَّهَارِ اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مُهَايَأَةٌ فَهِيَ فِي نَوْبَتِهَا كَالْحُرَّةِ وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهَا كَالْقِنَّةِ، وَإِلَّا فَكَالْقِنَّةِ شَرْحُ رَوْضٍ.
(قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ لَمْ يُنْفِقْ إذَنْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَوْلُهُ: أَيْ: الْحَاوِي وَلَا نَفَقَةَ إذَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُسْقِطَ لِنَفَقَةِ الْأَمَةِ هُوَ اسْتِخْدَامُهَا نَهَارًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا الْمُسْقِطُ لِنَفَقَتِهَا حَبْسُهَا عَنْ زَوْجِهَا لَا اسْتِخْدَامُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهَا إلَى زَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَقَالَ لَهَا: اعْمَلِي لِي كَذَا وَكَذَا وَقْتَ اشْتِغَالِ زَوْجِكِ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَعَمِلَتْ ذَلِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا مَعَ اشْتِغَالِ الزَّوْجِ عَنْهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا اهـ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيُجَابُ عَنْ الْحَاوِي بِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ يَسْتَلْزِمُ الْحَبْسَ غَالِبًا فَلِذَا اعْتَبَرَهُ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ التَّامِّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ لَيْلًا لِوُجُوبِ الْمَهْرِ وَلَيْلًا وَنَهَارًا لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَلَوْ لِلْحُرَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهَا لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا) لَوْ تَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارٍ وَاسْتَمَرَّ التَّسْلِيمُ فِيمَا بَعْدَهُ وَجَبَ قِسْطُ بَقِيَّةِ ذَلِكَ النَّهَارِ وَنَفَقَةٌ كَامِلَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: لِلْخِدْمَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَجِيرِ، وَقَوْلُهُ: لِلِاسْتِرَاحَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّخْلِيَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
سَرَّى أَمَةً فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ الْإِعْسَارِ، وَضَابِطُ الْمِطْلَاقِ كَمَا مَرَّ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ لَا دُونَهَا، وَلَوْ ثَلَاثًا دَفْعَةً وَمِنْ زَوْجَتَيْنِ قَالُوا: وَسُئِلَ الْحَاكِمُ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي عِتْقِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَعْتَقَ قَبْلَ الْحَجْرِ لِعُذْرٍ وَجَبَ التَّجْدِيدُ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمِطْلَاقِ فَلِمَ حَجَرَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَائِدَتُهُ حِفْظُ الْمَالِ فَإِنَّ شَأْنَ الْمِطْلَاقِ أَنْ يُفَارِقَ، وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْعَصَبَةِ كَأَبِي أَبِي الْأُمِّ إلَخْ) مَثَّلَ بِأَبِي أَبِي الْأُمِّ وَأَبِي أُمِّ الْأُمِّ لِتَنْتَفِيَ الْعُصُوبَةُ فَإِنَّهَا فِي جِهَةِ الْأَبِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ، وَإِنْ بَعُدَتْ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: وَبِالنَّهَارِ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ الِاسْتِخْدَامَ بِالنَّهَارِ وَالرَّاحَةَ بِاللَّيْلِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْعَادَةِ. اهـ. ق ل